علاء عبد الهادى

زيارة مستقبلية للعاصمة الإدارية

الأحد، 07 أبريل 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى طريقى لحضور المنتدى العالمى للجامعات الذى شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى انطلاق أعماله فى العاصمة الإدارية، أطلقت العنان لخيالى، وأنا أتحرك بالسيارة فى هذ الوقت المبكر من صباح الخميس الماضى، ورحت أتخيل الحياة فى هذه البقعة بعد عدة سنوات، واستدعى فكرى تجربة إنشاء حى مصر الجديدة، وكيف نجحت، وكيف استبق البارون امبان عصره، وأنشأ هذا الحى فى الصحراء وربطه بالمترو.. تحركت فى شوارع العاصمة سعيدا بما أرى، حركة معمارية نشطة، عمال ومهندسون يصلون الليل بالنهار من أجل إنجاز الحلم، أرى على يمينى ويسارى سيارات نقل ضخمة وتريلات محملة بمواد البناء، من أسمنت وحديد وتشوينات، وأخرى محملة بالعمال.. على امتداد البصر أرى عمائر هنا وهناك، مررت بجوار مسجد الفتاح العليم هذه التحفة المعمارية، وعلى بعد عدة كيلومترات مبنى الكاتدرائية الجديد، ثم فندق الماسة.. طرق متسعة، بمواصفات لم نعتدها فى العاصمة الأم التى أصبحت تئن بسكانها، وتحولت شوارعها إلى جراجات مفتوحة.
 
فى طريق الذهاب والعودة من المنتدى دارت بداخلى كثير من التساؤلات تغلب عليها المخاوف، لا أعرف لها إجابة، قد تكون الإجابة عند أولى الأمر، ولكنى لا أعرفها، وبالتأكيد هناك غيرى من لم تصلهم الرسالة.
 
الطرق المؤدية (الآن) إلى العاصمة الإدارية وتربطها بالعاصمة الأم مكتظة، وشبه مغلقة فى ساعات الذروة، وتستغرق الرحلة من قلب القاهرة إلى العاصمة من ساعتين إلى ثلاث ساعات، سواء سلكت طريق السويس عبر الدائرى، أو ذهبت عبر طريق السخنة، أو حتى حاولت اللجوء إلى طريق الإسماعيلية، ومنه إلى بدر ثم العاصمة، كذلك الأمر إذا سلكت ‬الطريق الدائرى ‬الإقليمى ‬أو الطريق الدائرى ‬الأوسطى‬، وإذا كان هناك سيولة فى المناطق المفتوحة فانها للأسف تقف جميعها عند عنق الزجاجة بمجرد الاقتراب من قلب القاهرة، وإذا أتيح لك النظر من طائرة هليكوبتر سترى تكدس سيارات على الطريق الدائرى فى رحلتى الذهاب والعودة تمتد لعشرات الكيلومترات.. ‬ يحدث هذا الآن كما قلت، فماذا سيكون حال تلك الطرق مثلا خلال سبتمبر أو أكتوبر القادمين، عندما تنطلق العملية التعليمية فى عدة جامعات دولية، آمنت بمستقبل مصر وقررت أن تفتتح فروعا لها فى العاصمة الإدارية، كيف سيتحرك هؤلاء الطلاب، ذهابا وعودة يوميا، وماذا عن حركة الموظفين والإداريين الذين سينتقلون للعمل فى مقار الوزارات التى من المقرر أن تنتقل خلال العام المقبل، بالطبع لن يتمكن كل هؤلاء من شراء وحدات سكنية فى العاصمة بسعر متر يتجاوز العشرة آلاف جنيه للمتر، وسوف يكون البديل هو الرحلة اليومية من وإلى العاصمة، وهو ما يعنى المزيد من المشكلات فى الطرق، وضياعا للعمر والوقت، وإهدارا للطاقات.
 
العاصمة الإدارية فعليا ليست بعيدة، بحكم عدد الكيلومترات، إذ إن سكان التجمع الخامس مثلا يمكنهم الوصول إليها فى أقل من نصف ساعة، ولكن بالتأكيد الفكر الذى حكم إنشاءها، استند على فكرة جوهرية تستهدف الخروج من جو العاصمة الخانق إلى براح الصحراء، على أن يتم تخطيطها بفكر مستقبلى يراعى احتياجات وتوسعات المستقبل، حتى قبل أن تبدأ، ولكن يبقى سؤالى عن مدى كفاءة الطرق المؤدية إلى العاصمة لاستيعاب الحركة المنتظر تدفقها على العاصمة خلال السنوات القليلة القادة، إذا كانت هى الآن عاجزة، حتى قبل أن نبدأ!!
 
أحد خبراء المرور قال إن نقل دواوين ومقر الوزرات من قلب القاهرة إلى العاصمة الإدارية سوف ينقل حركة قرابة نصف مليون سيارة من هذا القلب مستهدفة إنهاء مصالح حكومية إلى الأطراف، إلى الطرق المؤدية إلى العاصمة الإدارية... فهل كفاءة الطرق الخالية والمستقبلية تحتمل هذا أم أننا فقط قمنا بترحيل مكان الأزمة المرورية من القلب إلى الأطراف؟
 
أعرف أن هناك مشروعا لإنشاء خط يربط العاصمة القديمة بالعاصمة الإدارية، ويمر عبر مدن السلام والعبور وبدر والشروق وأخيرا العاصمة، وأعرف أن المفاوضات التى قادها وزير النقل المستقيل هشام عرفات كانت قد وصلت الى مرحلة متقدمة، ولكن متى يبدأ التنفيذ؟
 
سعادتى بحجم الإنجاز الذى يتم فى العاصمة الإدارية بلا حدود، ولى الشرف أن ابنى الأوسط أحد المهندسين الذين يشاركون فى بنائها، كما أنه أدى خدمته العسكرية الإلزامية فيها، وأتمنى أن يعيش فيها أبنائى وأحفادى، وإذا كنت أذكر هذه الملاحظات فهذا لا يقلل من عبقرية المشروع والنقلة التى سيحدثها فى مستقبل المدن الذكية ومستوى الحياة فى مصر التى ننشدها جميعا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة