سما سعيد

صاحب الأرض عينه قوية.. فرحة وسعادة الهدنة يعقبها نصر

الإثنين، 27 نوفمبر 2023 08:25 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كنت فى المرحلة الإعدادية وأتذكر المشاهد التى تعرضها الأخبار عن الانتفاضة الفلسطينية، أتذكر حادث استشهاد الطفل محمد الدرة فى الثلاثين من سبتمبر عام 2000 فى اليوم الثانى من انتفاضة الأقصى، على مرأى ومسمع من العالم، وشاهدت الأكاذيب من صغرى حوله فى الإعلام الغربى، قرأت عن النزاع العربى الإسرائيلى، منذ 1948 ومرورا بـ1967 حتى 1973 ونصر أكتوبر المجيد، وشاهدت الانتفاضة التى هى عبارة عن شباب يدافعون عن وطنهم بالحجارة أمام عدو يملك العدة والعتاد.

أتذكر والدتى عندما اشترت لى الشال الفلسطينى، لكى أقدم به الإذاعة المدرسية، لأتحدث عن فلسطين والحق الأبدى مهما حاولوا انتزاعه منا، من خلال دعايتهم الممولة ووسائل التكنولوجيا المسيطرين عليها، وحتى ببعض الأكاذيب التى تتسرب إلينا من خلال بعض عملائهم فى الداخل، والمتنطعين فى الداخل والخارج.

أناقش أبعاد القضية مع أصحابى وزملائى، وأتناقش مع أسرتى بخصوص تلك الأحداث ورؤيتنا لها، حتى قبل ظهور برامج التوك شو بالتليفزيون، تعلمت كثيراً عن فلسطين، ولكن التساؤل الذى استمر معى منذ معرفتى بالقضية هو؛ من أين تأتى جرأة هؤلاء فى مقاومة محتل مسلح بالحجارة والطوب؟.

لم يأخذ السؤال معى وقتا كثيرا، لأننى فهمت أن صاحب الحق قوى، والظالم جبان وضعيف، ومهما استمرت الأزمة فلا بد من حسمها فى النهاية لصالح المظلوم، فلا يضيع حق وراءه مطالب، ولا ضعف لصاحب قضية، وخاصة إن كانت تلك القضية قضية وطن.

ولكن ما أثار انتباهى مدى صلابة وصمود أهلنا بفلسطين حتى بعد فقدان أغلب ذويهم، من أين تلك القوة؟ وكيف يتمكنون من العيش والمثابرة وتحدى الظروف حتى بعد كم الألم النفسى والمعنوى الذى يتعرضون له؟، فبمجرد رؤيتى للأوضاع هناك من ضحايا عبر فيديوهات وصور لانتهاكات جيش الاحتلال ضد مدنيين عزل فى ظل حصار أمنى وضربات جوية متلاحقة، أصيب عقلى بالتجمد، فالصور أثارت فى نفسى غضبا واشمئزازا من التجاهل العالمى، وأيضاً الحزن الشديد لأهلنا هناك، فمن منا لم تخونه دموعه لصورة طفلة فقدت كل أهلها فى غارة لجيش الاحتلال؟!.

الطبيعة الإنسانية للبشر غريبة، ولكن الأغرب منها وتستحق الدراسة والاهتمام هى الطبيعة الشخصية والنفسية لأهلنا بفلسطين، قدرتهم على الاحتمال والصبر، قدرتهم على تحدى قوى أكبر منهم تحاول فرض أمر واقع عليه، بل وتحاول أيضاً إنهاء قضيتهم ولو على حساب دول أخرى، قدرتهم على إحياء القضية كل فترة، وتذكير العالم لها من جديد، بل وأيضاً تسليط الضوء على قضية أكبر من قضية الاحتلال، ألا وهى قضية الحرية ومفهوم الوطن.

ربما لأننا نعيش حالياً فى أوضاع مستقرة فى بلدنا ولم أعاصر احتلالا بالمفهوم العسكرى أو السياسى، فتصبح تلك المشاعر جديدة عليّ، ولكنها مع ذلك استطاعت إيصال فكرة التحدى والصمود بأفضل شكل ممكن، وأحياناً أتخيل نفسى فلسطينية، حيث تتملكنى مشاعر القوة التى يشعر بها الفلسطينيون، وأجد نفسى مليئة بالفخر بدفاعى عن أرضى ووطنى وقضيتي، فلا أدين بالفضل أو بالولاء لأحد.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة