محمد أبو الغار يكتب: مصر التى تغيرت

الثلاثاء، 02 يناير 2018 04:40 م
محمد أبو الغار يكتب: مصر التى تغيرت محمد أبو الغار
اعداد : وائل السمرى - خطوط أحمد فايز - رسوم أحمد خلف - شارك فى إعداد الملف أحمد عصام - عباس السكرى - محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لست أدرى هل هى النوستالجيا أم هى الحقيقة؟ أشياء كثيرة تغيرت.
 
عندما أتذكر طفولتى وشبابى أرى مصر مختلفة، لكنى لى فى هذه التى تغيرت ذكريات جميلة، أحبها وأعيش فيها.
 
 أذكر مدرستى الأولى «القربية» فى شارع السلطان حسين أمام مدرسة الليسيه فرانسيه فى باب اللوق، كانت قصرا لأحد الأمراء وتحولت إلى مدرسة التجارة العليا قبل أن تصبح كلية التجارة وتنتقل إلى مبنى جامعة القاهرة فى الجيزة.
 
أذكر فى هذه المدرسة الناظر الفخيم الذى كان يلبس بدلة كاملة بكرافتة وصديرى ويتحرك فى المدرسة كلها ويدخل الفصول ويفتش على الطلبة والمدرسين.. ترى أين ذهب الآن؟
أذكر أننى كنت فى فريق الكشافة وأتذكر جيدا بدر أفندى، مدرس الخط العربى، الذى كان يبدع بكل أنواع الخطوط العربية الجميلة.. هل احتفظ ببعض من مخطوطاته؟
كانت المدرسة فى حى الطبقة المتوسطة، ولكنه مجاور لبعض الأحياء الشعبية، فكان هناك الطلبة الفقراء وبعض أبناء الطبقة المتوسطة، ثم انتقلت إلى مدرسة الناصرية الخاصة، وهى كانت المدرسة الخاصة الوحيدة التابعة لوزارة التعليم، وكانت تسمى وزارة المعارف العمومية لتجمع بين التعليم والمعارف العامة، أى الثقافة بمعناها الشامل.
 
855184-محمد-ابو-الغار
محمد أبو الغار
 
لكن هذا الاسم أيضا تغير.
 
كانت هذه المدرسة تضم أولاد الباشاوات الكبار الذين كانوا يرغبون فى إرسال أبنائهم إلى مدرسة مصرية وليس فيكتوريا كوليدج الإنجليزية، وكان بها قسم داخلى لإقامة الطلبة العرب من أبناء الأمراء فى البلاد العربية وبعض أولاد الباشاوات من الصعيد وبحرى.
 
نعم نعم، كان أثرياء العرب يرسلون أبناءهم إلى مصر ليتعلموا.
 
بجانب أبناء الباشاوات كان هناك أبناء الطبقة الوسطى، لم أحب هذه المدرسة، لأن الطلبة كانوا «آخر دلع» ويفعلون ما يحلو لهم، وكان ناظر المدرسة بك رسمى حاصل على البكوية من الملك، وأنا أحب الجدية، ولا أحب المظاهر الفارغة. 
تركت المدرسة بعد حصولى على الإعدادية فى العام الأول لإنشائها، وانتقلت عام 1954 إلى الإبراهيمية الثانوية فى جاردن سيتى أمام مدرسة المير دى ديو الفرنسية، وخرجت منها فى يونيو 1956 وعمرى أقل من 16 عاما لأدخل إعدادى طب فى كلية العلوم قبل أن يتغير اسمها ويصبح كلية الطب.
 
شهدت بعد دخولى أحداثا رهيبة بين طلبة الإخوان الذين هاجموا طلبة ما يسمى هيئة التحرير، وانتهت الأحداث بإصابات ضخمة بين الطلاب وحصار المدرسة بالبوليس، وقام الناظر بدفع الطلبة الصغار وأنا من ضمنهم «أقل من 14 عاما» إلى السطوح خوفا علينا، وانتهت المعركة بعد حوالى 24 ساعة بالقبض على الإخوان وإغلاق المدرسة لأجل غير مسمى، وأعلن كمال الدين حسين، وزير التعليم، رسوب جميع الطلبة هذا العام الدراسى، ولكنه عفا عنا بعد شهر.
 
تعرفت فى الإبراهيمية على مجموعة رائعة من الأصدقاء دخلوا معى الطب أول أكتوبر 1956، وبعد ثلاثة أسابيع حدث العدوان الثلاثى المسمى بحرب السويس وأغلقت الجامعة شهرين وكنا فى إعدادى طب فى كلية العلوم، وفى الأجازة الصيفية ذهبنا إلى معسكر الجامعة فى مرسى مطروح المجهز بخيام نظيفة ومحترمة وقضينا أسبوعين بوجبات كاملة ونشاط رياضى وثقافى مع سفر بالدرجة الثالثة ودفعنا 50 قرشا فقط للطالب.. ترى كم تتكلف الرحلة الآن؟
دخلت سنة أولى طب وعمرى 17 عاما، ومن يومها وأنا أعيش فى الطب وأعيش فى مصر برغم أنى تجاوزت الـ77، لكن هذه هى مصر التى عرفتها فى شبابى الأول، والتى أندهش كثيرا حينما أرى فيها الكثير من الأشياء وقد تغيرت، لكن هذه الدهشة تزول حينما أنظر فى المرآة.. فأنا أيضا تغيرت.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة