محمد عبد السلام أبوهرجة يكتب: صديق افتراضى

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2018 04:00 م
محمد عبد السلام أبوهرجة يكتب: صديق افتراضى مواقع التواصل الاجتماعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصبحت مدمنا لأحد مواقع التواصل الاجتماعى، فقد عوضتنى عن غياب أولادى بعد أن شغلتهم متاعب الحياة وأنهكهم السفر وبعد خروجى من الخدمة دخلت إلى عالم افتراضى وهمى، لا أنكر من مميزاته أنى تواصلت مع أصدقاء تاهوا فى الحياة ودروبها منهم من مر على عدك رؤيتى  له عشر سنوات، ومنهم أكثر من ذلك ومنهم من مر على آخر لقاء بينى وبينه ثلاثون عاما .

جلست فى الأتوبيس ومعى أكياس تمتلئ بمتطلبات الأسبوع ما يكفى لعجوز مسن يعيش وحيدا بعد وفاة زوجته، وما أن أجلسنى أحد الشباب عندما صعدت مباشرة تقديرا للسن  فقمت بتوجيه كامل الشكر له على تصرفه الراقى، وجلست واضعا الأكياس البلاستيكية بين القدمين وأخرجت هاتفى المحمول أتصفح علامات الإعجاب والتعليقات وأسعد كثيرا بتعليق أحد الأصدقاء الافتراضيين على منشوراتى، خصوصا السياسية والحياتية، وصديقى الافتراضى هذا لم أتقابل معه على الواقع وقمت بإضافته فقط بسبب وجود بعض الأصدقاء المشتركين بيننا وأحفظ صورته جيدا، ولكنه لا يعرفنى فقد قمت بتغيير الصورة الى كنت أضعها لأضع صورة أحد الفنانين القدامى بدلا من صورتى الحقيقية.

كنت جالسا بجوار الشباك وفى صدفة نادرة لمحت صديقى الافتراضى فى الشارع يهرول من أجل اللحاق بالأتوبيس، يا لها من صدفة هائلة للتعرف عليه وتوجيه الشكر له على تعليقاته وعلامات الإعجاب التى يمطرنى بها، وفى صدفة أكثر حظا كان المقعد بجوارى خاليا فتقدم سريعا وجلس وكان يتحدث بالهاتف فى مكالمة متوترة نوعا ما وكانت عن مواقع التواصل والأصدقاء الافتراضين، وسعدت كثيرا وفضلت أن اتعرف عليه بعد الانتهاء من المكالمة، ولكن حدث ما لم أكن أتوقعه فسمعته يسب ويشتم فى الانترنت ومواقع التواصل والأصدقاء الافتراضيين وأعطى مثالا وذكر اسمى، فتحولت السعادة الى كنت عليها الى ترقب وقلق مما سيقوله وتسارعت دقات قلبى حيث بدأ يتحدث عنى بأسلوب غير لائق و أن كل تعليقاته وإعجاباته على منشوراتى هى لتعميق العلاقة حتى إذا ما احتاجنى يوما ما فى أى موضوع أو لاقتراض مبلغ من المال، فأصابتنى صدمة عنيفة من هول ما أسمع، وما أن أنهى المكالمة حتى أشار للكمسرى برغبته فى النزول وقبل أن ينزل من الأتوبيس كنت قد مسحته من سجل الأصدقاء وأيضا إضافته إلى القائمة المحظورة وخرج من حياتى نهائيا وقمت بإجراء عمل استباقى مثل الخطط الدفاعية فى الحروب، فقمت بحذف كل من هم على نفس حالة هذا الصديق الافتراضى وأيضا تغيرت نظرتى لمواقع التواصل الاجتماعى فالصورة تبدو مختلفة تماما عن الواقع والرجاء الحذر تماما كما هو مكتوب على  مرآة السيارة الجانبية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة