من قال إن استغلال الأطفال يعد قاصرا فقط على العمالة، واستنزاف طاقتهم وروحهم فى العمل البدنى فقط، يكفى فقط أن تفتش فى القنوات التى يطلقها البعض على موقع اليوتيوب من أجل التربح، لتدرك كيف يتم استغلالهم جيدا.
عائلة محمد قناة على اليوتيوب تقدم محتوى يستغل الأطفال
عائلة محمد.. قناة على اليوتيوب، تعد مثالا واضحا وصارخا على كيفية استغلال الأب لأطفاله من أجل التربح، فكل ما يحتاجه الأب، أى أب يتخذ من استغلال أطفاله وسيلة للتربح، سوى هاتف حديث Smart Phone وباقة إنترنت عالية، والقيام بتصوير أى فعل يقوم به أطفاله، ومن ثم نشره على قناة باسمه، ومع كل حلقة جديدة، يقوم الأطفال بترديد المقولة الشهيرة "دوس like واعمل subscribers".
نسبة مشاهدة إحدى الحلقات على قناة عائلة محمد تتجاوز المليون
ثم يأتى المحتوى. ولن نتوقف هنا عند إلقاء نظرة عامة على عناوين الحلقات البالغ عددها 105 حلقة، ولا عدد المتابعين للقناة البالغ 620,548 متابع، بل سنقوم بمشاهدة المحتوى، وتقيمه معا، هذا المحتوى الذى لا يشاهده أغلب أولياء الأمور، نظرا لانشغالهم، ومن يأتى الاستغلال الأسوأ.
عناوين الحلقات على قناة مغامرات محمد ونسب المشاهدة تتجاوز الملايين
لا شك أنك إذا ما سبق وشاهدت إحدى الحلقات المقدمة على قناة "عائلة محمد"، لاحظت جيدا، الكم الكبير للإعلانات التى يتم عرضها، وربما ظننت أن الأمر ليس له علاقة بالقناة، ولكن إذا ما دققت النظر، فسوف تلاحظ أنه كلما كان المحتوى المنشور متعلقا بأكثر الأمور بحثا على اليوتيوب، كلما زاد عدد الحلقات.
عائلة محمد فى إحدى المطاعم وكلمات قد لا تفضل سماعهما من طفلك
فى حلقة بعنوان "فاجاتهم ورحنا مطعم مشاوي بدوي سعودي لذيذ لايفوتك" ستجد أن 10 فواصل إعلانية، يتم بثها أثناء متابعتك للحلقة، بالطبع الآن أدركت أنك طفلك لا يشاهد ما ينفعه، بل هو فريسة للاستغلال أيضًا، مثله مثل أبناء "محمد"، ولن تجد لمثل هذه الحلقات أية قيمة، يستفيد منها طفلك.
من الأمور اللافتة أيضًا، هو الأسلوب الحوارى بين الأب وأطفاله، وهو أسلوب يسير فى اتجاهين، الأول هو أن عائلة محمد يبدو أنها لا ترى فى الحياة إلا نفسها فقط، وكأنهم وحدهم من يرى هذه الحلقات، فبطبيعة الحال، تخرج ردود أفعال الأطفال على سجيتها، مثل رؤية لنوع من السلطات فيقولون "يع"، أو طريقة تناول الطعام نفسها، وإذا كان من حق كل أب وأم أن ينشئ طفله على عادات معينة، فعلى عائلة محمد أن تدرك ذلك جيدا، أنها لا تسئ لنفسها فقط، بل تشوه وتفسد ما يربى الآباء أبنائهم عليه.
أما الأمر الثانى، أنه غاب عن عائلة محمد أن تضيف فى وصف القناة، أنها ذات طابع إسلامى "شعبى"، لتعليم الأطفال ترديد ما يقال عقب الآذان، والإكثار من قول "أقسم بالله العظيم" بصوت الأب، وبالطبع سيدرك أولياء الأمور أن هذه القناة لا علاقة لها بتعاليم الدين الإسلامى لا من قريب ولا من بعيد.
قد يتعرض أحد القراء على هذه الملاحظة، لكن عليك فقط أن تضع نفسك فى موقف أخيك فى الوطن، فالمجتمع المصرى لا يشكله المسلمون فقط، وإذا سبق ورأيت مثل هذه القنوات، التى يطالب الأب فيها أطفاله بين حين وآخر، بترديد جمل ومقولات من الدين المسيحى، ويسمعها طفلك، وربما يرددها، فلا شك أنك موقفك سوف يتغير.
وفى إحدى الحلقات، التى قد يراها البعض "عادية" وأن بعض الأطفال يقومون بمثل هذا التصرف، نشرت القناة حلقة حول "سرقة الشوكولاتة"، ولهذا فإذا ما فوجئت ذات يوم بطفلك يقوم بوضع الشوكولاتة على وجهه كاملا وملابسه، فلا تلقى باللوم عليه، لأنك عرفت السبب الآن.
استغلال الأطفال فى التريج لمنتجات المواد الحافظة الأشد خطورة على صحتهم
فى حلقة أخرى، بعنوان "فتحنا كرتونة كاملة وكسبنا 200 جنيه"، وهو أمر متكرر هنا، ستعلم أنك أمام أب بالفعل يستغل أطفاله، استغلال يتمثل فى الدعاية لمنتجات يسعى أولياء الأمور جاهدين لمنعها عن الأطفال، من خلال قناة قام بتأسيسها فى دقائق، ليتربح منها ومن أصحاب شركات هذه المنتجات، التى ليست فى حاجة لأن تدفع مبلغا وقدره من أجل الترويج لمنتجاتها، وليست فى حاجة إلى دفع الضرائب أيضًا.
سرقة الشوكولاته فى حلقات عائلة محمد
وأمام هذا الاستغلال، تجد نفسك أمام بكاء طفلك المستمر من أجل أن تأتى له بمثل هذه المنتجات الغذائية الغنية بالمواد الحافظة، والتى بح صوت المتخصصين فى التحذير من خطورتها على صحة الأطفال، وبما أن الأطفال يقلدون بعضهم البعض، فأنت الآن أصحبت تدرك لماذا يصر طفلك على نوع معين من هذه الأغذية دون غيرها، الإجابة، لأنه ببساطة شاهد أطفالا غيره يتناولونها وبصحبة من؟، والدهم!.
صاحب قناة عائلة محمد يروج لحصوله على درع اليوتيوب على انستجرام
ويعد صاحب قناة "عائلة محمد" مثالا فى كيفية التربح من منصات السوشيال ميديا، ففى وصف الحلقات على اليوتيوب يضع رابطا خاصا بحسابه على موقع "انستجرام"، ومن خلال جولة سريعة، ستعرف أن الأمر محض تجارة فقط، يربح منها من يستغلها وفقا لحساباته، درعا ذهبيا، وشهرة، وإعلانات من الشركات، وفى النهاية طفلك هو من يشاهد ويتأثر، ليحق لنا أن نسأل عن دور الرقيب، الذى يفترض أنه معنى بذلك.
إن السؤال عن دور الرقيب هنا، هو خاص بالجهات المعنية بالأطفال، التى يفترض أن تشرف على المحتوى الترفيهى الذى يقدم لهم، فما دمت تسعى للتربح باستغلال حاجة الآباء إلى محتوى يشاهده الأطفال، فعلى الأقل، أن تعرف ماهية هذا المحتوى لتقوم بتقديمه، إن كنت أهلا لذلك.
