شريف عارف

مصر بعد 150 عاماً من "أوبرا عايدة "

الخميس، 16 ديسمبر 2021 10:50 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أيام قليلة، ويمر 150 عاماً على العرض الأول لأوبرا "عايدة" في مصر، على مسرح تياترو " الأوبرا الخديوية" بوسط القاهرة.

العمل الأوبرالي العظيم الذي أبهر العالم على مدى قرن ونصف القرن، تم اكتشاف مخطوطاته في وادي النيل، والتي تروي قصة فريدة ومثيرة من 4 صفحات، أبدعها فيما بعد ميريت باشا عالم المصريات الفرنسي الشهير في شكل درامي مستوحى من الحضارة المصرية القديمة، تتضمن لوحات راقصة يتخللها، أغاني موسيقية على 4 فصول تجسد الصراع بين الواجب والعاطفة، وتصف قصة الحب التي ولدت بين الأسيرة الحبشية عايدة وراداميس قائد الجيش المصري، الذي حكم عليه فرعون مصر بالإعدام بعد أن ثبتت عليه محاولته للهرب مع عايدة إلى الحبشة.

بعد أن تمت ترجمة نص " أوبرا عايدة" ، عهد حاكم مصر الخديوي إسماعيل، إلى الموسيقار الإيطالي الشهير فيردي في عام 1870، وضع الموسيقى ، ووضعت الدولة المصرية كل إمكاناتها لخدمة هذا العمل.

وحظيت أوبرا عايدة برعاية شخصية من الخديوي، كما صادف مبنى الاوبرا ذاته نفس الرعاية، وتم تصميم ديكورات وملابس العرض في باريس وتكلفت نحو 250 ألف فرنك.

 قُدمت "أوبرا عايدة" لأول مرة في نهاية ديسمبر من عام 1871 على مسرح الاوبرا الخديوية بمصر، وعرضت بعدها بأسابيع قليلة، في أوروبا لأول مرة كعرض عالمي على مسرح تياترو لاسكالا في ميلانو بإيطاليا في فبراير 1872. وظلت " عايدة" على مدى القرن ونصف القرن تعرض في جميع أنحاء العالم، حاملة عبق التاريخ المصري القديم إلى الدنيا.

اليوم ونحن أمام هذا الحدث الكبير، والظرف الوطني الذي لايقل  عن هذا الحدث، باستعداد مصر لافتتاح مدينة الثقافة والفنون، لابد للدولة المصرية أن تقدم عملاً جديداً لا يقل أهمية عن "عايدة"، عمل يجسد ملحمة من ملاحم التاريخ الوطني لمصر، عمل يبقى لقرون أخرى.

المدينة الأضخم عالمياً في اعتقادي، هي مقدمة للمشروع الثقافي المصري في الجمهورية الجديدة، كما كانت دار "الأوبرا القديمة" ركيزة للمشروع الثقافي المصري، عندما شيدها الخديوي إسماعيل قبل 150 عاماً، لتتوسط عاصمة مصر الحديثة، التي كانت بحق "باريس الشرق". وربما يعيد التاريخ نفسه في هذا المضمار على وجه التحديد، فالشواهد كلها تؤكد أننا على مشارف مشروع ضخم سيحدث نقلة نوعية في المشروع الثقافي المصري.

دولة " 30 يونيو"، وهي تبدأ "جمهوريتها الجديدة" ، كان لزاماً عليها أن تنفض الغبار من على الوجدان المصري، وأن تعيد مصر إلى أبهى عصور التنوير.

المشهد العام لمدينة الثقافة والفنون ، يستهدف بالدرجة الأولى، إعادة بناء الوجدان المصري، المستمد من تاريخ عميق ومؤثر لحضارة وادي النيل، وموروث شعبي يمتد إلى الآف السنين، أضاءت مصابيحه ظلام الدنيا، وقدمت العلم للبشرية بأسرها.

مشروع مدينة الثقافة والفنون ودار الأوبرا الجديدة بالعاصمة الإدارية، مقام على مساحة 127 فدانا، من جزئين وتربطهما مسلتين فرعونية من صان حجر بمحافظة الشرقية ، الأول دار الأوبرا والثاني مدينة الفنون، وهي الأكبر على مستوى العالم.

كان الهدف العميق من إحضار المسلتين من صان الحجر إلى العاصمة الجديدة، هو الربط بين التراث الفرعوني والتراث الحديث، إضافة إلى التنوع الكبير، في أنشطة  الثقافة والترفيه ، والتي تتمثل في مكتبة الطفل والصالون الثقافي وبيت العود والمسرح الروماني ومبنى الموسيقى المعاصرة والسينما الوثائقية والمسرح المكشوف والغابة الشجرية.

المذهل حقاً أن دار الأوبرا الجديدة، هي فريدة من نوعها، ولا يوجد مثيل لها، وهي الأكبر في الشرق الأوسط، فهي تتكون من 5 قاعات، القاعة الرئيسية بها 2200 مقعد بتقنية حديثة، والقاعة الثانية هي قاعة الدراما وبها 632 مقعدا، وقاعة الموسيقى على شكل شجرة اللوتس لأول مرة في مصر وبها 1168 كرسياً، والرابعة متحف الشمع لأول مرة على أرض مصر، والقاعة الخامسة قاعة التدريب.

دار الأوبرا الجديدة بالمدينة، هي أكبر دار أوبرا في الشرق الأوسط، تضم قاعة رئيسية تصل سعتها ٣٥٠٠ فرد مقامة وفقاً لأحدث التقنيات الهندسية من إضاءات تخصصية وأنظمة صوتية إلى جانب مسرحاً للدراما والأداء الحركي.

مصر أمام نقلة ثقافية كبرى ..تطلب عملاً أوبراليا يجسد كل هذا الواقع وكفاح المصريين .. يبقى شاهداً لقرون مقبلة على عظمة العمل الذي نحن بصدده الأن.









الموضوعات المتعلقة

"جاهزية مصر "للمنافسة الدولية

الخميس، 02 ديسمبر 2021 11:14 ص

مكتبات "ملغومة" .. وأفكار "مسمومة"

الخميس، 18 نوفمبر 2021 11:24 ص

أخبار " تكذب" .. ولا تتجمل

الخميس، 11 نوفمبر 2021 09:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة