وقال الرؤساء السابقون للحكومات اللبنانية – في بيان مشترك – إن تكليف مصطفى أديب تشكيل الحكومة، جاء استجابة لمطالبة شعبية بتأليف حكومة مصغرة من المستقلين، تستهدف إنقاذ لبنان من الأزمات العميقة والمستفلحة، وبمواكبة من فرنسا التي أطلقت مبادرة لدعم لبنان ومساندته.


وأشاروا إلى أن القوى السياسية اللبنانية التي كانت قد أبدت استعدادا للتعاون والتسهيل من أجل إنجاز المسعى الإنقاذي بتشكيل حكومة مصغرة من غير المنتمين للأحزاب السياسية في غضون أسبوعين لتحقيق الإصلاح، قامت بالالتفاف على هذه الفرصة التي أُتيحت للبنان وإجهاض جميع تلك الجهود.
وأضافوا: "لقد أصبح واضحا أن الأطراف المسيطرة على السلطة لا تزال في حالة إنكار شديد ورفض لإدراك حجم المخاطر الرهيبة التي أصبح يتعرض لها لبنان، وبالتالي هي امتنعت عن تسهيل مهمة ومساعي رئيس الورزاء المكلف مما أدى إلى إفشالها".


وذكر البيان: "إن رؤساء الحكومة السابقين، الحريصين على الوحدة الوطنية، لم يتوانوا عن الإسهام في إيجاد مخرج من هذه الأزمة الخطيرة التي أفضت إليها سياسة التحكم والاستعصاء، وبالتالي فإن تخلف البعض عن ذلك فهذه مسئوليتهم. ولا يزال رؤساء الحكومة السابقون يأملون أن يُصغي الجميع للضرورات والاحتياجات الوطنية، وأن يدركوا مخاطر التصدع والانهيار بدون حكومة قادرة وفاعلة وغير حزبية".
وكان رئيس الحكومة اللبنانية السابق زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري، قد قال في وقت سابق من اليوم إن لبنان أصبح رهينة أجندات خارجية بصورة تفوق طاقته، مشيرا إلى أن اعتذار مصطفى أديب عن عدم الاستمرار في تشكيل الحكومة الجديدة، كشف النقاب عن نموذج صارخ لفشل القوى السياسية اللبنانية في إدارة الشأن العام ومقاربة المصلحة الوطنية.
وتقدم صباح اليوم مصطفى أديب باعتذار عن عدم مواصلة مهمة تشكيل الحكومة، في ضوء تراجع عدد من القوى السياسية عن التزاماتها وتعهداتها التي كانت قد قدمتها له وقطعتها أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي تمثلت حينها في عدم التدخل في تشكيل الحكومة أو تسمية الوزراء، وتمكين "أديب" من تأليف حكومة من الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية للشروع في إجراء الإصلاحات.
وكان مسار تشكيل الحكومة الجديدة قد واجه عقبة كبيرة تمثلت في إصرار حركة أمل وحزب الله على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة التي كُلف مصطفى أديب بترؤسها وتشكيلها، وذلك عبر تسمية الثنائي الشيعي للوزير الذي سيشغل الحقيبة، إلى جانب المشاركة في تسمية ممثليهما في الحكومة من خلال تقديم لائحة أسماء لـ "أديب" ليختار منها وزراء الطائفة الشيعية.


وفي المقابل، تمسك رئيس الوزراء المكلف – قبل اعتذاره عن عدم مواصلة مهمته - بمبدأ "المداورة" في الحقائب السيادية والأساسية والخدمية بين مختلف الطوائف، إلى جانب تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية.


وكان القادة والزعماء السياسيون اللبنانيون قد تعهدوا أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت أول شهر سبتمبر الحالي، أن تتشكل الحكومة الجديدة للبلاد برئاسة "أديب" في غضون فترة وجيزة لا تتجاوز 15 يوما، وأن تتألف هذه الحكومة من وزراء يتسمون بالكفاءة، وأن تحظى بدعم كافة القوى السياسية اللبنانية، إلى جانب موافقتهم على "خريطة الطريق" الفرنسية المقترحة لإنقاذ لبنان والتي تتضمن المداورة في كافة الوزارات وعدم استئثار أي طائفة بأي حقيبة وزارية.