مقدمات الكتب.. ما قاله صامويل هنتيجتون فى مفتتح كتابه صدام الحضارات

السبت، 27 أبريل 2024 10:00 ص
مقدمات الكتب.. ما قاله صامويل هنتيجتون فى مفتتح كتابه صدام الحضارات صدام الحضارات
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يعد كتاب "صدام الحضارات" للأمريكى صامويل هنتيجتون واحدا من أشهر الكتب التى ظهرت فى الربع الأخير من القرن العشرين، وأعاد تشكيل كل شىء، ولا يزال أثره مستمرا حتى الآن، فلا يمكن الحديث عن أى صراع فى العالم إلا وجاءت أفكار الكتاب لتلقى بدلوها فى الأمر.

ومعا نتعرف عما قاله صامويل هنتيجتون في مقدمة الكتاب، لأن المقدمات كاشفة وفاضحة لكل ما يأتي بعدها، وتعتمد هنا على النسخة الصادرة عن مؤسسة هنداوي من ترجمة طلعت الشايب.

صدام الحضارات
صدام الحضارات

جاءت المقدمة بعنوان: صدام الحضارات: إعادة صُنع النظام العالمي

 

وجاء فيها:

في صيف عام 1993م نشرت فصلية Foreign Affairs مقالًا لي بعنوان: "صدام الحضارات؟" أثار جدلًا استمر ثلاث سنوات — وكما يقول محررو المجلة — أكثر مما أثاره أي مقالٍ نشروه منذ الأربعينيات. والمؤكد أنه أثار بالفعل جدلًا على مدى ثلاث سنوات أكثر من أي شيءٍ آخر كتبتُه.

فقد جاءت الردود والتعليقات من كل قارات العالم ومن عشرات الدول، وقد تنوَّعت مشاعر الناس وانطباعاتهم بين الفضول والغضب والخوف والحيرة بسبب الفكرة التي عبرت عنها، وهي أن البُعد الرئيسي والأكثر خطورة في السياسة الكونية الناشئة، سوف يكون الصدام بين جماعات من حضارات مختلفة.

وإلى جانب ما أثاره المقال، فإنه لمسَ عصبًا في أناس ينتمون إلى حضارات العالم كلها.

وبعد هذا الاهتمام و— كذلك — التحريف والجدل الذي دار حول المقال، كانت لديَّ الرغبة في استكشاف القضايا التي أثارها بدرجةٍ أكبر عمقًا.

إن إحدى الطرق البناءة لطرح سؤالٍ ما هي أن تقدِّم فرضًا، والمقال الذي كان ينتهي عنوانه بعلامة استفهام تم تجاهلها بشكل عام، كان محاولة لذلك. والغرض من هذا الكتاب هو تقديم إجابةٍ أشملَ وأعمقَ وموثقة عن سؤال المقال. هنا أحاول أن أفصل وأنقح وأضيف، وأصف أحيانًا الأفكار التي جاءت بالمقال، كما أطور أفكارًا كثيرة وأُغطي موضوعات عدة لم يتناولها أو ربما تناولَها على نحوٍ سريع.

وهذا يتضمن: مفهوم الحضارات، مسألة الحضارة الكونية، العلاقة بين القوة والثقافة، ميزان القوى المتغير بين الحضارات، العودة إلى المحلية والتأصيل في المجتمعات غير الغربية، البنية السياسية للحضارات، الصراعات التي تُولِّدها عالمية الغرب، العسكرية الإسلامية، التوازن والاستجابات المنحازة للقوة الصينية، أسباب حروب خطوط التقسيم الحضاري والعوامل المحركة لها ومُستقبل الغرب وحضارات العالم.

كما أن إحدى الأفكار الرئيسية التي غابت عن المقال تتعلق بالأثر الحاسم للنمو السكاني على عدم الاستقرار وتوازن القوى. كذلك غابت فكرةٌ أخرى ملخصة هنا في عنوان الكتاب وفي العبارة الأخيرة وهي: «إن صدام الحضارات هو الخطر الأكثر تهديدًا للسلام العالمي، وإن نظامًا عالميًّا يقوم على الحضارات هو الضمان الأكيد ضد حرب عالمية.»

ولا يهدف هذا الكتاب لأن يكون عملًا في علم الاجتماع، وإنما لأن يكون تفسيرًا لتطور السياسة الكونية بعد الحرب الباردة، كما يطمح إلى أن يُقدم إطار عملٍ أو نموذجًا لرؤية السياسة العالمية، يكون ذا قيمةٍ بالنسبة للدارسين ومفيدًا لصانعي السياسة. والحكم عليه بأنه ذو قيمةٍ أو هدف أو فائدة لن يكون باعتباره يُفسِّر أو يُحلل كل ما يحدُث في السياسة الكونية، فمن الواضح أنه لا يفعل شيئًا من ذلك.

أما الحكم عليه فهو إذا ما كان يُقدِّم عدسة أكثر قيمة وأكثر فائدة، من أي نموذج آخر — نرى من خلالها التطورات الدولية — هذا بالإضافة إلى أن أي نموذجٍ لا يمكن أن يكون صالحًا إلى الأبد. إذ بينما قد يكون التناول الحضاري مُفيدًا في فَهم السياسة الكونية في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين، فإن ذلك لا يعني أنه كان مفيدًا بنفس الدرجة في منتصف القرن العشرين أو أنه سيكون مفيدًا في منتصف القرن الواحد والعشرين. والأفكار التي أصبحت في النهاية مقالًا، ثم أصبحت هذا الكتاب، كان قد تمَّ التعبير عنها علنًا في محاضرة لي في «برادلي» في American Enterprise Institute في واشنطن في شهر أكتوبر ١٩٩٢، ثم قدمتها في ورقة أعددتها لمشروع Olin Institute عن «البيئة الأمنية المتغيرة والمصالح الوطنية الأمريكية.» والذي تم بفضل: Smith Richardson Foundation. وبعد نشر المقال كنت طرفًا في حلقات دراسية ولقاءات ركزت على «الصدام» مع جماعات ضمت أكاديميين ورسميين ورجال أعمال وغيرهم في الولايات المتحدة. إلى جانب ذلك، فقد كان من حسن حظي أن أتمكن من المشاركة في مناقشة المقال وفرضياته في دول أخرى كثيرة مثل: الأرجنتين وبلجيكا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وكوريا واليابان ولكسمبورج وروسيا والسعودية وسنغافورة وجنوب أفريقيا وإسبانيا والسويد وسويسرة وتايلاند. وقد عرَّفتني هذه المناقشات على كل الحضارات الرئيسية باستثناء الهندوسية. كما أفدتُ إلى حدٍّ كبيرٍ من آراء وبُعد نظر كل من شارك فيها.

في سنة 1994م و1995م كنت أقوم بالتدريس في حلقة دراسية في «هارفارد» عن طبيعة عالم ما بعد الحرب الباردة، وكانت تعليقات الطلاب القوية والناقدة أحيانًا حافزًا إضافيًّا لي. كما أفاد عملي في هذا الكتاب لدرجة كبيرة من البيئة العلمية في معهد John M. Olin للدراسات الاستراتيجية في «هارفارد» وكذلك مركز الشئون الدولية.

وقد قام كل من "مايكل سي دش" و"روبرت أو كيوهان" و"فريد زكريا" و"آر سكوت زيمرمان" بقراءة المخطوطة، وأدت تعليقاتهم إلى تحسيناتٍ مهمَّة سواء في المادة أو تبويبها. وخلال العمل في هذا الكتاب قدم لي "سكوت زيمرمان" مساعداتٍ بحثية لا غنى عنها. ولولا عونه المخلص والدءوب والخبير لما أمكن الانتهاء منه في موعده.

كما كانت مساعدة الباحثين "بيترجن" و"كريستيانا برجز" بناءةً إلى حدٍّ كبير. وقامت "جريس دي ماسترس" بطباعة الأجزاء الأولى من المخطوطة وراجعتها "كارول إدواردز" بالتزامٍ وكفاءة عدة مرات، لدرجة أنها تحفظ معظم أجزائها عن ظهر قلب. وأشرف على النشر بكل كفاءةٍ أيضًا "دينيس شانون" و"لين كوكس" من معهد "جورج بوركهارت"، و"روبرت آساهينا" و"روبرت بندر" و"جوهانا لي" من معهد "سيمون آند شستر"، فأنا مدين بالشكر لأولئك جميعًا على كل ما قدموه لكي يخرج هذا الكتاب إلى حيز الوجود. لقد جعلوه أفضل مما كان يمكن أن يكون بدونهم … أما أوجه القصور الباقية فهي مسئوليتي وحدي.

وبفضل الدعم المادي من مؤسسة "جون أولن" و"مؤسسة سميث رتشاردسن" كان العمل في هذا الكتاب ممكنًا، ولولا مساعداتهم لتأخر عدة سنوات، وأنا ممتنٌّ لدعمهم الكريم لهذا الجهد. وبينما كانت مؤسسات أخرى تركز على قضايا داخلية، فإن "أولن" و"سميث ريتشاردسن" تستحقَّان كل التحية لمواصلة اهتمامهما ودعمهما لعملٍ عن الحرب والسلام والأمن القومي والدولي.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة