سوزان بدوى تكتب: قد تظن أنك لا تضر

الخميس، 25 يناير 2018 06:00 م
سوزان بدوى تكتب: قد تظن أنك لا تضر ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المبدأ القائم على أنك حر ما لم تضر يُعَد من المبادئ البراقة ذات الجاذبية التى يستند إليها كل صاحب رأى وكل متمسكٍ بحريته، خاصةً من أصحاب القلم وهم فئة من أكثر الفئات تأثيراً فى المجتمع وفى بلورة الضمير الجمعى للأمم، لذلك فإنه يجب على كل كاتب مصدرٍ للكلمة أو معلنٍ للرأى أو ناقلٍ للخبر أن يحرك ضميره قبل أن يحرك قلمه ليخط كلماته، فلا يترك نفسه أسيرة العند والصلف والغرور فيما يبثه للقاريء تحت ستار الحرية دون اعتبار لمنهج  أو ضوابط تحتمها مراعاة الكثير من الأمور الهامة كالأمن القومى ومواجهة الحروب والمؤامرات إلى جانب ضرورة انتهاج الدولة لسياسات بعينها لعبور أزماتها المستعصية على الحل منذ سنوات، إلا بمشاركة الجميع حكومة وشعب ومؤسسات وأفراد فى تحمل أعباء الإصلاح وأثقال التنمية المنشودة والتى ستعبر بنا جميعاً إلى آفاق ينشدها كل عاشقٍ لهذا الوطن .

فقد تبث آراءك المتسمة بالتهكم والسخرية من كل جهد أو عمل بغية التقليل من شأنه وشأن القائمين عليه أو قد تعلن خبراً دون التأكد من صحته خاصةً وإن كانت مصادر تلك الأخبار مشبوهةً مغرضة تهدف إلى زعزعة الاستقرار وإثارة البلبلة وحلحلة أى انتماء للوطن أو ارتباط بمقدراته، إلى جانب نشر الإحباط والعمل على التأثير فى نفس المواطن بإفقاده الثقة فى كل ما و من حوله فيصبح عنصراً سلبياً حاقداً ناقماً على كل شيء، وهو مبتغى كل كارهٍ معادٍ لهذا الوطن يود هدمه بأيدى أبنائه .

وليعلم كل صاحب كلمة أن السخرية فى غير موضعها ما هى إلا خروج عن الإحساس بالمسئولية وأن خفة الظل فى غير محلها ما هى إلا سخافة، وأن اعتقاده بمبدأ أنت حر ما لم تضر يكفل له الأحقية فى تحديد ما يضر وما لا يضر بنفسه ما هو إلا استخفاف بكل شيء - فالضرر عندما يتعلق بأمور الدولة لا يمكن أن يحدد أبعاده الفرد بل تحددها رؤية شاملة لكل ما يمس المجتمع ويلمس مقدراته من قِبَل مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، خاصةً ونحن نمر بمرحلةٍ فارقة نعبر من خلالها نحو البناء والتنمية ومحاربة الفساد والتآمر والإرهاب .

فكن متريثاً لا تشارك فى الشائعات، وكن منصفاً لا تسفه من الإنجازات، وكن مستعففاً لا تستمرئ الشكوى، وكن مسئولاً لا تنشر الإحباط، ولا مانع من أن تكون ناقداً معارضاً ولكن بموضوعية وصدق دون رمى الناس بالباطل واتهامهم زوراً بالخيانة أو التقصير ودون كف البصر واستعماء البصيرة عن كل ما هو حق .

مع الوضع فى الاعتبار أن علمك قاصرٌ مهما بلغ وأن فكرك محدود مهما اتسع وأن لكلٍ مجاله وتخصصه وخبراته المحاطة بعدة اعتبارات قد لا تدركها بلاغة قلمك أو خفة ظلك، فتحرى الحقيقة والتزم الصدق واعلم أن مبدأ أنت حر ما لم تضر مبدأ قاصر ومنقوص - وقد تظن أنك لا تضر .










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة