وعاقب المدين المعسر بعقوبة التبديد..

العلاقة بين الدائن والمدين..المشرع حافظ على شخصية المستثمر فى نظام الإعسار

الخميس، 01 أغسطس 2019 11:27 م
العلاقة بين الدائن والمدين..المشرع حافظ على شخصية المستثمر فى نظام الإعسار تعثر وافلاس-ارشيفيه
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الواقع أن المشرع حرص بشكل كبير على توفير الحماية القانونية للدائنين من خطر عدم وفاء المدين لديونه، وذلك من خلال تقرير مبدأ «الضمان العام» ووسائل المحافظة عليه التى تكفل حقوق الدائنين، مستثنياَ منها نظام الإعسار المدني.

والعديد من رجال الأعمال والمستثمرين يتعرضون بشكل كبير لمسألة «الإعسار» أو «الدين» نتيجة الأزمات التى تحدث للمشاريع، حيث أن لهذا «الإعسار» صور وشروط متطلبة لشهر الإعسار وكذا آثار مترتبة عليه، لابد أن يكون كل رجل أعمال أو مستثمر أو حتى تاجر ملم بهذه التفاصيل.

وسبق لـ«اليوم السابع» إلقاء الضوء على ماهية الإعسار والشروط المتطلبة لإشهاره ودعوى شهر الإعسار وكيفية انتهاء حالة الإعسار، بينما نرصد فى التقرير التإلى الآثار المرتبة على حالة الإعسار، وأثر وفاة المدين المعسر على حالة الإعسار، وهل يجوز السماح للمدين بالسفر؟، وألفرق بين الحجر فى ألفقه الإسلامى والإعسار المدنى فى القانون.

 

الآثار تترتب على حالة الإعسار

أولا: آثار الحكم بشهر الإعسار على المدين

1-عدم نفإذ تصرفات المدين والحجر عليه.

2-  معاقبة المدين المعسر بعقوبة التبديد وذلك فى حالتين :

أ- إذا رفع دائن دعوى على المدين بالدين قبل أن يشهر إعساره، ثم حكم عليه بالدين فتعمد قبل صدور الحكم أو بعده الإعسار، وذلك بقصد الأضرار بدائنة، وذلك بأن بدد ماله، أو أخفاه، أو اصطنع ديونا صورية، أو نحو ذلك من التصرفات التى تؤدى إلى إعساره وذلك تهربا من تنفيذ الحكم الصادر عليه بالدفع .

ب- إذا حكم على المدين المعسر بشهر الإعسار وتعمد الأضرار بدائنيه عن طريق القيام بأحد الأعمال الآتية:

- إخفاء بعض أمواله؛ ليحول دون التنفيذ عليها.

- اصطناع مديونية صورية؛ حتى يزيد مقدار ديونه فيضر دائنه بإنقاص النصيب الذى يمكن أن يحصل عليه كل منهم عند التنفيذ.

- اصطناع ديون مبالغ فيها وهنا تكون حقيقية، وليست صورية، ولكن مبالغ فى مقدارها .

3- تقدير نفقة المدين المعسر: وذلك طوال ألفترة اللازمة للإعسار التى تكف فيها يده عن أمواله وهى النفقة اللازمة له ولمن تلزمه نفقتهم شرعا من مأكل وملبس ومسكن ونفقة الخادم وكذلك الزوجة والأولاد وأبويه، إلا أنه إذا اتضح أنه يسكن فى عمارة كاملة أو فى دار واسعة يمكن بيع العمارة أو المسكن وشراء دار صغيرة تكفيه ومن يسكن معه والمبلغ المتبقى من البيع يرحل إلى حساب الدائن كما أن المدين المعسر القادر على العمل يجبر على السعي؛ للقيام بعمل لما يقلل النفقات .

4-عدم مطالبة المدين المعسر بسداد ما تبقى عليه بعد التصفية من ديون أخرى إلا بعد زوال حالة الإعسار .

 

ثانيا: آثار الحكم بشهر الإعسار على الدائنين

1-أن الإجراءات التى تتخذ فى مواجهة المدين المعسر للتنفيذ عليه تكون إجراءات فردية يقوم بها كل دائن مستقلا عن الآخر عكس الحال فى الإفلاس التجارى إذ تكون التصفية جماعية لجماعة الدائنين .

2-يترتب على شهر الإعسار سقوط آجال الديون المؤجلة؛ كمبدأ عام تحقيقا للمسأواة بين جميع الدائنين ولكنها لا تدخل فى أعمال التصفية إلا إذا حل أجلها قبل قسمة أموال المدين، أما غيرها فيسقط الأجل فقط، ولا يستطيع الدائن مطالبة المدين بالدين عند حلول الميعاد

3-لا تنفذ حقوق الاختصاص التى قد يأخذها بعض الدائنين فى حق الآخرين  وذلك تحقيقا للمسأواة بين الدائنين.

 

ما هو أثر الإعسار على الديون المؤجلة

من المتفق عليه أنه مهما زادت ديون المدين المؤجلة عن أمواله فلا يعتبر ذلك اعساراً وأن القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية أخذت بالإعسار القانوني  أى زيادة ديون المدين الحالة والمستحقة الأداء عما لديه من الأموال .

لذلك فإنه لا يترتب على الحكم بشهر الإعسار حلول الديون المؤجلة؛ ولكن يترتب فقط سقوط الأجل؛ بحيث لا يستطيع الدائن صاحب الدين المؤجل أن يطالب مدينه فى الأجل المحدد والذى سقط بموجب حكم الإعسار اللهم إلا إذا كان الدين حل فى أثناء نظر دعوى الإعسار وقبل قسمة أموال التصفية ففى هذه الحالة تصبح ديونا حالة ويدخل الدائن مع الآخرين فى قسمة الغرماء، فتقسم حصته فيما بينهم حصيلة التصفية محاصة؛ أى كل بمقدار حصته فى الدين، وليس للدائن بعد ذلك متابعة المدين وحبسه وذلك على عكس الحال فى الإفلاس التجارى حيث يعين للمفلس مصفيا يدعو جميع الدائنين إلى تقديم مستنداتهم ويتولى تحصيل ما للمدين من ديون قيد الآخرين والتحقق من الديون الموجودة عليه والذى ينتهى إما بالصلح، أو بإنفإذ تقسيم التصفية أيضا قسمة غرماء وليس لهم بعد ذلك شئ عند المدين.

 

اثر وفاة المدين المعسر على حالة الإعسار 

كما شرحنا تنحصر حقوق الدائنين فى أموال المدين عند إجراء التصفية لذلك فإنه عند وفاته قبل تقسيم أمواله تصبح هذه الأموال تركة تجرى عليها أحكام الشريعة الإسلامية فتقدم نفقات تجهيز الميت ثم توزع حصيلتها على الدائنين، وليس لهم حق الرجوع على الورثة طالما لا يوجد للميت تركة يمكن التنفيذ عليها فالتركة تنتقل إلى الورثة مجردة؛ أى بعد الوفاء بما عليها من ديون أو وصية أو غير ذلك .

 

هل يجوز السماح للمدين بالسفر ؟

إذا أراد المدين سفرا ويحل الدين المؤجل خلاله؛ أى قبل عودته فإن لغريمه أن يمنعه من السفر إلا أن يوثق الدين برهن أو كفيل غارم ولكى يتمكن الدائن من منع مدينه من السفر لا بد من توفر أمور منها :

1-أن يكون السفر طويلا يحل الدين قبل ألفراغ منه .

2-أن يكون السفر مخوفا، ولو كان قصيرا.

3-ألا يكون للدين رهن، أو كفيل مليء غريم.

 

و يشترط لمنع المدين من السفر :

1-أن يكون المدعى قد أقام الدعوى مطالبا المدين بالوفاء .

2-أن يقدم المدعى كفيلا مليئا، لضمان ما قد يترتب على منع المدين من السفر من أضرار ويقدم الطلب إلى إدارة الحقوق المدنية والتى تحيل الدعوى إلى الجهة المختصة بحسب نوع القضية إذا كانت مدنية أو تجارية أو عمالية إذا فالمنع من السفر لا يكون إلا بناء على قرار من جهة قضائية مختصة بنظر الدعوى ويجب أن يحدد فى القرار مدة المنع، ثم تجديد هذه المدة قبل أسبوع على الأقل من تاريخ انقضاء المدة السابقة وفى حالة ما إذا قررت المحكمة منع المدين من السفر، فلا يجوز منحه تأشيرة خروج إلا بعد انقضاء هذه المدة بثلاثة أيام ما لم تجدد مدة المنع وتقوم المحكمة فور صدور قرارها بمنع المدين من السفر بإبلاغ الجهة التى تتولى تعميد الجهات المختصة، وإذا رأت المحكمة عدم منع المدين من السفر فإن للمدعى أن يطلب من هذه الجهة عدم السماح له بالسفر إلا بعد استيفاء الشروط التالية :

أ- أن يقدم وكيلا يباشر الدعوى أمام المحكمة نيابة عنه فى مواجهة المدعى الذى طلب منعه من السفر

ب- أن يقدم كفيلا مليئا يضمن الوفاء بالحق المدعى به فى حالة الحكم للمدعى باستحقاقه

 

 الحجر على المدين

إذا كان دين الدائن حال الأداء ولدى المدين المال اللازم للوفاء بما عليه فإنه لا يحجز عليه؛ وذلك لعدم الحاجة إلى ذلك بل يأمره الحاكم بالوفاء بالدين الذى عليه فإن أبى ذلك فإنه يحبسه لقوله صلى الله عليه وسلم «مطل الوأحد ظلم يحل عرضه وعقوبته»، والغرض هو التغليظ له بالقول بأن ينادى يا ظالم ، ويا متعدى والعقوبة هى السجن فإن أصر على موقفه رغم حبسه، وكان له مال ظاهر قضى الحاكم ببيع هذا المال عليه ليمكن تسديد ديونه مبتدءا بالمنقولات التى يتسارع إليها الهلاك ثم المنقولات الأخرى، فإذا لم تكف فأنه يبيع العقارات.

 ويؤيد ذلك ما فعله الرسول مع غرماء معإذ؛ حيث باع أمواله وفاء لدينه وكذلك خطبة عمر وبناء عليه فان المدين المعسر الذى يثبت أن لا مال له أصلا  أو أنه تم التنفيذ على جميع أمواله ولم يتبق لديه شيء، فإنه لا يجوز حبسه وذلك لأن الحبس ليس عقوبة على الإعسار؛ بل هو عقوبة على المماطلة فى السداد مع المقدرة عليه لذلك لا بد أن يثبت الدائن :

1-أن يكون الدين محققا وثابتا لا نزاع فيه.

2-أن يكون المدين قادرا على الوفاء بما عليه.

3-أن يثبت الدائن وجود مال للمدين يمكن التنفيذ عليه.

4-رفض المدين بيع أمواله وفاء لديونه.

 

انتهاء حالة الإعسار

يكون انتهاء حالة الإعسار بموجب حكم قضائى من المحكمة التى أصدرت حكم الإعسار، وذلك إذا اثبت الدائن بأن المدين أصبح موسرا يسارا تاما وأن ما لديه من الأموال يكفى للوفاء بكل ما عليه من ديون ما كان حالا منها وقت شهر الإعسار وما حل بسقوط الأجل بفعل حكم الإعسار كما إذا ما آل للمدين نصيب فى تركة   أو وصية أو هبة أو غير ذلك من التصرفات، كذلك ففى حالة الإعسار إذا اثبت المدين نفسه أنه قد وفى بجميع ما عليه من الديون الحالة والمؤجلة وهناك من القوانين الوضعية ترى بأن تنتهى فترى الإعسار بحكم القانون بانقضاء خمس سنوات من تاريخ التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعسار ودون أية حاجة لاستصدار حكم من المحكمة «م 262 مدني».

الآثار المترتبة على انتهاء حالة الإعسار :

1-سقوط أجل الديون المؤجلة، فتعود تلك الديون إلى حالها السابقة على شهر حكم الإعسار.

2-قد يترتب على انتهاء الإعسار القانونى انتقال المعسر إلى حالة الإعسار ألفعلى والتى معناها أن ديون المدين الحالة والمؤجلة تزيد عما لديه من الحقوق .

 

مقارنة بين الحجر فى ألفقه الإسلامى والإعسار المدنى فى القانون

 

1-مر بنا أن الإعسار المدنى فى القانون قوامه أن تزيد ديون المدين الحالة على أمواله؛ حيث يطلب الدائنون من القاضى الحكم بشهر الإعسار . ويختلف القانون فى ذلك عن ألفقه الإسلامى فى مجموعه؛ حيث يحجر على المدين من قبل الحاكم بناء على طلب الغرماء ولا يختلف فى ذلك، إلا الشافعية وقد أجاز بعضهم الحجز على المدين الممتنع عن دفع ديونه، ولو كان ماله زائدا كما ذكرنا من قبل .

2-وعن شهر الإعسار فى القانون فإنه يستجيب لما ذهب إليه الحنابلة فى المادة 1510 من مجلة الأحكام الشرعية من ضرورة إعلان الحجز على المفلس والإشهار عليه .

3-يتفق القانون مع ألفقه الإسلامى فيما يترتب على شهر الإعسار والحجر من عدم سريان تصرفات المدين فى حق الدائنين، وما يرتبط بذلك من مسأواة بينهم فالحجر إجراء عام بالنسبة للتصرفات الضارة عموما شأنه فى ذلك شأن الإعسار .

4-يتفق الحجر مع الإعسار فى أن كليهما يسبق التصرف.

5-يبقى القانون وقد أجاز أن يطلب المدين شهر إعساره نفسه مخألفة للفقه الإسلامى إذ نصت المادة 1509 من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل على أنه " ولا يحجر عليه ( المفلس ) دون طلب أحد من الغرماء كما لا يحجر عليه بطلبه بنفسه " والإشهار أو إعلان الحجر ليس بشرط لصحته، وإنما يفعله القاضى خوفا من الجحود .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة