روفائيل واصل، أو كاهن المحبة كما يسمى بمحافظة الدقهلية، الرجل الذى أثار ضجة خلال الأيام الماضية، بعد تقدمه لافتتاح مسجد بعزبة الباشا، التابعة لقرية ميت فارس، بمركز بنى عبيد بمحافظة الدقهلية، وتقدم الصف الأول خلال صلاة العصر بالمسجد، فى جو من المحبة والسعادة.
"اليوم السابع" التقى كاهن المحبة، والذى فتح صدره خلال الحوار، وسط إنجازاته المتكررة فى مدينة دكرنس، بداية من إنشائه حمام سباحة فى إحدى طوابق مبنى تابع للكنيسة، وإنشاء عيادة طبية مجانية تعالج جميع المواطنين، وتقدم له الدعم الطبى والمعنوى، وصالة ألعاب "جمانيزيوم"، وكله فى سبيل المحبة ـ كما يقول ـ
هل هناك أفكار معينة أنت تحاربها أو تعانى منها خلال تعاملاتك اليومية؟
إن مصر بها تلوث فكرى، تعجبت جدا من الضجة لدخولى المسجد وحضورى الصلاة داخل المسجد، أن ما حدث فى مصر خلال السنوات الأخيرة كان تلوث فكرى، المصرى لم يكن هكذا مطلقا، الأفكار الدخيلة، منذ السبعينات، عانينا منها، الرئيس السادات أساء كثيرا لمصر، بفتحه المجال للجماعات الإسلامية، وأساء للإسلام أكثر إساءة بإتاحته الفرصة لهؤلاء الدخلاء على مصر، أول ما ظهرت الجماعة الإسلامية وقت السادات، أنا وأخى، كنا نشترى كتب الطب، مكتوب فيها بسم الله الرحمن الرحيم، الجماعة الإسلامية، وهذا الذى أصاب المجتمع بالتلوث الفكرى، والأفكار السيئة الأيام الماضية، انتشرت جدا، ومعنى أنى أترك الأفكار المتطرفة فى الشارع يبقى أنا ساعدته، بنت من بناتى فى 3 إعدادى المدرس الذى يدرس لها مادة الرياضيات، منعها من دخول الفصل، بسبب أنها كاشفة لشعرها، لماذا يحدث كل هذا، أنا لا أشك إطلاقا فى تلوث الفكر المصرى، أنا يوميا أتعجب مما يحدث وأسأل ليه كدا، تركيبة المجتمع تغيرت، ولكن النسيج الواحد لن ينفتل أبدا.
حدثنى عن حياتك مع المسلمين وتجربة دخول مسجد ميت فارس أثنا أداء صلاة العصر؟
دخولى المسجد كان بدعوى من أحد المتبرعين، وأنا لم يكن لدى مانع، ولكن لدى بعض التحفظات لا أضمن رد فعل أى شخص، خاصة وأنا معروف فى مركز دكرنس بين المسلمين والأقباط، أنا أى شخص يحدث له مشكلة يأتينى لحلها، إمام أحد المساجد فى دكرنس، أتانى وقال لى يا أبونا أنا تعاركت مع زوجتى، ووالدها الشيخ فلان أحد الشيوخ الشهيرين فى دكرنس، ووالدها أخذها بيتها، فذهبت له لمنزله، أول ما رآنى الشيخ، قالى أنا عارف لماذا أتيت، ولكن لن أتكلم، وجلست إلى البنت واستمعت إليها فنظر إليها والدها الشيخ وقال لها اذهبى مع أبونا، ويا أبونا البنت مسؤلة منك أمامى، وعلى هذا الأساس أنا أعيش فى البلد، نحن لدينا كل التخصصات مثلا فى عيادة الكنيسة، ونقدم كل الكشوفات الطبية مجانا للجميع، دون الكشف عن هوية الزوار، مسلمين مسيحين، ومنتقبات وملتحين، ومن كل الفئات، أنا فوجئت الجمعة الماضية، بسيارة فارهة نزل منها شخص، وقال لى لو سمحت يا أبونا الحاجة فى السيارة تريد أن تسلم عليك، فاستحييت، أن اذهب ولكن تقربت من السيارة إحراجا، فقالت لى من 3 أسابيع أتيت العيادة راكبة عجلة متحركة، وأنتم اللى اعطتونى العجلة المتحركة، وأنا حاليا تعافيت بسببكم، وابنى يعمل فى السعودية اتصلت به وقلت له أرسلى كرتونة عجل متحرك من السعودية عشان نتبرع بها لعيادة الكنيسة، المحبة هى كلمة السر، إحنا عندنا آشعة إيكو أسنان عيون باطنى، كل شئ، أنا دائما شعارى لا تساعد المجتمع بل أسعد المجتمع، طبطب على، خذنى فى حضنك، دعنى أشعر أنى بنى آدم، السعادة هى كلمة السر، والله خلق الإنسان نقى تماما، المجتمع هو من لوث الإنسان، وأنا أحب أن أعمل بالآية فى الكتاب المقدس التى تقول لا تهاجم الشر، لا نهاجم الشوك نزرع القمح أحسن، وأفضل، وهذا هو تفسير الآية بالعمل، وكله بمعونة الله.
المسجد الذى تم افتتاحة فى ميت فارس، تم عمل فيه وحدة للغسيل الكلوى، وكنت أنتوى أن أقوم بفتح وحدة غسيل فى عيادة الكنيسة، ولكن لما رأيتها فى المسجد قلت خلاص، لن نقيم وحدة للغسيل الكلوى، الكل يكمل الآخر، والتعاون يكون بهذا الشكل، خدمة المجتمع، وإسعاد المجتمع،
حدثنا عن السيدة القبطية ميرفت تكلا التى سعت لإنشاء مسجد بميت فارس بدكرنس؟
ميرفت تكلا نموذج مشرف، هى تبحث فى التفاصيل، السجاد الخاص بالمسجد نزلت واشترته، لم تكتف بشراء السجاد، إنما بحثت عن ألوان جذابة، وصممت الديكور، الجميل، الذى يجذب الناس للمسجد، لإن المسجد بيت من بيوت الله ولابد أن يقام على أفضل ما يكون، وهى رائعة وناجحة فى عملها، ورأيتها أكثر من مرة فى الأعمال الخاصة بها بشركة مياه الشرب والصرف الصحى، وكانت حازمة جازمة، وهى محبة وخدومة، لا يذهب اليها احد وترده، فى كل المجالات تخدم الناس، وعلاقتها حلوة بالناس، تذهب معهم للمقابر، للأفراح، للمآتم، 25 سنة فى قرية تعلم تفاصيلها، تذهب للناس فى كل مكان من أجل خدمتهم وقضاء حوائجهم، و99% منهم مسلمين، وتعرضت لاعتراضات كثيرة، وقيل لها الكنيسة أولى مثلا، ولكن بيت الله هو بيت الله فى كل مكان، ولا فرق وتاريخها الجميل، لم يسمح لأحد من أن يعارضها أو يهاجمها، وبالتالى هى تعمل بتاريخها الشخصى العظيم.
حدثنى عن أنشطتك فى رمضان؟
رمضان شهر جميل كله خير ومحبة، ونحن نحب الكرم، وعندى فريق عمل، مكون من الشباب، أحضر سندويتشات، وزجاجت مياه، وعصائر، وأذهب لكوبرى دكرنس، وقت آذان المغرب، لتوزيع الإفطار على الناس فى الطريق، أنا لا أريد أن أساعده، أريد أن أسعده، وتعرضت لانتقادات كثيرة جدا، ولكن أنا خدام الناس مسلمين أو مسيحين، لا مشكلة عندى أن أكنس الشارع بنفسى، اترك اُثر كبير، يأتينى مسلمين كثيرين فى رمضان، يطلبون مساعدة مالية يقول مثلا عايز 10 جنيه أشترى كذا، لا أعطية العشرة جنيه فقط، لابد أن أعطيه كيس لحم، كيس حلويات، أسعده، ونحن نقيم فى السبت الأخير من رمضان، إحتفالا فى الكنيسة، بعيد الفطر المبارك، ولكن الأحداث تمنعنا، عندنا أحداث كثير مثل الإسكندرية وطنطا، ودير الأنبا صموئيل، مساكين ذهبوا للعمل من أجل كسب لقمة العيش قتلوهم، وسرقوهم، انعدم الإحساس لدى الناس، ونحن نراعى المشاعر تلك، وهذا ما يعطلنا عن أمور كثير.
ما انتقادات للأمور الدائرة الآن؟
أصوات غريبة بدات تظهر تكفر المسيحيين، المسيحيون موجودون من قديم الأزل، المسيحية مش جديدة، فجأة بقينا كفار، أمور غريبة أنا انتقدها تماما، وأيضا، الإضطهاد الذى يلحقه البعض بالمسيحيين، ولكن نحن نحب، ونعيش بالحب، ونحمل فى صدورنا كثير ولكن المحبة تغطى على كل شئ، أمس كان لدى زوار من أجا، قلت لهم نحن تعودنا أن الابن يحمل أبيه ميتا، الآن الأب هو من يحمل ابنه، أبونا دانيا فى طنطا زوج شقيقتى ابنه توفى فى تفجير الكنيسة، مثلا بأى ذنب قتل، المجتمع محتاج لضوابط كثيرة، تأخير الإعدام للمجرمين هو من ساعدهم فى انتشار البغى ذلك، القضاء البطئ هو من يعرضنا للخطر، وهو ما أزاد الإرهاب، أنا أناشد القضاة بتعجيل المحاكمات، وإصدار أحكام رادعة للمجرمين، مثل حكم الإعدام الصادر على 7 أشخاص مؤخرا بأجا، أنا حزنت جدا لما تم قتل المقدم أحمد حسين رئيس مباحث شربين، لماذا يترك هؤلاء، المجتمع تلوث بسبب عدم وجود أحكام سريعة، نحن مكثنا 3 سنين حتى تم إعدام عادل حبارة، لماذا القضية واضحة والجرم عظيم، لماذا لم يتم إعدامه فى عجالة، المسيحى صامت لإنه يحب الدولة، ودور الدولة أن لا تغفل عن هذا الصمت، وتزيد المحبة وتدعمها بالمساندة، والقيم الإنسانية لابد أن تزيد فى المجتمع.
هل فكرة تجديد الخطاب الدينى مهمة على المستويين؟
مهمة على مستوى احد، لا يجرأ كاهن فى كنيسة واحد أن يقول كلمة خاطئة، انا أقول فى العظة ابنك لو ذهب للمستشفى لا تعطية سندوتش واحد، اعطيه 3 سندويتشات، لزميله المسلم، ولكن تقابل أحيانا بالرفض، الأطفال رضعوا أفكار ملوثة، ولكن هذا بنسب محدودة، تجديد الخطاب الدينى سيقضى على هذه النسبة المحدودة، إحنا إخواتنا المسلمين من الشيوخ وعلماء الأزهر، حريصين جدا على مصر والمجتمع، وإرساء قواعد المحبة جنبا إلى جنب معنا، والمحبة هى دائما كلمة السر، فلو جددنا الخطاب الدينى بشكل صحيح سنزيد هذه المحبة وستكبر،.لكن أى كاهن يستحيل أنه يقول كلمة خاطئة، هو يقول أحبوا أعدائكم باركوا لأعنيكم صلوا من أجل مبغضيكم، محتاجين يكون هناك هذه الروح على كافة الجوانب.
ما رأيك فى رسائل المجمع المقدس الأخيرة للبابا تواضروس والتى تقول له لا تنفرد بالسلطة وحدك على سبيل المثال؟
البابا تواضروس رجل مستنير، والمسيحيون بطبعهم متحفظون، البابا تواضروس يقول افتح المجال للكنائس العالمية مثلا، المجمع المقدس يقول اغلق، بدل من الوقوع فى أمور أخرى، ننظر بداخلنا ونعالج أنفسنا، والمجمع المقدس شئ عظيم جدا، والكل يعمل من أجل مجد الله، وكل شئ يأتى فى موعده، البابا تواضروس من أكبر إنجازاته، مجلس كنائس مصر، شئ عظيم جدا، وأنا سعيد به للغاية والكنيسة شهدت تطورا كبيرا جدا، فى عهد البابا تواضروس، ومصر انفتحت على الكنائس العالمىة وقت الأنبا كيرلس السادس، ولكن لم نكن نريد الاصطدام فى الأفكار الخاصة بالإيمانيات الثوابت الموجودة، ولكن لا نريد أن نختلف فى أمور فرعية، أنا لدى ثوابتى ومجامعى المسكونية، لا نريد الخروج عنها، نحن كلنا نؤمن بالإله الواحد، الإنجيل واحد المسيح واحد الخلاص واحد، لا تغيير فى ذلك من يغير يغير لنفسه، ولا أسمح لأحد يتدخل فى إيمانى، ونحن نعيش سلم اجتماعى مع الكنائس الأخرى، ولا نريد الصدام سواء واضحا أو مباشرا، أو خفيا حتى.
