أن يشتكى المواطن من "البيروقراطية" فهذا أمر ليس بالمستغرب، لكن أن يشتكى الوزير نفسه من البيروقراطية، فهذا هو الغريب بعض الشىء، الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، فاجأ أهالى صفحة "تمرد المناهج"، حين دخل على صفحتهم وتواصل معهم بالردود، لكن المفاجأة الأكبر كانت فى شكواه من "البيروقراطية" التى وصفها بالعميقة والتى يواجهها.
حيث قال الوزير فى شكواه: "أتمنى أن نتعاون على هذه الأهداف وأن ندرك جميعًا تعقيد القضايا وصعوبة الحل فى الوضع الحالي، أنا أسابق الزمن وأحاول التعامل مع بيروقراطية عميقة جدًا ولا ننسى الموارد المحدودة والمصالح المتداخلة وعدم كفاية الكفاءات، كل ما أرجوه أن تثقوا أن الدولة جادة فى الإصلاح ".
اليوم السابع تواصلت مع نواب لجنة التعليم بالبرلمان، من أصحاب الخبرة الطويلة فى هذا الحقل الهام، لتوضيح ما هى البيروقراطية التى يمكن أن تعوق وزيرا، وكيف يمكن أن توقف الإصلاح؟.
النائبة ماجدة نصر، أيدت الوزير فيما ذهب إليه، قائلة إن البيروقراطية ليست مشكلة وزير التعليم فقط، ولكنها مشكلة كافة الوزارات، لكنها تظهر بشكل أكبر فى وزارة التربية والتعليم، أكثر منها حتى فى وزارة التعليم العالى.
وعددت نصر، فى تصريح لـ "اليوم السابع"، أمثلة هذه البيروقراطية قائلة "إنها إن خروج تصاريح بناء المدارس على سبيل المثال يواجه بيروقراطية غير طبيعية، وكذلك تطوير مرافق المدارس، والأبنية التعليمية، وأضافت: "الموظفون يتحكمون فى كل شىء وقد يعرقلون أحيانا أمور هامة لازمة لتطوير التعليم".
وتابعت النائبة، إن هؤلاء الموظفون بإمكانهم حتى تعطيل الكثير من قرارات الوزير، بل وإجباره فى بعض الأحيان على التراجع عن قراراته إن لم يكن حاسما، مضيفة: "ببساطة شديدة لو الموظفين قالوا ما ينفعش نعمل حاجة مش هتتعمل".
وأكدت النائبة، إن هذا يمتد إلى حتى الجامعات، فرؤساء الجامعات من الممكن أن يعطلوا حتى قرارات للوزير، وطالبت النائبة الوزير بمزيد من الجرأة والحسم، حتى يمكنه المواصلة.
عبد الرحمن البرعى، وكيل لجنة التعليم، وجه لومًا على الوزير، قائلًا، إنه توقع منذ البداية أن يقدم الوزير استقالته بعد 3 أشهر من تعيينه، قائلا" إنه لم يعش داخل ميدان التربية والتعليم، بل يعيش فى عالم مثالى، ويمتلك أفكار خيالية لا تمت للواقع بصلة، ضاربا المثل بفكرة بنك المعرفة التى طرحها الوزير واصفًا إياها بـ "الفلاح لابس جلابية وعايز يلبس عليها كرافته بالعافية".
وأضاف النائب: "الوزير ليس من الميدان، وصدم بحال المدارس المتدهور فى القرى والنجوع، ومشاكل الموظفين والإداريين، ويقضى كل يومه فى حل مشاكل المعلمين، على شاكلة مكافأة الامتحانات اتأخرت، الحوافز ما جتش، بالإضافة إلى ضغوط داخلية من المعلمين، وضغوط أخرى من المدارس الخاصة".
وكيل لجنة التعليم واصل حديثه قائلا: " الوزير لا يمتلك حلول، وأتى فى ملعب مش بتاعه، وصعبان على أنا شخصيا، وبيتعذب ومع كده مش بيعمل حاجة، ولم نرى له دلالات على أرض الواقع، وكل ما يقوله هو مجرد أمانى".
النائب فايز بركات، قال إن هذه هى المرة الأولى التى يعمل فيها الوزير داخل الدولاب الحكومى، وهو الأمر الذى جعله يجد هذه البيروقراطية العالية، مشيرًا إلى إن هناك مراكز قوى داخل الوزارة، ومواجهتها أمر صعب لا يمكن مواجهته بسهولة، لأننا لن نستطيع تفريغ الوزارة من كوادرها.
بركات اختلف مع وكيل اللجنة، الذى قال بأن الوزير غير واقعى، قائلا فى تصريحات لـ "اليوم السابع"، إن أى تغيير يبدو فى البداية أمر غير واقعى، ونحن كمصريون عموما لدينا فوبيا من التغيير، وهو ما جعلنا متذيلين قائمة جودة التعليم.
وأضاف فايز بركات، إن الرئيس السيسى على سبيل المثال حلم بأمور بدت للبعض غير واقعية، لكن الإنجازات حين ظهرت للنور كانت مثالًا لكيف يمكن أن تتحول الأحلام إلى واقع.
وتابع بركات: "شاهدنا تجارب بعض الوزراء، الذين لم يحلموا بتغيير الواقع، وشاهدنا كيف انتهت، البعض فقط لا يحب التغيير، وهذه هى المشكلة".
