ما المنتظر من القمة العربية بالمنامة 2024 ؟

الإثنين، 13 مايو 2024 08:00 ص
ما المنتظر من القمة العربية بالمنامة 2024 ؟ الجامعة العربية
وكالات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تستعد البحرين لأول مرة، سواء على مستوى القمم العربية العادية أو الطارئة، لاستضافة اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة فى دورته العادية الثالثة والثلاثين، والمقرر عقدها فى 16 مايو 2024، وتتزايد آمال الشارع العربى فى أن تأتى مخرجات القمة لتتواكب مع التطورات المفصلية التى تمر بها المنطقة العربية، لا سيما فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلى على غزة منذ عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023، بحسب تقرير نشرته القاهرة الإخبارية.

فما تقوم به إسرائيل من عمليات إبادة جماعية للشعب الفلسطينى الأعزل فى قطاع غزة، أدت إلى تدمير البنية الأساسية للقطاع، وسقوط ما يقرب من 100 ألف فلسطينى ما بين شهيد وجريح، وهو ما قد يؤدى إلى اتساع نطاق الصراع وتمدده واندلاع حرب إقليمية شاملة بدت مؤشراتها فى الضربات الإيرانية الإسرائيلية المتبادلة، وإن بدت تحت السيطرة، فى ظل الحالة الرخوة التى تعيشها عدة دول عربية منها اليمن، ولبنان، والسودان، وليبيا، والصومال.

توقيت الانعقاد

يأتى انعقاد القمة العربية بالمنامة 2024، فى ظل سياقات إقليمية ودولية ضاغطة على المنطقة العربية، أدت إلى تزايد التحديات المعقدة والمتداخلة معًا، وبما يتطلب ضرورة التوصل إلى قرارات بنّاءة تسهم فى تعزيز التضامن العربي، ودعم جهود إحلال السلام والأمن والاستقرار فى المنطقة التى بدت على مشارف مرحلة جديدة من التغيرات والتحولات الفارقة فى مسيرتها، لذلك يأتى الانعقاد ليتزامن مع العديد من تلك التحديات لعل أبرزها:

أولها.. التحديات الإقليمية وما ترتبط بسعى القوى الإقليمية غير العربية لتنفيذ مشاريعها داخل المنطقة العربية سواء ما يتعلق بالمشروع الإسرائيلى الذى يشكّل التصعيد فى غزة أحد ملامحه بعد أن وصلت الحكومة الأشد يمينية فى تاريخ إسرائيل إلى سُدة الحكم برئاسة رئيس الوزراء الحالى بنيامين نتنياهو، وما تتبناه الحكومة من مشروعات تسعى للتوسع والضغط لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم كما يحدث فى غزة، وزيادة الاستيطان كما يحدث فى الضفة الغربية. أما المشروع الإيرانى فيرتبط بالسعى لتحول إيران لقوة إقليمية، تتجلى فى امتلاكها للعديد من الأذرع داخل المنطقة العربية مثل الحوثى فى اليمن، والحشد الشعبى فى العراق، وحزب الله فى لبنان، وهى الأذرع التى تحول دون الحفاظ على وحدة وتماسك الدولة فى تلك المناطق، كما تجعل القرار الوطنى رهنًا بتجاذبات الخارج.

ثانيها.. التحديات الدولية التى تتجسد فى دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث دون وجود أفق سياسى منظور للتسوية السلمية للصراع، وهو الصراع الذى يرتبط بالأساس بسعى روسيا والدول المساندة لها، لإحداث تحول فى طبيعة النظام الدولى السائد والقائم على الأحادية القطبية إلى نظام دولى متعدد الأقطاب يستوعب مصالح القوى الدولية الصاعدة وفى مقدمتها روسيا والصين. وهنا يثار التساؤل حول موقع النظام الإقليمى العربى فى مستقبل الترتيبات الدولية المقبلة، وما إذا كانت الجامعة العربية، كإطار تنظيمى لذلك الإقليم بهويته وقيمه ومصالحه وحدوده، قادرة على حمايته ضد مصادر التهديدات الداخلية والخارجية أم أن ميثاقها ونظام التصويت بداخلها يحتاج لإعادة النظر حتى تتمكن الدول العربية من مواكبة التطورات المفصلية التى تحدث على مستوى تفاعلات النظام الدولى الجديد، الذى لا يزال قيد التشكيل وتصبح لهم مكانتهم التى تليق بمصادر القوة التى تمتلكها بلدانهم من موارد طبيعية وبشرية.

وثالثها.. التحديات الاقتصادية والاجتماعية، حيث تواجه المنطقة العربية العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية،ومنها تراجع نمو الاقتصادات العربية بمعدلات لا تلبى احتياجات التنمية وزيادة السكان وتوقعاتهم، بما يجعل المديونيات العامة المحلية والخارجية فى وضع حرج، وهو ما كان له تداعياته المجتمعية المباشرة على تراجع دور الطبقة الوسطى فى المنطقة العربية بسبب تأثرها بالأزمات الاقتصادية من ارتفاع للأسعار وتزايد للتضخم، وتراجع معدلات التشغيل، وهى الطبقة التى تشكل العمود الفقرى للمجتمعات العربية باعتبارها حارسة القيم وبها المخزون الحضارى من مثقفين وأدباء وعلماء فى مختلف التخصصات، لذلك فإن الحفاظ على تماسكها وحمايتها من التراجع باستهدافها اقتصاديًا على المستوى الداخلى بإجراءات داعمة، لا سيما أن منظمة العمل الدولية توقعت أن تظل معدلات البطالة فى المنطة العربية مرتفعة عند حدود 9.8% خلال عام 2024.

وعلى المستوى الاقتصادى العربى فإن الأمر يتطلب تعزيز التكامل الاقتصادى العربى لخلق فرص تشغيل تتناسب مع حجم تلك الطبقة، لا سيما أن الدول العربية خطت خطوات مهمة نحوه منذ انطلاق منطقة التجارة الحرة العربية التى تستهدف زيادة مستويات التجارة البينية السلعية وإزالة الحواجز الجمركية، وصولًا للاتحاد الجمركى العربى الذى سيستتبعه التفاوض للوصول إلى السوق العربية المشتركة كدرجة أعمق من درجات التكامل الاقتصادى العربي، وهو ما يتطلب أيضًا دعم جهود تنويع الهيكل الإنتاجى للدول العربية.

جامعة الدول العربية

فى ظل التحديات المعقدة التى تواجه المنطقة العربية سواء على مستوى تفاعلات الإقليم أو على مستوى تفاعلات النظام الدولي، فإن أجندة القمة من المحتمل أن تناقش العديد من القضايا والملفات المرتبطة بمواجهة تلك التحديات التى تؤثر على مستقبل تفاعلات النظام الإقليمى العربى داخليًا وخارجيًا. لذلك يمكن الإشارة إلى أبرز تلك الملفات فى التالي:

العدوان الإسرائيلى على غزة

تعد القضية الفلسطينية بندًا رئيسيًا على جدول أعمال القمم العربية، وهو ما أكده الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط فى تصريحات له فى 21 أبريل 2024 من أن القضية الفلسطينية مطروحة على كل اجتماعات الجامعة العربية، وأنه تتم مناقشتها من قِبل العديد من الدول العربية، وقد عبّر عن تلك الأهمية أيضًا السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، عندما أشار إلى أن الاجتماع المقبل لمجلس الجامعة سيتطرق إلى تداعيات استمرار الحرب فى غزة، كما سيتم خلاله الاستماع إلى إحاطة معمقة من المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى الأرضى الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز. وبالتالى فإن ملف العدوان الإسرائيلى على غزة والتهديد الإسرائيلى بالاجتياح البرى لمدينة رفح الفلسطينية يتطلب من القادة العرب قدرًا مناسبًا من التنسيق للتوصل إلى موقف عربى موحد يضغط لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة بالتشبيك مع القوى الدولية وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التى لا تزال ترفض وفق تصريحات مسؤوليها أى اجتياح لرفح الفلسطينية دون الأخذ فى الاعتبار حال المدنيين الموجودين بها، بالتزامن مع ذلك فإن قضية المساعدات الإنسانية وتنظيم دخولها إلى قطاع غزة الذى يعانى وضعًا كارثيًا تصبح من الملفات المحتمل مناقشتها على جدول أعمال القمة العربية المقبلة بالمنامة.

الأزمات فى دول الصراعات العربية

تشكل الأزمات فى دول الصراعات العربية من القضايا المطروحة بشكل دائم على جدول أعمال القمم العربية، فالأزمة السودانية تدخل عامها الثانى دون وجود أى أفق سياسى لتوقف الحرب الأهلية التى تهدد أمن السودان واستقلاله، ووحدته وسلامته الإقليمية فى ظل صراعات وانقسامات داخلية بين مكونات المجتمع السوداني، بما فى ذلك مكونه العسكرى الأمنى الذى يتجسد فى كيانات عسكرية نظامية وأخرى غير نظامية أدت إلى نزوح ما يقرب من ستة ملايين سودانى داخل السودان وخارجها. لذلك فإن هناك حاجه ملحة لأن يتم احتواء الصراع فى السودان ومنع تمدده إقليميًا لا سيما فى مناطق الجوار الهشة مثل الساحل وجنوب البحر الأحمر، وبالتالى فإن دعم الجامعة العربية للمفاوضات يشكل الأمل لحل الصراع فى السودان، الذى سيعتمد على كيفية التغلب على العقبات الداخلية والخارجية، وتنسيق الجهود الدولية وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة للسكان.

الأزمة الليبية

كما تشكل الأزمة الليبية أيضًا تحديًا للأمن القومى العربي، بما يجعلها ضمن الملفات المحتملة على أجندة القمة العربية المقبلة، لا سيما أن المبعوث الأممى إلى ليبيا عبد الله باتيلى عبّر عن قلقه مما وصفه باستمرار الجمود السياسى الحالى للأزمة السياسية فى ليبيا، وعواقبه على الوضعين الأمنى والاقتصادى للمواطنين الليبيين، وقد نجحت الجامعة العربية فى عقد لقاء بين الأطراف الرئيسية فى الأزمة الليبية مارس 2024، وبرغم اتفاق رؤساء مجالس: الرئاسى محمد المنفي، والنواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة محمد تكالة بمقر جامعة الدول العربية على ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على الانتخابات، إلا أن ذلك التعهد لم يترجم على أرض الواقع بما يحتاج لتجديد دعم جامعة الدول العربية لتشكيل حكومة موحدة تتمكن من الإشراف على الاستحقاقين الانتخابيين، الرئاسى والنيابي.

أما على صعيد الأزمة اليمنية فإن توقيع الاتفاق السعودى الإيرانى باستعادة العلاقات الدبلوماسية سيكون له تأثيرة على التهدئة فى اليمن بين الفرقاء، بما يعطى للجامعة العربيةإمكانية أن تساعد فى دعم الحوار اليمني-اليمني، حتى تتمكن مؤسسات الدولة من القيام بأدوارها وصولًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

الأزمة الإثيوبية – الصومالية

تشكل الأزمة الإثيوبية الصومالية إحدى القضايا المحتمل أن تطرح على أجندة أعمال القمة العربية المقبلة، لا سيما بعد أن وقّعت إثيوبيا اتفاقًا مع إقليم أرض الصومال – غير المعترف به دوليًا– لإنشاء ميناء تجارى وقاعدة عسكرية فى مدخل البحر الأحمر. وقد أعربت الجامعة العربية على لسان المتحدث الرسمى باسم الأمين العام للجامعة جمال رشدى عن رفض وإدانة أى مذكرات تفاهم تحل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية، كما أكد البرلمان العربى رفضه التام لأى محاولات لانتهاك سيادة واستقلال ووحدة الصومال، مطالبًا إثيوبيا بالإلتزام بقواعد ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية، بما يحقق الأمن والاستقرار فى المنطقة. لذلك من المحتمل أن تكون تلك القضية على أجندة القمة المقبلة، لا سيما أن تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أكدت أن القانون الدولى والمصالح الدولية يرفضان المنهج الإثيوبى فى فرض سياسة الأمر الواقع على المجتمع الدولي.

الأمن الغذائى العربى

يمثل الأمن الغذائى العريى أحد أهم التحديات التى تواجه المنطقة العربية، الأمر الذى أكده تقرير صادر فى مارس 2024 عن كل من منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، والإسكوا بأن مستويات الجوع وسوء التغذية وصلت إلى مستويات حرجة فى المنطقة العربية، بسبب جائحة كوفيد 19 والحرب فى أوكرانيا التى أعاقت إمكانية الحصول على الأغذية الأساسية. كما كشف التقرير أن ما يقدر بنحو 53,9 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائى الشديد فى المنطقة العربية فى عام 2021، أى بزيادة قدرها 55% منذ 2010، وزيادة قدرها 5 ملايين عن العام السابق. وتماشيًا مع ذلك الواقع فمن المحتمل أن تكون قضية الأمن الغذائى العربى من أولويات مناقشات القمة المقبلة بالبحرين.

اللاجئون فى المنطقة العربية

تمثل قضية اللاجئين فى المنطقة أحد التحديات التى تواجه دولها سواء أكانت من دول الإرسال أو الممر أو الاستقبال، بما تمثله من عبء اقتصادى وإنسانى وثقافى على الدول المستقبلة، فعلى سبيل المثال وفقًا لأحدث تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة بشأن تتبع عمليات النزوح حول العالم، أجبر أكثر من 7,7 مليون سودانى على الفرار من منازلهم، منهم 6 ملايين داخل السودان، بينما فر 1,7 مليون آخرون عبر الحدود إلى دول جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا ومصر وجمهورية إفريفيا الوسطى وليبيا. لذلك تعد قضية اللاجئين فى المنطقة العربية من القضايا التى تحتاج لمناقشات بنّاءة داخل أروقة القمة العربية المقبلة بالبحرين، حتى لا تتحمل دول بعينها التكلفة الاقتصادية لتلك الظاهرة من دون مشاركة فعّالة من الدول العربية والمجتمع الدولى بشكل عام.

الحرب الروسية الأوكرانية

تشكل الحرب الروسية الأوكرانية أحد الملفات المحورية على أجندات القمم العربية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فبراير 2022، لا سيما أن البيان الختامى للقمة العربية بالجزائر فى نوفمبر 2022 شدد على الإلتزام بمبادىء عدم الانحياز، وبالموقف العربى المشترك من الحرب الذى يقوم على نبذ استعمال القوة، والسعى لتفعيل خيار السلام عبر الانخراط الفعلى لمجموعة الاتصال الوزارية العربية التى تضم الجزائر، ومصر، والأردن، والإمارات، والعراق، والسودان، والأمين العام لجامعة لدول العربية فى الجهود الرامية لبلورة حل سياسى للأزمة يتوافق مع مبادىء ميثاق الأمم لمتحدة ويراعى الشواغل الأمنية للأطراف المعنية، مع رفض تسييس المنظمات الدولية. ونظرًا لتداعيات الحرب على الدول العربية سواء فيما يتعلق برفض الاصطفافات الدولية التى تعمّق من الانقسام على المستوى الدولى وتؤثر على السلم والاستقرا الدوليين أو ما يتعلق بالتداعيات الاقتصاية للحرب فى ظل ارتفاع فاتورة واردات الغذاء العربى من روسيا وأوكرانيا، فإن ملف الحرب الروسية من المحتمل أن يكون على أجندة القمة العربية المقبلة فى البحرين، وربما لمتابعة ما تم إنجازه على مستوى لجنة الاتصال العربية.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة