بوح العارفين.. قلبى بذكركَ مسرورٌ ومحزونُ.. قصيدة لـ"ابن عربى"

الأحد، 27 مايو 2018 12:00 ص
بوح العارفين.. قلبى بذكركَ مسرورٌ ومحزونُ.. قصيدة لـ"ابن عربى" صورة متخيلة لـ ابن عربى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
محيى الدين محمد بن على بن محمد بن عربى الحاتمى الطائى الأندلسى، ولد فى مرسية فى الأندلس عام 1164، قبل عامين من وفاة «سلطان الأولياء» الشيخ عبد القادر الجيلانى الذى تُنسب إليه الطريقة القادرية الصوفية، وهو واحد من كبار المتصوفة والفلاسفة المسلمين على مر العصور، كان أبوه على بن محمد من أئمة الفقه والحديث، ومن أعلام الزهد والتقوى والتصوف، وكان جده أحد قضاة الأندلس وعلمائها، درس فى إشبيلية ومكة وبغداد، خرج لقضاء فريضة الحج وظل سائحا فى بلاد الله وتوفى فى دمشق عام 1240، ودُفن فى سفح جبل قاسيون.
 

قصيدة .. قلبى بذكرك:

قلبى بذكركَ مسرورٌ ومحزونُ

لمَّا تملكهُ لمحٌ وتلوينُ
فلوْ رقتْ فى سماءِ الكشفِ همتهُ
لما تملكهُ وجدٌ وتكوينُ
لكنه حادَ عن قصدِ السبيلِ فلمْ
يظفَرْ به فهو بين الخلْقِ مِسكين
حتى دعته من الأشواق داعية 
همتْ لها نحوَ قلبى سحبهُ الجونُ
وأبرقتْ فى نواحى الجوِّ بارقة 
أضحى بها وهو مغبوطٌ ومفتون
والسحبُ سارية والريح ذارية
والبرقُ مختطفٌ والماءُ مسنونُ
وأخرجتُ كلَّ ما تحويهِ من حبسٍ
أرضُ الجسومِ وفاح الهندُ والصين
فما ترى فوق أرضِ الجسمِ مرقبة
إلا وفيها من النُّوّارِ تزيين
وكلما لاح فى الأجسام من بدعٍ
وفى السرائر معلومٌ وموزونُ
والقلبُ يلتذُّ فى تقليبِ مشهدهِ
بكلِّ وجهٍ من التزيينِ ضنينُ
والجسمُ فلكٌ ببحرِ الجودِ يزعجهُ
ريحٌ من الغربِ بالأسرارِ مشحونُ
وراكبُ الفلكِ ما دامتْ تسيرهُ
ريحُ الشريعة محفوظٌ وممنون
ألقى الرئيسُ إلى التوحيدِ مقدمهُ
وفيهِ للملإ العلوى تأمينُ
فلو تراه وريحُ الشوقِ تزعجُه
يجرى وما فيه تحريكٌ وتسكينُ
إن العناصر فى الإنسانِ مُودَعة
نارٌ ونورٌ وطينٌ فيه مَسْنونُ
فأودعِ الوصلَ ما بينى على كثبٍ
وبينَ ربى مفروضٌ ومسنونُ
فالسرُّ باللهِ منْ خلقى ومنْ خلقي
إذا تحققتَ موصولٌ وممنونُ
يقولُ إنى قلبُ الحقِّ فاعتبروا
فإنّ قلبَ كتابِ اللهِ ياسينُ
من بعدِ ما قد أتى من قبل نفحته
على من دهره فى نشأتى حين
لا يعرفُ الملكُ المعصومُ ما سببى
ولا اللعين الذى ينكيه تنيّن
لما تسترت عن صَلصال مملكتي
أخفانِ عن علمه فى عينه الطين
فكانَ بحجبهُ عنى وعنْ صفتي
غيمُ العمى وأنا فى الغيب مخزونُ
فعندما قمتُ فيهِ صارَ مفتخراً
يمشى الهوينا وفى أعطافه لِينُ
لما سرى القلبُ للأعلى وجاز على
عدْنٍ وغازلنه حُوْرٌ بها عِينُ
غضِّ الجفونَ ولم يثنِ العنان لها
لما مضى عن هواه القرضُ والدَّينُ
فعندما قامَ فوقَ العرشِ بايعهُ
اللوحُ والقلمُ والعلاَّمُ والنُّونُ
فلو تراه وقد أخفى حقيقتَه له
 فويقَ استواءٍ الحقّ تمكينُ
فإن تجلى على كونٍ بحكمته لهُ
علا ظهرَ ذاكَ الكونِ تعيينُ
فلا يزالُ لمرحِ الملقياتِ بهِ
يقولُ للكائناتِ فى الورى كونوا
فكلُّ قلبٍ سها عن سرِّ حكمته
فى كلِّ كونٍ فذاكَ القلبُ مغبونُ
فاعلمْ بأنكَ لا تدرى الإلهَ إذا
ما لمْ يكنْ فيكَ يرموكَ وصفينُ
فاعرف إلهك من قبل الممات فإن
تمت فأنت على التقليد مسجونُ
وإن تجليت فى شرقى مشهده
علماً تنزه فيكَ العالُ والدونُ
ولاح فى كلِّ ما يخفى ويظهره
منَ التكاليفِ تقبيحٌ وتحسينُ
فافهم فديتُكَ سرَّ الله فيك ولا
تظهرْه فهو عن الأغيار مكنونُ
وغر عليه وصُنه ما حييتَ به
فالسرُّ ميتٌ بقلبِ الحرِّ مدفونُ









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة