يقول كتاب "مختصر تاريخ العدالة" لـ ديفيد جونستون، ترجمة مصطفى قاسم، والصادر عن سلسلة عالم المعرفة التابعة للمجلس الوطنى للفنون والثقافة والآداب بالكويت:" تبقى فكرة العدالة من المسائل ذات الأھمیة الجوھرية فى مضمار الفلسفة السیاسیة، وذلك منذ أن بدأ الإنسان يتأمل فیھا ملیا، ويحس بالاحتیاج إلیھا فى حیاته على ھذه الأرض..
فى واقع الأمر، ھناك كتابان قد احتلا موقع الصدارة فى الفكر السیاسى الغربى بخصوص العدالة وھما : ((جمھورية أفلاطون)) وكتاب الفیلسوف الأمريكى جون راولز الذى صدر فى العام 1971 بعنوان ((نظرية فى العدالة))، ويعتبر بمنزلة حجر الزاوية فى ھذا المجال، وكلاھما يتضمن مقالات فى موضوع العدالة يصعب على القارئ العادى أن يسبر أغوارھا".
يتطرق الكتاب إلى العلاقة التاريخیة والفكرية بین الحاكم والمحكوم ضمن إطار العدالة والمساواة، ويتعقب تطور الفكرة الأساسیة للعدالة منذ العصور القديمة إلى وقتنا الراھن.
يشكل الكتاب، على الرغم من اختصاره، مسحا شاملا لفكرة العدالة منذ ظھور بذرتھا الأولى لدى البابلیین والعبريین والیونانیین والرومان، وصولا إلى المفكرين المعاصرين مثل جون راولز وغیره، ويكرس كل فصل من فصول الكتاب لبحث آراء أحد المفكرين الذين تبلورت من خلال جھودھم مفاھیم العدالة مثل أفلاطون وأرسطو وتوماس ھوبز ومفكرى مذھب المنفعة، مرورا بآراء آدم سمیث وبیكاريا وبینثام وجون ستیوارت مل، وثم الفیلسوف العملاق إمانويل كانت.
ينسج المؤلف الجدل الذى يثار حول أفكار فلسفیة معقدة بأسلوب سھل الاستیعاب، ويرصع النقاش الفلسفى البحت بمسائل واقعیة عن العدالة، ولھذا فقد جاء الكتاب ملبیا لمتطلبات الدقة العلمیة والوضوح المطلوب، وقدم لنا المؤلف مادة طالما كنا فى حاجة إلیھا، من خلال سرد قابل للقراءة، يشید بأھمیة العدالة ويركز على الإرث الفكرى المتعلق بھذا الموضوع، علاوة على تفاصیل نظريات بارزة مثل نظرية العدالة الاجتماعیة وقضايا الظلم الاجتماعى والعالمى التى تشغل أذھان الناس العاديین والفلاسفة على حد سواء منذ زمن طويل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة