معتمد عبد الغنى

Chup .. ليلة مقتل ناقد سينمائي

الإثنين، 04 مارس 2024 11:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
في خمسينيات القرن الماضي، خرج النقاد من صالة العرض السينمائي في الهند يتبارون في التفنن في إلصاق كل صفات الملل والركاكة وضعف الحبكة السينمائية بفيلم "كاغاز كي فول" (زهور ورقية)، للممثل والمخرج الهندي "جورو دوت". الأمر الذي دفع أحد أهم نجوم السينما الكلاسيكية للانعزال والانغماس في الاكتئاب وإدمان الكحوليات والمخدرات، ويُسدل الستار بحادث وفاة غامض وشبهة انتحار. 
 
اللافت أن الفيلم الذي كان سببًا في النهاية المأساوية لصانعه، يُصنف الآن في قائمة "أفضل 100 فيلم في كل العصور"، لأن بعد سنوات اكتشفت الحركة النقدية في الهند أن "جورو دوت" كان سابقًا لعصره.
 
من وحي القصة الحقيقية لـ "جورو دوت" استلهم المخرج وكاتب السيناريو "آر بالكي" حبكة سينمائية مثيرة لفيلمه (تشوب: انتقام الفنان) - (Chup - The Revenge of an Artist) (2022)، عن قاتل متسلسل يقوم بمطاردة نقاد السينما الهندية الذين يعطون تقييمات غير مناسبة للأفلام، ويستخدم تعليقاتهم النقدية في المراجعات كدواعٍ لقتلهم.
 
من يريد قتل ناقد سينمائي ولماذا؟
 
هذا هو السؤال الذي بحث عن إجابته محقق الشرطة، الذي جسده نجم الحركة الهندية في التسعينيات، سوني ديول، في دور جديد عليه بعيدًا عن بنيته الجسدية أو صرخته الرجولية التي تأتي مثل العاصفة لتطير من أمامه أعداؤه كما اعتاد صناع السينما التجارية أن يصوروه في الأفلام.
 
في المقابل، خط درامي فرعي لقصة حب بين بائع زهور بسيط وصحفية طموحة تحلم بأن تكون ناقدة سينمائية مرموقة. ومع اقتراب الفيلم من منتصفه، تتكشف لنا خيوط تربط بين هذه العلاقة العاطفية وسلسلة الجرائم الغامضة، ونكتشف أيضًا سر استخدام القاتل للكلمات الأخيرة لضحاياه النقاد كمصدر إلهام لجرائمه.
 
"الفيلم هو طفل المخرج" هذه واحدة من العبارات البارزة في الفيلم، في هذا السياق، نسج "آر بالكي" الحبكة ببراعة لإثارة التشويق والإثارة، حيث يقود القاتل مسارات معقدة للانتقام، ويكشف عن الجانب المظلم من سحر السينما حيث تتحول الكلمات الصادرة عن النقاد إلى أسلحة قاتلة، لذا، يقرر أن يخلق من كلماتهم وحشًا يعتقد أنه بذلك يساهم في إنقاذ السينما ومنع المبدعين من الاعتزال جراء الهجوم عليهم.
 
ورغم محاولاته لكشف الجانب السلبي لبعض النقاد، إلا أن ‘آر بالكي’ قدم -من خلال شخصية القاتل- تقديرًا للناقد الصادق الذي يُكِنُّ احترامًا لصناعة السينما، ولا يُسيِّره الهوى الشخصي أو المصلحة في تقييمه.
 
عكس النصف الأول من الفيلم، اعتمدت بعض الأحداث في النصف الثاني على الصدف لكشف هوية القاتل. على الرغم من محاولات المحقق في استخدام بعض الحيل الذكية واستدعاء معالجة نفسية استثنائية لمساعدته في حل اللغز، إلا أن كل هذه المحاولات لم تؤتِ ثمارها إلا بواسطة خطأ غير متوقع من القاتل يكتشفه المحقق في محاولته الخامسة التي نفذت بسذاجة لا تتفق مع تعقيد جرائمه السابقة.
 
على الرغم من أن الفيلم مستوحى من قصة "جورو دوت" ويتبنى رواية انتحاره بسبب الانتقادات التي وُجهت لآخر أفلامه، إلا أن صناع الفيلم احتفوا بأميتاب باتشان الذي ظهر في دور شرفي مُشيدًا بدور النقد في تحفيز المبدعين على التقدم والتطور والنمو. 
 
"بداية بطيئة… إيقاع ممل… هذا الفيلم لا يستحق ثمن التذكرة".. قد تبدو هذه العبارات سهلة الكتابة في المراجعات النقدية أو على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تخلط بين الانطباعات الشخصية والنقد الفني، لكن في فيلم (تشوب: انتقام الفنان)، يُحذر من التسرع في كتابتها، لأن هناك من يتربص بك في الظلام إذا تكن ناقدًا حاذقًا.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة