شحات خلف الله عثمان يكتب: وداعاً لهذه السوق

السبت، 04 مارس 2017 06:00 م
شحات خلف الله عثمان يكتب: وداعاً لهذه السوق مواقع التواصل الاجتماعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قررت اعتباراً من اليوم أن أبحث عن نفسى بعيداً عن عالم الوهم، فقد رسمت الكثير من الأحلام على الرمال وجسدتها فى صورة تماثيل سرعان ما طالتها أمواج البحر الهائج، وجعلتها مجرد رمال خالية من المضمون بلا معنى وبلا قيمة .

 

هذه حال الكثيرين من الأشخاص الذين قرروا ترك عالم الإنترنت وعوالم التواصل الاجتماعى المختلفة فى لحظة تناولوا فيها حبوب الشجاعة، ولكن بعد يوم أو يومين على الأكثر نجدهم يعودون مهرولين إلى هذا العالم الغامض الذى تصنعه أقلام وصور، الكثير منها صور تعبيرية لا تمت إلى الواقع بثمة صلة .

 

الكثير استفاد من هذا العالم الغامض المثير فى شتى المناحى الحياتية من الناحية اللغوية والاطلاع على ثقافات الجنسيات المختلفة، وكل منا وجد فيه ضالته المنشودة، وعلى الجانب الآخر هناك الكثير من الأشخاص فقد فيه نفسه وفقد أعز ما يملك من رواسخ وثوابت ودمر حياته دون أن يدرى أنه وهم كبير وأتت لحظة الاستيقاظ من تلك الغفوة بعد فوات الآوان .

 

لعبنا دور البطولة وعشنا لحظات السعادة وانهمرت العيون بالدموع وكان الملجأ والملاذ من واقع جاف غير نابض بالحياة، ورسمنا شخصياتنا كما نتمنى أن تكون وأصبحت سلوكياتنا أفلاطونية أعمدتها المدينة الفاضلة فى مخيلة الحكماء والفلاسفة، وعند الاصطدام بصخرة الواقع ينقشع الغمام وتنجلى السماء ليظهر واقع الحال الذى لم يرتدى مساحيق التجميل .

 

مما لا يقبل الشك أن الإنستجرام والسناب شات والـ uplive وغيرها من البرامج التى تزيد عن أعداد شعر الرأس كما تلاحظون فى المنصات العالمية مثل الـ جوجل بلاى أو سوق الآيفون أو غيرها ممن يتولى نشر الحالات المباشرة للمستخدمين، كانت وبالا على أصحابها فقد أصبح منها الكثير وراء قضبان العدالة أو على أبواب المأذونين يعلنون شهادات الوفاة والبعض الآخر مسحور بالأعمال الخفية أو تم تسليط الجن عليه، وما كان غرضها إلا جذب الانتباه فقط، ولفت انتباه الآخرين كوسيلة تعويضية عن الحرمان الواقعى .

 

كانت وما زالت وستظل تلك البرامج سلاحا ذو حدين هنيئا لمن تدارك أمره قبل فوات الآوان وقام بترويضها، فهى كالوحش الكاسر فى الصحارى فأصبحت وسيلة منفعة وطوق نجاة من براثن الجهل والتخلف، ويا سوء حظ من انقاد إليها دون إدراك أنها وهم نصنعه لأنفسنا لتكون سلاحاً موجهاً إلى صدورنا فيما بعد لسوء استخدام وغياب وعى وإدراك لمدى خطورتها .

 

سأقول وداعاً ربما ذات يوم ولا عودة بعده ولا هرولة لانتهاء مفعول حبوب الشجاعة، بل ستكون وداعاً لسوق فقدنا فيه الكثير من السلع الجيدة التى تصلح أن تكون زاداً لمسافر فى رحلة الآخرة.

 

اللهم اغفر وارحم وتجاوز فقد اقترب الوداع ولا يوجد حبوب شجاعة كافية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة