عمرو النحاس يكتب: قسمة ونصيب

الثلاثاء، 07 مارس 2017 08:00 م
عمرو النحاس يكتب: قسمة ونصيب الدجل والشعوذة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

15 مليار جنيه سنويا! هل تعلم ماذا يمثل هذا المبلغ؟ إجمالى الصادرات المصرية؟ الواردات؟ مرتبات العاملين بالدولة؟ ميزانية التعليم؟ الصحة؟ التموين؟ الأمن؟ الإجابة بالقطع: لا، فالمبلغ السابق يمثل وفقاً لبعض الإحصائيات الأخيرة إجمالى ما ينفقه المصريون سنويا على الدجل والشعوذة وقراءة الطالع وفك السحر. بل إن المصريين أيضاً ذهبوا لأبعد من هذا بكثير، وصولاً إلى الاعتماد على أحدث الخبرات والكفاءات المهنية المشهود لها بـ "العالمية" فى هذا المجال كالشيخ حسن الكتاتنى والشيخة أم خديجة وغيرهم.

 

عزيزى المشاهد، ابتسم فلدينا القدرة على رد المطلقة وجلب الحبيب وفك جميع أنواع السحر وعلاج كافة المشاكل الاجتماعية والصحية والاقتصادية وكل هذا من خلال مكالمة واحدة وبسرية تامة. لعلك قد شاهدت يوماً هذا الإعلان على إحدى الفضائيات مجهولة المصدر أو قرأته بإحدى الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعى. لا تندهش! فالأمر بات جزءا يوميا من حياتنا كمصريين، حيث أشارت أحدث إحصائية للمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية إلى أن نحو 38% من عينة من مثقفين ومشاهير فى الفن والرياضة والسياسة هم من زبائن السحرة والدجالين.

 

أضف إلى ما سبق أيضا، حظك اليوم وبرجك "إيه" وسبوبة لا نهاية لها من دراسة التوافق بين برج حضرتك وباقى الأبراج الأخرى كبرج الخطيبة أو المدام أو حماتك أو مديرك فى العمل. كلها بالقطع معلومات باتت حاسمة لدى البعض للموافقة على الزواج أو على الأقل فهم الآخرين والتعامل معهم، بل إن الأبراج أيضاً سوف تخبرك بأن عامك القادم هو عام العمل أو الزواج أو وعكة صحية أو يفضل أن تفعل "كذا" ولا تفعل "كذا"، وللأسف أيها "المسكين" لا دخل لك ولا قوة فوحدها الأبراج هى من أكدت ذلك المستقبل.

 

 وأخيراً عزيزى القارئ، إذا أصابتك الحقائق السابقة بالصدمة أو ربما بقليل من الإحباط وقررت عدم تكملة هذا المقال والخلود للنوم مثلاً. فلا تقلق فلدينا أيضاً فى مصر فريق من الخبراء والعلماء فى تفسير الأحلام والرؤى بل وتحويلها أيضاً إلى واقع وحقيقة.

 

يرجع علماء الاجتماع والطب النفسى كافة الظواهر السابقة التى بات يعانى منها المجتمع المصرى وبشدة إلى العديد من الأسباب من أهمها زيادة الضغوط الاقتصادية وتدهور القيم الاجتماعية والأخلاقية بالمجتمع. فالمتابع للإحصائيات والتقارير يجد أن هذه الأفكار والمعتقدات قد نجحت أيضاً وبكفاءة فى اختراق كافة الطبقات بدءاً من الجهلاء وحتى المتعلمين والمثقفين على حد السواء.

 

ما هو العلاج إذن؟ يبدو أن المواجهة القانونية وحدها لم تعد كافية، فأغلب جرائم النصب تحت مسمى السحر والشعوذة لا تكتشف غالباً سوى بعد حدوثها وتضرر البعض مادياً ومعنوياً من هذه الممارسات. لا زلنا بحاجة لدور رقابى أكثر حزماً فلا تحاول إقناع 90 مليون شخص أن المسئول عن تنظيم نشاط الإعلام فى مصر أياً كان منصبه أو مسماه لم يسمع أو يشاهد هذه الإعلانات على شاشات النايل سات "المصرى".

 

أدوار عديدة أخرى لا تزال غائبة عن المشهد، التعليم والمؤسسة الدينية (الأزهر والكنيسة) ودور منظمات المجتمع المدنى فى التوعية ومجابهة هذه المعتقدات والأفكار.

 

وأخيرا، ربما علينا جميعاً أن ندرك أنه لا مكان فى العالم الحديث لأمة تعتقد فى قدرة الدجل والشعوذة على التغيير بدلاً من اعتمادها على العلم والعمل معا . فنحن من نصنع مستقبلنا بأنفسنا ووفقاً قبل كل شىء لحكمة وقدرة إلهية وإيمانا بأن كل شىء فى النهاية هو "قسمة ونصيب".










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة