"البشير الحائر".. أين سيقف رئيس السودان من أزمة الخليج؟.. إغراءات الدوحة وزيارات "موزة" تكبلان الخرطوم.. الاحتياج للدعم والمساعدات السعودية أبرز القيود.. والتزام الصمت أفضل الخيارات

السبت، 27 مايو 2017 01:08 ص
"البشير الحائر".. أين سيقف رئيس السودان من أزمة الخليج؟.. إغراءات الدوحة وزيارات "موزة" تكبلان الخرطوم.. الاحتياج للدعم والمساعدات السعودية أبرز القيود.. والتزام الصمت أفضل الخيارات الرئيس السودانى عمر البشير
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وقعت الواقعة بين دول الخليج وقطر بعد أن ضربت الأخيرة بعرض الحائط كافة الثوابت العربية والخليجية، لتبدأ صفحة جديدة من القطيعة مع الدوحة لا أحد يعلم إلى أى مدى ستصل، فى ظل إصرار الأمير الصغير على اتخاذ الاتجاه المعاكس والإضرار عن عمد بالمصالح العربية ومساندة الجماعات الإرهاب وتوفير الدعم المادى واللوجيستى والغطاء السياسى والملاذ الأمن لها، فى وقت أعلنت فيه الدول الإسلامية وواشنطن التحالف صفا واحدا فى مواجهة الإرهاب.

 

تصريحات الأمير الصغير "تميم" والتى هاجم فيها دول الخليج وامتدح إيران وإعلان سحب سفرائه من دول الخليج ومصر وضعت الدوحة فى عزلة جبرية، إلا أن نتائج تلك العزلة لن تنعكس فقط على البيت الخليجى بل أن جميع المنطقة العربية التى ستكون معنيه بها، حيث يقف الجميع اليوم فى مفترق طرق إما أن ينحاز إلى مصالح الأمة العربية والتصدى للإرهاب أو الوقوف فى صف الدوحة التى خرجت عن الصف وغردت خارج السرب حتى ضلت الطريق.

 

هذا الخيار لن يكون صعبا على الدول التى تقف على مبدأ ثابت وراسخ ولها سياسة خارجية ثابتة لا تتأرجح بين المحاور الإقليمية بين الحين والآخر وفقا لمصالحها الخاصة، ويبدوا أن الخرطوم ستكون من تلك الدول التى ستحتار كثيرا قبل أن تنحاز إلى أى الجبهتين بعد أن فتحت أبوابها على مصراعيها للمال القطرى للعبث بالقرار السودانى، فحتى اللحظة لم يعلن النظام السودانى عن موقفة من الأزمة وما أعلن عنه تميم من مساندة طهران ضد المصالح الخليجية، والى أى وجهة سيتجه فى الفترة المقبلة، حيث أصاب تلاحق الأحداث على مدار الأربع والعشرين ساعة الماضية القائمين على الحكم فى الخرطوم بصدمة أربكت حساباتهم والى قاطرة سينضم.

 

عمر البشير كان بالأمس حليفا قويا لإيران وبينهما شراكة استراتيجية سواء على المستوى الاقتصادى أو العسكرى أو السياسى، حتى أنه كان يفتح ميناء بور سودان كنقطة عبور للأسلحة الإيرانية إلى الجماعات المتمرده فى افريقا وحركة حماس فى غزة، وقامت إيران بتمويل بناء مصانع أسلحة داخل السودان وعرضت البلاد لأى ضربة اسرائيلية من بضع سنوات.

 

وبين ليلة وضحاها تحول البشير وبشكل مفاجئ من محور طهران إلى المحور الخليجى، حيث تضامن مع السعودية بعد أزمة التهجم على المقرات الدبلوماسية للرياذ فى طهران، وقرر السودان رسميا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران فوراً تضامناً مع المملكة العربية السعودية الشقيقة فى مواجهة المخططات الإيرانية، وجدد إدانته بأقسى وأشد العبارات للممارسات العدائية الإيرانية ضد الممثليات الدبلوماسية للمملكة فى طهران.

 

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية آنذاك إن ولى ولى العهد ووزير الدفاع السعودى الأمير محمد بن سلمان تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الدولة بالرئاسة السودانية، الفريق طه عثمان الحسين، يفيد بقرار طرد السفير الإيرانى من الخرطوم، حيث أكد إدانة السودان للتدخلات الإيرانية فى المنطقة، عبر نهج طائفى، معلنا تضامن الخرطوم مع المملكة العربية السعودية فى مواجهتها للإرهاب، وتنفيذ الإجراءات الرادعة له.

 

والسؤال الآن هل ستكرر الخرطوم القرار نفسه وتقطع علاقاتها سواء الدبلوماسية أو الإعلامية مع قطر بعد أن كشفت عن وجهها الحقيقى وامتدحت إيران والمنظمات الإرهابية ضد المصالح الخليجية والعربية، فى ظل ما قدمته الرياض للخرطوم فى الآونة الأخيرة من دعم اقتصادى وسياسى كبير.

 

فالرياض وباعتراف الرئاسة السودانية كان لها الفضل فى حث واشنطن على رفع الخرطوم من لائحة الدول الداعمة للإرهاب، حيث قدمت الخارجية الشكر للسعودية على جهودها الدبلوماسية التى قادتها لمساعدة السودان فى هذا الشأن، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة فى يناير الماضى تجميد جزئى لعقوبات اقتصادية فرضتها على السودان منذ العام 1997، فى وقت أعلن فيه السفير السعودى لدى الخرطوم، على بن حسن جعفر، عن جهود تقودها بلاده لرفع ما تبقى من عقوبات على السودان بشكل كامل بحلول يوليو المقبل.

 

وأضاف أن حجم استثمارات المملكة المصدقة فى السودان تجاوز حاليا 26 مليار دولار، وأن التنفيذ الفعلى يبلغ حاليا 12 مليار دولار حسب إحصاءات وزارة الاستثمار السودانية، مؤكداً استعداد المملكة لاستضافة المؤتمر العربى للتنمية والإعمار بالسودان المقرر خلال الفترة القادمة، واعدا بتدفقات جديدة من الاستثمارات السعودية.

 

فيد العون التى مدتها الرياض للخرطوم فى الآونة الأخيرة أصبحت مهددة فى انتظار موقفها من الأزمة مع قطر، حيث يتوقع مراقبون أن يكون الخيار بالنسبة للسودان هذه المرة صعبا لأنها حتما ستخسر رافدا من روافد المعونات التى أصبحت تعتمد عليها بشكل أساسى، ففى الخيار بين الخليج وإيران اختارت الخرطوم أن تقف فى الصف الخليجى وتسارع لبيع طهران حليفتها لأنها وجدت بديلا عن الدعم الذى كانت تتلقاه من الدولة الشيعية.

 

وشهدت الفترة الأخيرة تحولا فى العلاقات بين الخرطوم والإمارة الخليجية تتخطى المساعدات الاقتصادية، فبعد أن أغدقت قطر فى ملياراتها ومنحها للسودان بدأت تستغل الدولة السودانية لتحقق من خلالها أهدافها الخبيثة وتنفذ من خلالها للقارة الإفريقية، حيث عن طريقها عبرت لإثيوبيا ودول حوض النيل والقرن الإفريقى، وبدأت تستغل الموارد السودانية الزراعية والتعدينية هذا فضلا عن قطاع السياحة حيث تم توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين تتعهد قطر بموجبها بترميم الآثار السودانية وحملة ترويجية عالمية لها مقابل حق انتفاع.

 

الدعم اللامحدود الذى له أهداف خفيه حول الرئيس السودانى عمر البشير إلى متحدثا باسم الإمارة حتى أنه مؤخرا وفى زيارة للدوحة – التى اعتاد مؤخرا على زيارتها - أثنى خلالها على ما أسماه دور قطر الإقليمى والدولى، فى حل قضايا المنطقة ومناصرتها للقضايا العربية، ووصف الاستثمارات القطرية بأنها الأساس فى استعادة السودان لدوره، وأن ودائع قطر فى بنك السودان المركزى مكنت الحكومة السودانية من تسيير الدولة عقب انفصال الجنوب.

 

وبلغ عدد المشروعات القطرية فى ولايات السودان المختلفة قد بلغ 60 مشروعاً فى مختلف القطاعات (الزراعية الصناعية، الخدمية والعقارية والتعدين) برأس مال قدره 1.7 مليار دولار، ويبلغ حجم الاستثمارات القطرية فى دولة السودان 1.7 مليار دولار، تغطى 195 مشروعاً، إلى جانب انطلاق مشروع "حصاد" الزراعى القطرى الذى يعد من أكبر المشاريع الزراعية بالسودان لصالح قطر.

 

وإذا كان البشير بارعا فى التنقل بيسر بين المحاور الإقليمية وفقا لمصالحه ومصالح نظامة، وإذا كان الخيار فى السابق بالنسبة للبشير سهلا حيث باع طهران من أجل مليارات دول الخليج وأعلنت فورا قطع علاقاتها الدبلوماسية معها وشاركت فى التحالف العربى لدعم الشرعية لليمن، فإن خيار اليوم سيكون صعبا للغاية على النظام الذى سعى دوما لجمع المكاسب رافضا أن يخرج خاسرا، وفى ظل تلك المعطيات قد يلتزم الرئيس السودانى الصمت حتى تمر العاصفة أو يضطر آسفا للانحياز لطرف ما. 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة