بيشوى رمزى

تنويع الشراكات.. رؤية الدولة المصرية في الاستثمار في الإنسان

الأربعاء، 07 سبتمبر 2022 05:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شراكات متعددة، تمثل انعكاسا لمنهج متنوع، تبنته "الجمهورية الجديدة"، ربما امتد بين الخارج، في إطار علاقاتها الدولية، من جانب، والداخل، في صورة اندمجت فيها كافة الفئات لتحقيق أهداف الدولة المصرية، وهو ما خلق "حزمة" من الشراكات، التي باتت تمثل منطلقا ليس فقط تحقيق الاستقرار اللحظي، وإنما خلق حالة ممتدة، ترتبط في الأساس بعملية تنموية اتسمت هي الأخرى بشموليتها وتنوع أبعادها، في ظل هدف رئيسي يدور في الأساس حول تحقيق "التنمية المستدامة"، وهو المفهوم المرتبط ليس فقط بالتنمية الاقتصادية، وإنما أيضا بأبعاد اجتماعية وجغرافية وبيئية، ناهيك عن الجانب السياسي.
 
ولعل حالة التنوع والشمول الذي يبدو واضحا في النهج المصري، تجسد بوضوح في "الحوار الوطني"، والذي تجاوز في جوهره الحوارات السياسية التقليدية، والتي تقتصر دائما على الساسة من هنا أو هناك، بهدف البحث عن دور، أو بالأحرى تقسيم الأدوار، حيث يبقى النموذج الذي تقدمه الدولة المصرية مختلفا تماما، في ظل تعددية الفئات الممثلة، بين سياسي ومجتمعي وحقوقي وغير ذلك، ليتحول الهدف في نهاية المطاف، من مجرد طموحات ضيقة، لفئات بعينها، إلى تحقيق المصلحة العامة للمواطنين باعتبارهم البوصلة التي تتوجه نحوها الخطابات والسياسات والإجراءات، وهو ما يعد بمثابة "إعادة اعتبار" لمفهوم "الحوار"، والذي يهدف في الأساس إلى تحقيق مشاركة فعالة، في مواجهة الأزمات، بالإضافة إلى تحقيق أكبر قدر من المصلحة العامة.
 
النهج القائم على تنويع الشراكات، يعتمد أساسا على استغلال، أو بالأحرى الاستثمار، فى كافة الطاقات المتاحة لخدمة الأهداف الوطنية، وتسليط الضوء على الكفاءات، والعمل على دعمها، في ظل مرحلة تبدو حساسة للغاية، مع تواتر الأزمات الكبرى، وبالتالي فإن تحويل الفئات التي تعاني تهميشا طال لعقود طويلة من الزمن، من مقاعد "المتفرجين" إلى المشاركة في صناعة السياسات، يضعهم في موقع المسؤولية، سواء أمام أنفسهم، أو أمام المجتمع، وهو ما يبدو في استنفار طاقة كافة القوى المجتمعية الخاملة، بفعل التهميش طويل المدى، والعمل على دمجها مع صناع القرار، لتكون "شريك" حقيقي للدولة، سواء في قراراتها أو توجهاتها.
 
فلو نظرنا إلى قطاع الشباب، نجد أنه كان بمثابة رأس حربة في استراتيجية الدولة، عبر التركيز عليهم بدء من منتديات الشباب، والتي تقدم مزيجا من الخبرات، للمساهمة في الاستفادة من طاقتهم الكبيرة باعتبارهم رأس المال الحقيقي الذي تعتمد عليه الدول الكبرى لتحقيق طفرات اقتصادية، مرورا بالتركيز على اقتحام المجالات الحديثة، على غرار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، جنبا إلى جنب مع تطوير العملية التعليمية، لتصبح المحصلة النهائية ليست فقط مجرد التركيز على الشباب المؤهل، وإنما تجاوز ذلك عبر تأهيل الطلاب الأصغر سنا، والآخرين الراغبين في التعلم، حتى يمكنهم اللحاق بالركب والاندماج مباشرة في العملية التنموية، وهو ما امتد إلى دائرة أوسع فيما بعد عبر استقطاب الشباب المبدع حول العالم، من المصريين أو الأجانب، في منتدى شباب العالم، لعرض التجارب المختلفة والاستفادة منها
 
 
الأمر نفسه ينطبق على المرأة وذوى الهمم، وهي الفئات التي أثبتت كفاءة كبيرة في العديد من التجارب، وبالتالي يصبح الاستفادة من طاقتهم الكبيرة بمثابة أمر حتمي، في إطار حالة التنوع الذي تشهده الدولة المصرية في المرحلة الراهنة، والذي يساهم في إثراء مختلف مناحي الحياة، ويمنح بارقة أمل لقطاعات كبيرة للعمل والاجتهاد لتحقيق الذات، ومن ثم القيام بدور أكبر سواء في رسم مستقبلهم أو مستقبل بلادهم.
 
تنوع الشراكات، في جوهرها، تمثل امتدادا لحالة جديدة من الاستثمار، يبقى الإنسان، هو رأس مالها، ولا تقتصر في الواقع على الداخل، وإنما امتدت إلى المصريين المقيمين بالخارج، أو الأجانب من ذوي الأصول المصرية، عبر الجهود التي بذلتها الحكومة في الآونة الأخيرة لإدماجهم في بوتقة بلادهم، من خلال العديد من المبادرات، التي تحثهم على زيارة بلدهم، وتقديم أفكارهم للمشاركة في بناء مستقبلها، في إطار محاولات مستمرة لإشراكهم في قضايا الوطن الأم، والاستفادة من خبراتهم وخلق مزيج من الرؤى يمكنه المساهمة في عملية التطوير والتنمية، بالإضافة إلى قيامهم بدور حيوي في تقديم صورة حقيقية عن مصر، في ظل الشائعات ومحاولات التشويه التي يطلقها البعض بهدف النيل من الدولة.
 
وهنا يمكننا القول بأن الشراكة ربما كانت نهجا مهما للدولة المصرية، ليست في صورتها المجردة (بين الدولة والمواطن)، لحل الازمات وتجاوزها، وانما تحمل في طياتها فلسفة عميقة، تقوم في الأساس على توسيع دائرة الشراكة بحيث لا تقتصر على الفئات المجتمعية في الداخل، وإنما تمتد لاستقطاب فئات أخرى من النماذج الناجحة، سواء من المصريين أو الأجانب، وهو ما يساهم في إضفاء المزيد من الثراء للتجربة المصرية، كما أنها في الوقت نفسه تتماهى مع عملية الاستثمار التقليدية، والتي تعتمد على رؤوس الأموال سواء المحلية أو الأجنبية في صورة "شراكات"، تهدف في الأساس إلى تحقيق مصلحة الدولة ودفعها إلى الأمام.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة