ففي العاصمة البولندية (وارسو) أعلنت "وكالة الأمن الداخلى" ABW (الوكالة البولندية لمكافحة التخابر الداخلى) أنها ألقت القبض على شخص يبلغ من العمر 43 عاماً، أطلقت عليه "مارسين ك."، بتهمة التجسس لمصلحة روسيا، وأنه سيخضع للمحاكمة وفق القانون البولندى.

وقال المتحدث باسم الوكالة، ستانيسلو زارين، إن الجاسوس المتهم بالتجسس، الذي أُلقى القبض عليه فى 5 مايو الجارى، سرب "معلومات ومواد" سرية إلى أجهزة أمنية روسية . 

وذكرت دورية (انتلجنس نيوز) الأمريكية المتخصصة في الشأن الاستخباراتى، أن معظم البيانات التي سربها الجاسوس "مارسين ك" كانت تتعلق بـ"الأمور العسكرية"، كما تلقى الروس معلومات حساسة ذات صلة بـ"كيانات وشخصيات بولندية"، وفق ما قاله مدعون عموميون بولنديون.

وقد استدعى نبأ إلقاء القبض على الجاسوس الذى يعمل لمصلحة روسيا، موجة طرد الدبلوماسيين الروس التي جرت الشهر الماضي وشاركت بولندا فيها ضمن عدد من الدول الأوروبية، في أعقاب دعوة جمهورية التشيك بالتضامن معها في الأزمة التي نشبت مع روسيا في خذا الخصوص.

كانت جمهورية التشيك دعت الاتحاد الأوروبى ودول شرق أوروبا بالتضامن معها، في أعقاب قيام براج بطرد 18 دبلوماسيا روسيا على خلفية إدعاءات تشيكية تحمل روسيا مسؤولية تفجير مستودع ذخيرة فى مكان نائى شرقى البلاد، باعتبار أنه "جزء من عملية استخباراتية روسية"، على حد قولها.
وإلى جانب طرد عدد من الدبلوماسيين الروس، قامت بولندا وشاركتها كل من المجر وسلوفاكيا بإصدار بيان مشترك استهجنت فيه ما وُصف بأه "عمل عدائي مدبر من جانب روسيا، نُفذ على أرض أوروبية، ينتهك القانون الدولي".

وتقول تقارير إعلامية إن المواطن البولندي "مارسين ك." المتهم بالجاسوسية سيوضع قيد التحفظ لثلاثة أشهر قبيل محاكمته، في الوقت الذي يقوم فيه المحققون بإجراء مقابلات مع الشهود وتجميع الأدلة العينية تمهيدا لعرضها على المحكمة.

وبينما تحشد جهات الإدعاء البولندية أدلتها وأوراق القضية تمهيداً لبدء محاكمة المتهم بالجاسوسية "مارسين ك."، أصدرت محكمة أميركية على الضفة الأخرى من الأطلنطى، حكماً بالسجن 15 عاماً على جندي سابق في القوات الخاصة الأميركية بتهمة التجسس لمصلحة روسيا والذي جندته الاستخبارات العسكرية الروسية .

وذكرت دورية (انتلجنس نيوز) أن الجندي السابق، بيتر ديبنز، 46 عاماً، الذي ولد لأب أميركي وأم تعود جذورها إلى الاتحاد السوفييتي السابق، مثل في 2020 أمام المحاكمة بتهمة التجسس لمصلحة روسيا لمدة زادت على 20 عاماً.

وعن ملابسات تجنيده من قبل الاستخبارات العسكرية الروسية، قالت الدورية إن ديبينز برغم جذوره الروسية لجهة الأم، فإنه لم يسافر إلى روسيا إلا في عام 1994، وأثناء تلك الرحلة التقى أفراد أسرته الروسية لأول مرة في حياته، ومن بينها فتاة روسية أصبحت فيما بعد زوجته.

وفى عام 1996، عاد ديبنز إلى روسيا في إطار بعثة تبادل طلابي من جامعة مينيسوتا، وآنذاك تعرف على فتاة روسية، كانت من بلدة شيليابينسك، الواقعة قرب الحدود الروسية الكازاخستانية. وتفيد التقارير أن والد الفتاة كان كولونيل في سلاح الجو الروسي.

وتقول تقارير "مكتب التحقيقات الفيدرالية" FBI، إنه أثناء الرحلة الثانية له، خضع ديبنز لمراقبة لصيقة من جانب "الإدارة الرئيسية لرئاسة أركان القوات المسلحة الروسية"، المعروفة اختصارا بـ GRU، وعندما عاد إلى روسيا مجدداً للزواج من صديقته الروسية، كان قد بدأ فعلياً التعاون مع GRU.
وتشير أدلة ظنية إلى أنه ربما أبلغ الضابط المشغل له في جهاز GRU الروسي، بأنه يرى نفسه كما لو كان "ابناً لروسيا" ويسعى إلى تقليص هيمنة أميركا على العالم.

وتتابع الدورية سردية جندي القوات الخاصة الذي بات عميلاً لمصلحة الاستخبارات العسكرية الروسية، قائلة إنه بين عامي 1998 و2005، خدم ديبنز في الجيش الأمريكي والتحق بفرقة أصحاب "القبعات الخضراء"، غير أنه طُرد من الخدمة وسُحب منه الإذن الأمني بعد "انتهاكه القواعد" أثناء تمركزه في أذربيجان. 

خلال سنوات خدمته في الجيش الأمريكي، سافر ديبنز مرات عدة إلى روسيا، حيث كانت زوجته تدرس هناك، وكان يتلقي بمشغيله من عناصر جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي GRU.

وقد استمعت المحكمة إلى شهادت تفيد بأنه أعطى الاستخبارات العسكرية الروسية معلومات حول أمور سرية متنوعة، علاوة على معلومات خاصة عن القوات الخاصة أصحاب "القبعات الخضراء"، وهي معلومات كانت تستهدف ابتزاز هؤلاء الجنود للتعاون مع جهاز GRU الروسي.

وفي أعقاب انتهاء مهمته في الجيش الأميركي، عمل ديبنز كمتعاقد مع القوات الأميركية في مجال ترجمة موضوعات باللغة الروسية، علاوة على المشاركة في مكافحة التجسس. وأثناء تلك الفترة، درج على التقدم إلى العديد من الوظائف الشاغرة في المجمع الاستخباراتي الأميركي، غير أنه لم يوفق إلى ذلك. ومن المعتقد، حسب إنتيلنيوز، أنه توقف عن التجسس لمصلحة روسيا في 2011.

وتقول الدورية إن القاضي الذي نظر في القضية أمر بتنفيذ حكم السجن على الفور، فيما التمس فريق الدفاع عن ديبنز بأن يتم احتجازه في منطقة واشنطن ميتروبوليتان حتى يسهل على زوجته وبناته الأربع زيارته والتواصل معه.