العمائم السوداء تدخل على خط السعودية لبنان.. طهران تستبق زيارة ميشال عون للرياض بـ"المنح والهبات".. رسول "المرشد" يزور بيروت ويتعهد بتسليح الجيش دون شروط.. ومحللون يرونها إعلانا لسيطرة إيران على المشهد

الأحد، 08 يناير 2017 06:46 م
العمائم السوداء تدخل على خط السعودية لبنان.. طهران تستبق زيارة ميشال عون للرياض بـ"المنح والهبات".. رسول "المرشد" يزور بيروت ويتعهد بتسليح الجيش دون شروط.. ومحللون يرونها إعلانا لسيطرة إيران على المشهد الرئيس اللبنانى ميشال عون والملك سلمان بن عبد العزيز
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مشهدان، أحدهما فى بيروت والآخر فى الرياض، يلخصان أزمة لبنان الحائر بين لعبة المحاور الإقليمية، فأمس بثت وكالات الأنباء صورة الرئيس اللبنانى ميشال عون، فى اجتماع مع وفد إيرانى رفيع المستوى بمقر الرئاسة فى "قصر بعبدا"، وغدا ستظهر صورته فى أول قمة رئاسية له مع خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، ورغم تواجد لبنان كقاسم مشترك بين الطرفين يمكن أن يكون مجالاً للتعاون، إلا أنه على مدار التاريخ كان هذا المجال بيئة خصبة ومفتوحة على صراع قوى ولا حدّ له.

الرئيس السورى بشار الأسد
الرئيس السورى بشار الأسد

الشاهد فى تحركات العماد ميشال عون، رئيس لبنان الجديد بعد شهور طويلة من خلو قصر بعبدا، أن لبنان فى عهده الجديد يحاول أن ينأى بنفسه عن الخلافات الإقليمية، حفاظًا على الإنجاز السياسى الذى تحقق مؤخّرًا بانتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة توافق برئاسة سعد الحريرى، وهو ما يظهر فى اختيار الرئيس اللبنانى ميشال عون للعاصمة السعودية "الرياض" لتكون المحطة الأولى ضمن جولاته الخارجية، رغبة من الرئيس الوافد إلى "قصر بعبدا" بدعم من حزب الله اللبنانى، للتأكيد على استقلالية بيروت، وأنها منفتحة على كل الأطراف الإقليمية فى عهد جديد يرفع عنوان "لبنان للجميع".

 

زيارة الرياض تسعى لاستعادة الهبة السعودية.. ووزير الدفاع: تتخطى هذا الهدف وتؤكد عمق العلاقات

زيارة الرئيس اللبنانى ميشال عون للسعودية، رغم امتعاض بعض الأطراف داخل لبنان وتحفظاتهم عليها، تسير فى اتجاه إتمامها بهدوء، إذ لم تصل هذه التحفظات إلى درجة الـ"فيتو"، ولهذا أسباب عديدة، أولها المصلحة التى يرغب لبنان فى تحقيقها من تلك الزيارة سياسيًّا واقتصاديًّا على حد السواء، وفى مقدمتها إنهاء القطيعة مع الخليج، التى سادت خلال العام الماضى بسبب مواقف "حزب الله" من المملكة العربية السعودية، وما ترتب عليها من حصار اقتصادى بقطع السياحة الخليجية عن بيروت، ووقف الهبة السعودية للجيش اللبنانى المقدرة بـ3 مليارات دولار أمريكى.

واستبق وزير الدفاع اللبنانى يعقوب الصراف - القريب من حزب الله اللبنانى - الزيارة بتصريحات صحفية أكد خلالها أن الزيارة تتخطى السعى لتحريك الهبة السعودية المجمدة للجيش اللبنانى، وتندرج فى إطار التأكيد على العلاقات المميزة بين البلدين، لافتًا الى أن الزيارة بحد ذاتها أمر ذو أهمية، ومؤشر كبير لمدى عمق العلاقات بين البلدين.

وتعكس تركيبة الوفد المرافق للرئيس ميشال عون فى زيارته للسعودية، مدى الأهمية التى توليها بيروت للزيارة، إذ يضم الوفد ثمانية وزراء، فى مقدمتهم وزراء الخارجية، والداخلية، والدفاع، والمال، والاقتصاد والتجارة، وقالت الصحافة اللبنانية إن "عون" سيبحث مواضيع عديدة خلال الزيارة، فى مقدّمها إعادة تعزيز العلاقات بين لبنان والدول العربية على مختلف الأصعدة، وإعادة تحريك البحث بشأن الهبة السعودية للجيش اللبنانى، وزيادة دعم المؤسسات العسكرية والأمنية فى سياق محاربة الإرهاب، إضافة إلى دعوة السياح الخليجيين لزيارة لبنان، وإعادة تفعيل التبادل التجارى والاقتصادى.

 

إيران تدخل على خط الزيارة اللبنانية للسعودية.. وتعكر صفو الرحلة بشكل استباقى

الملك سلمان

الملك سلمان

على الجانب المقابل، يبدو أن طهران أبت أن تتم الصورة دون أن تكون داخل "الكادر"، إذ فاجأت بيروت بزيارة رفيعة المستوى، قادها رئيس لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية فى مجلس الشورى الإيرانى، علاء الدين بروجردى، لم يترك خلالها بابًا فى بيروت إلا طرقه، بدءًا من الرئيس ميشال عون، حتى رئيس الحكومة سعد الحريرى، وختمها لدى حليفه حسن نصر الله، زعيم حزب الله الشيعى.

الزيارة الإيرانية فى هذا التوقيت الحساس عكست عودة لبنان لمكانها كمحط أنظار وجذب من قبل المحور الخليجى والإيرانى، ورسالة قوية من طهران بأن بيروت كانت وستظل فى محورها الإقليمى، خاصة عقب الانتصارات العسكرية التى يحققها الجيش العربى السورى والرئيس بشار الأسد على الميليشات المسلحة والعناصر الإرهابية، وأنها رقم صعب فى المعادلة اللبنانية لا يمكن تجاهله أو تخطيه.

 

طهران تعرض تسليح الجيش اللبنانى وتمتدح حليفها "حزب الله"

حسن نصر الله

حسن نصر الله

بخلاف الرسالة السياسية فيما يخص توقيت الزيارة ونوعية الرسالة الإيرانية من ورائها، كانت هناك رسالة أخرى أقصى من جانب طهران، إذ أكد "بروجردى"، رئيس الوفد الإيرانى، نية طهران تسليح الجيش اللبنانى، مشيرًا إلى أن هذه المسألة تم تدارسها جديًّا، وأن الهبة الإيرانية ستكون بتصرف كامل من الحكومة اللبنانية، وهو رسالة واضحة بأن إيران بإمكانها تعويض بيروت عن أى خسائر مادية قد تدفعها نتيجة مواقفها السياسية.

على خامنئى مرشد الثورة الإيرانية
على خامنئى مرشد الثورة الإيرانية

وأوضح المسؤول الإيرانى فى ختام زيارته لـ"بيروت"، أن "الفضل الأساسى فى أننا نرى لبنان الشقيق يعيش فى هذه المرحلة حالة من الطمأنينة والهدوء والأمن والاستقرار، يعود إلى أرواح المقاومين والمجاهدين والأبطال"، فى إشارة إلى سلاح حليفه "حزب الله" ومقاتليه الشيعة على ما يبدو.

سعد الحريرى
سعد الحريرى

 

سمير جعجع: زيارة الرئيس للمملكة ممتازة.. وطبيعى أن يزور إيران أيضًا

سمير جعجع

سمير جعجع

العرض الإيرانى بشأن تسليح الجيش اللبنانى، تلقفته بعض الأوساط اللبنانية بحفاوة، فى حين نددت به أطراف أخرى، واعتبرته محاولة التفاف على زيارة الرئيس ميشال هون للسعودية، ومن جانبه قال رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، إن زيارة "عون" للمملكة ستكون "ممتازة"، وكذلك زيارته لإيران "أمر طبيعى"، معربًا عن عدم الممانعة فى تلقى المساعدات العسكرية من طهران إن عرضتها.

وأضاف "جعجع" فى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اللبنانية، أن "زيارة عون لطهران أمر طبيعى، وفى حال تريد إيران مساعدة الدولة اللبنانية، فلم لا؟ لست ضد أى مساعدة عسكرية إيرانية للدولة اللبنانية، فإن كنا نتلقى مساعدات من السعودية ودول الخليج وفرنسا وأمريكا، فلماذا نرفضها من إيران؟ اللهم إلا أن تكون هذه المساعدات مشروطة بأى شىء".

 

إيران تؤكد أنها صاحبة اليد العليا فى لبنان.. وتهدد خطط "عون" لتدعيم العلاقات الخارجية

الرئيس ميشال عون

الرئيس ميشال عون

على صعيد توازنات القوى وتركيبة المشهد اللبنانى، يرى متابعون ومحللون أن حرص طهران على الظهور فى المشهد يمثل تدخلا واضحا ومقصودا فى مرحلة إعادة ترتيب البيت اللبنانى من جديد، وربما يغير عددًا من معانى الرسائل التى كان من المنتظر وصولها للجانب الخليجى خلال الفترة المقبلة، ومن خلال زيارة "عون" للمملكة العربية السعودية، ففى الوقت الذى كان "عون" راغبًا على ما يبدو فى تدعيم علاقاته مع كل القوى والأطراف الإقليمية والدولية، ويطرح نفسه بصفته حَكَمًا بين اللبنانيين، وليس حليفًا سياسيًّا لطرف على حساب طرف آخر، جاءت إيران لتؤكد من جديد أن لها اليد العليا فى بيروت، وهو ما قد يؤثر سلبًا على نتائج الزيارة اللبنانية للمملكة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة