"خبيئة العارف".. رحلة بين كنز مطمور فى باطن الأرض وآخر فى القلب

الثلاثاء، 31 أكتوبر 2017 05:32 م
"خبيئة العارف".. رحلة بين كنز مطمور فى باطن الأرض وآخر فى القلب خبيئة العارف
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تجسد رواية "خبيئة العارف" للمصرى عمار على حسن القول المأثور بأن الكنز دائما يكمن فى الرحلة وليس فى الذهب أو المال إذ تنطلق من رحلة مثيرة للبحث عن كنز مطمور منذ عقود لتنتهى إلى كنوز المعرفة والعلم.

 

والرواية الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية فى القاهرة فى 326 صفحة من القطع المتوسط هى الرواية العاشرة للباحث والروائى والكاتب المصرى الذى أصدر أيضا سبع مجموعات قصصية إضافة إلى كتب فى الاجتماع السياسى والتصوف.

 

يبدأ القسم الأول من الرواية والذى يحمل عنوان (خطى العراف) بشغف اثنين يعملان بنظارة الأوقاف بكنز من الذهب ذكرت حكايات تناقلتها الأجيال أنه مطمور أسفل منزل محمد ماضى أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية لكن ثرثرتهما فى الموضوع تجعله يصل إلى آذان ناظر وقف البلد وجهاز أمن السلطة والجالس على الكرسى الكبير.

 

من مغامرة الرجلين تتولد مغامرة أكبر للبحث عن الكنز المزعوم لكنها هذه المرة مدفوعة برغبة الجالس على الكرسى الكبير فى إيجاد موارد مالية تصب فى خزانة الدولة فى ظل ظروف اقتصادية قاسية.

 

يستدعى ناظر وقف البلد أستاذا جامعيا فى التاريخ له العديد من الأبحاث والكتب عن التصوف والمتصوفة ويخبره أنه مكلف من الجالس على الكرسى الكبير بإجراء بحث دقيق وشامل عن حياة الشيخ أبو العزائم يقتفى فيه أثره فى كل مكان أقام فيه أو زاره وهى ما يجد فيه الأستاذ الجامعى فرصة تقربه من طموحه بتولى رئاسة الجامعة أو ربما منصب أعلى.

 

رغم تشككه فى الأمر يقبل الدكتور خيرى محفوظ بالمهمة الذى لا يمضى وقت طويل حتى يصارحه ناظر وقف البلد بحقيقتها ويكشف له عن الغاية منها وهى الوصول إلى كنز الشيخ محمد ماضى أبو العزائم.

 

 أوراق العارف
 

يحمل القسم الثانى من الرواية عنوان (أوراق العارف) وفيه يسير المؤلف فى رحلة روحانية تغوص عميقا فى حياة وسيرة الشيخ محمد ماضى أبو العزائم الذى توفى فى 1937 تاركا خلفه عشرات الكتب فى التفسير والفقه والتصوف إضافة إلى أشعار ومسرحيات.

 

يقود هذه الرحلة الدكتور خيرى محفوظ الذى ينتقل من القاهرة إلى محلة أبو على إحدى قرى محافظة كفر الشيخ ثم مدينة البرلس حيث اعتاد أن يصطاف الشيخ أبو العزائم ثم يعود إلى القاهرة ومنها إلى مدينة إدفو بمحافظة أسوان حيث أول مدرسة عمل بها الشيخ وبعدها الإبراهيمية بمحافظة الشرقية التى كانت ثانى محطاته فى التدريس.

 

يذهب الدكتور محفوظ بعد ذلك إلى محافظة المنيا ومنها إلى السودان حيث قضى الشيخ أبو العزائم سنوات النفى الإجبارى التى فرضها عليه الاحتلال الإنجليزى ثم أسوان محطته قبل الأخيرة قبل أن يستقر فى القاهرة.

 

وطوال هذه الرحلة يعيش القارئ مع أبيات من قصائد الشيخ أبو العزائم ويقترب أكثر وأكثر من أفكاره وتوجهاته وعوامل تكوينه والأشخاص الذين قابلهم فى حياته وعرفهم وعرفوه وتناقلوا عنه أحاديثه وكتبه وقصصه وكراماته.

 

تتجلى فى هذا الفصل خبرة ومهارة المؤلف فى الكتابة عن الصوفية بفضل دراساته السابقة عن المتصوفة وإلمامه بكبار مشايخ الصوفية وهو ما يعطى الرواية نفحة روحانية قلما توجد فى روايات أخرى حتى يكاد القارئ يشعر بأنه جالس تحت أحد أعمدة المسجد يحضر درسا للشيخ أبو العزائم.


 

* طريق المعروف
 

بعد رحلة روحانية شيقة ترتاح لها نفس القارئ يأتى الجزء الثالث والأخير من الرواية تحت عنوان (طريق المعروف) وهو الفصل الذى يحمل الكثير من المفاجآت والتحولات سواء على مستوى الأحداث أو الأشخاص.

 

بعد أن ينتهى الدكتور خيرى محفوظ من دراسته عن الشيخ أبو العزائم ويرفع تقرير رحلته الطويلة إلى ناظر وقف البلد تتكشف الكثير من الحقائق ويظهر اللاعبون الحقيقيون وهم رجال جهاز أمن السلطة الذين يكتبون تقريرا يدين الدكتور خيرى ويشير إلى إخفائه معلومات بهدف تضليل الجالس على الكرسى الكبير وإبعاده عن الكنز.

 

يسقط الدكتور خيرى فى فخ جهاز أمن السلطة الذى يمد خيوطه مثل العنكبوت لتهيمن على رجال الدين وأساتذة الجامعة والموظفين الحكوميين وحتى الجالس على الكرسى الكبير لكن هذه السقطة تدفعه إلى إعادة حساباته واسترجاع شريط الرحلة من جديد ليكتشف حقيقة الرجل الذى ظل يجمع المعلومات عنه ويقتفى أثره دون أن يدرك جوهره ويعى كلامه ويفتح له قلبه وعقله.

 

يحمل الفصل الثالث الكثير من الأمور السياسية الراهنة التى يطرحها المؤلف دون مواربة ليقدم كنزا آخر للقارئ الذى استمتع بالكنز الأول فى رحلة حياة الشيخ أبو العزائم.

 

رواية (خبيئة العارف) تتناول زمنين مختلفين إلا أنها محملة بقضايا لم تنته أو تسقط بالتقادم بل هى قضايا مستمرة عبر العصور وتشغل عقل القارئ فى كل وقت.

 

وإذا أدرك القارئ فى الغالب الأعم أن ما يقصده المؤلف من الجزء الأول من عنوان الرواية (خبيئة العارف) هو الإشارة إلى الكنز المادى والكنز المعنوى فربما ينشغل جزء غير قليل من القراء بالجزء الثانى ومقصده .. هل العارف هو الشيخ محمد ماضى أو العزائم أم من سار على دربه وفهم كتبه وأشعاره وعرف الطريق إلى كنز القلوب؟









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة