عادل السنهورى

صرخة الفنان ضياء عبد الخالق

الخميس، 09 ديسمبر 2021 09:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليست هذه هي المرة الأولى التي نفاجئ فيها بواحد من الفنانين المصريين يكتب رسالة على موقع التواصل الاجتماعي عبارة عن صرخة لمن يهمه الأمر في المجتمع الفني والثقافي في مصر، لمد مظلة الرعاية والاهتمام لهم، بعد أن أصبحوا بعيدا عن الأضواء بفعل فاعل، وتجاهلهم من يقوم على ولاية الفن في المسرح والسينما والتليفزيون حاليا.

 

في الفترة الماضية تابعنا قصص بعض الفنانين المعروفين والمحبوبين لدى الجمهور العربي والمصري آثروا الاختفاء والبعد عن الأضواء، والبحث عن الرزق في مجالات أخرى سواء في الهجرة أو في العمل بالتجارة، وكانت عودتهم للحديث مرة أخرى عن مأساة البعد والتجاهل موجعة للجميع، وربما كانت صرخة للقائمين على أمر التمثيل والفن في مصر وليست النقابة وحدها.

 

بالأمس كانت صرخة جديدة من الفنان الجميل والمبدع ضياء عبد الخالق يشكو فيه الحال والتجاهل، ويدين ما وصلت اليه العلاقات في الوسط الفني، حتى أنه يكتب رسالة عبارة عن سيرة شخصية جديدة عن تاريخه لعل وعسى، يدعوه منتج للعمل معه أو تدعوه جهة أو مهرجان للتكريم والمشاركة.

 

رسالة ضياء الحزينة والمؤلمة أنقلها بالنص حيث يقول فيها: "أنا ضياء عبد الخالق، ليسانس آداب وتربية، بكالوريوس فنون مسرحية وعضو نقابة المهن التمثيلية.. ممثل في المسرح القومي ابتديت أمثل من الثمانينيات اشتغلت مسرح وثقافة جماهيرية وأنا في المعهد وسينما.. وليا أعمال كتيرة الناس فكراها.. كنت بعمل أدوار ثانوية وابتديت أعمل أدوار رئيسية مع بداية الألفينيات ليا جمهور بيحبني.. وجوا الوسط زملائي مؤلفون ومخرجون بيحبوني ويشهدوا لي بكفاءتي والحمد لله سمعتي كويسة".

 

"في سؤال محيرني أنا ليه رغم كل الـ cv الضخم اللي عندي ليه مش مدعو في مهرجانات بلدي الرسمية؟!.. في وقت بشوف ناس معرفش مين وبيتقال عليهم إيه بيحضروا على الريد كاربت... بيتعرض عليا شغل قليل أقل من إمكانياتي فنيا وماديا وبقبل لأن دي شغلتي.. في تجاهل ودي مسألة مؤلمة نفسيا ومعنويا"

الى هنا تنتهي الرسالة الصرخة التي تعيد للذاكرة الوقائع القريبة المشابهة لفنانين آخرين آثروا السلامة والبعد والعمل بالتجارة كما حدث مع الفنان حسين الشريف الذي اشتهر بأداء شخصية الضابط في السينما والتلفزيون وكان أول ظهور له في 1977 ومازال الجمهور يذكره ويشاهد أعماله على الرغم من ابتعاده عن السينما المصري حيث أنه يقيم الآن في محافظة مطروح بعد وفاة شقيقته منذ عام 2012 وقرر فتح سوبر ماركت بعد توقف دام 10 سنوات عن التمثيل.

الحالة نفسها وصل اليها الفنان سيد صادق الذي اشتهر بأداء دور الشرير، أو رجل الأعمال الخارج عن القانون. عمل بالسينما والتلفزيون من1 بداية السبعينات، ومن أهم أعماله السينمائية دوره في فيلم (حسن ومرقص) و(كدة رضا) و(الامبراطور) و(فوزية البرجوازية)، أما التلفزيون فعمل في مسلسل (فرقة ناجي عطا الله) و(يتربى فى عزو) و(النساء قادمون).

فبعد أن تجاهله أهل الفن ولم يسأل عنه أحد قرر الاتجاه للعمل بتجارة قطع الغيار في منطقة وسط البلد. ويقول إن الاختفاء عن الساحة الفنية، أمر خارج عن إرادته، وذلك بعد رحلة عطاء فنى دامت لنحو 50 عاماً: «أنا حى أرزق، وبصحة جيدة، ورغم أنّ سُنة الحياة هى جيلاً يسلم جيل، وإدراكى التام بأن جيلى قد اندثر بشكلٍ كبير، سواء مُمثلين أو مخرجين ومؤلفين، لكن أتمنى أن أعود وأمارس الحياة الفنية مُجدداً، فما زلت أسدد رسوم اشتراك عضوية نقابة المُمثلين بشكل سنوى على أمل المشاركة فى أى دور مناسب».

ويرى «صادق» أنه لا يُجيد مهارة طرق الأبواب على المُخرجين والمنتجين، الأمر الذى أسهم فى ابتعاده عن الساحة طوال هذه الفترة

أيضا الفنان الجميل أحمد نبيل رائد فن البانتوميم في مصر والذي قام بالتمثيل فيما يقرب من 100 عمل فني ما بين أفلام ومسلسلات ومسرحيات وفوازير عديدة. مع نجوم المسرح والسينما والتليفزيون وخاصة ثلاثي أضواء المسرح.

في الصيف الماضي التقاه صديقنا محمود التميمي ولم يصدق الناس انه مازال حي يرزق لكنه الزمن وطبيعة العلاقات في الوسط الفني الحالي فقرر أن يترك الوسط الفني –كما قال- "لكى أحترم نفسى، وذلك لأنه في الماضى كان هناك 50 ممثلا في عمل أو 20 أو 10 ولكن الآن أصبح العمل يحتوى على فنان واحد والباقى كومبارس."

بالتأكيد هناك كثير من الممثلين الذين احترموا فنهم ولم يسعوا لطرق الأبواب واستجداء العمل ولا يعرف عنهم أحد شيئ الا بالصدفة.

ما يحدث في مصر ليس له مثيل في دول آخرى تسعى بالقوانين والحقوق على احترام فنانيها في حالة الاعتزال أو الابتعاد عن العمل الفني، في هوليوود الأمريكية وبوليود الهندية هناك منظومة وعمل مؤسسي للحفاظ على تاريخ الفنان والحفاظ على نجوميته وشهرته العالمية من خلال تقديم أعمال تليق به وبفنه وتاريخه ثم هناك منظومة قوانين تهيأ له معيشة كريمة في حالة الاعتزال. والسينما المصرية ( مصريوود) ليست أقل من السينما الأمرييكية والهندية . فالسينما المصرية سينما قديمة جدا ولديها تاريخها ورموزها. لكن نفتقد الى العمل المؤسسي في الوسط الفني والى القوانين التي تحافظ على مكانة الفنان وتاريخه عندما تنحسر عنه الأضواء أو يبلغ أرذل العمر.

للإنصاف نقابة الممثلين تبذل جهودا كبيرة لتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية لكن "العين بصيرة والايد قصيرة".. وهذا العمل يحتاج الى قوانين وتشريعات وتفعيل قوانين حقوق الأداء للممثلين مثل حقوق أداء المؤلفين والملحنين. فهل نستفيد من التجربة الأمريكية او على الأقل من تجربة جمعية المؤلفين والملحنين. أتمنى ان تكون صرخة ضياء عبد الخالق بمثابة وقف النزيف للصرخات غير المسموعة لشريحة كبيرة من فنانين مصر.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة