د. مغازى البدراوى

بوتين يخشى من مصير ترامب

الإثنين، 23 يناير 2017 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى تصريح له بمؤتمر صحفى منتصف يناير الحالى، قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إن "ثمة قوى معينة تريد تقويض شرعية الرئيس دونالد ترامب"، ولمح بوتين لاحتمال تجمع مظاهرات حاشدة تطالب بعزل ترامب، ولمح بوتين إلى أن هذه المظاهرات ستكون معدة من قبل جهات معينة، وشبهها بالمظاهرات التى كانت محتشدة فى ساحة "الميدان" فى العاصمة الأوكرانية كييف فى انقلاب عام 2014 ضد الرئيس السابق فكتور يانكوفيتش، وذهب بوتين أبعد من ذلك بتوقعه أن تتطور الأمور أكبر من ذلك، وفهم البعض من ذلك أن بوتين يقصد احتمال ترتيب عملية اغتيال لترامب.
 
هذه التصريحات لها دلالات واضحة، أولها أن بوتين مهتم كثيرا بالرئيس ترامب، مما يعنى أنه يضع عليه آمالا كثيرة فى تحسين العلاقات بين موسكو وواشنطن، وهو ما يشير إلى احتمالات صحة المعلومات التى تقول بوجود علاقات مسبقة بين الرئيس ترامب وموسكو، ثانياً أنه عندما يتحدث بوتين هكذا فإنه لا يتنبأ من فراغ، بل لا بد أن لديه معلومات استخباراتية تفيد بوجود تدبيرات من جهات معينة ضد ترامب، خاصة أن حديث بوتين هذا صدر قبل أخبار المظاهرات التى احتشدت فى واشنطن ضد الرئيس ترامب قبل تسلمه مهام منصبه، والأنباء عن جهات أخرى تدعو لمظاهرات حاشدة ضد ترامب تطالب بعزله من الرئاسة. 
 
كما ظهرت بعد حديث بوتين، وقبل تسلم الرئيس ترامب مهام منصبه بيومين فقط أنباء حول إلقاء شرطة كاليفورنيا القبض على شخص يهدد باغتيال ترامب يوم تنصيبه للرئاسة، كما نشرت قناة (سى إن إن) تقريرا حول من سيرث السلطة فى حال مقتل دونالد ترامب أثناء تنصيبه أو بعد ذلك، ووضعت سيناريو كاملا بالأشخاص المحتمل تسلمهم السلطة بعد مقتل ترامب، وانتقد الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعى تقرير القناة.
 
كل هذه الأمور تذكرنا باغتيال الرئيس الأمريكى الأسبق جون كنيدى فى نوفمبر عام 1963، والتى وقعت بعد تقارب واضح بين موسكو وواشنطن فى أعقاب اشتعال أزمة الصواريخ التى هددت بحرب عالمية نووية، لكن الأمر هنا يختلف فى أن الرئيس الراحل كنيدى كانت شعبيته كاسحة، بل يقال إنه أكثر الرؤساء شعبية فى تاريخ الولايات المتحدة، بينما دونالد ترامب كتبت عنه الصحف تقول إنه أول رئيس أمريكى منذ 40 عاما يصل للبيت الأبيض بهذه النسبة الكبيرة من الرفض من الرأى العام. وبأدنى مستوى من الشعبية، لدرجة أن شعبيته، رغم فوزه فى الانتخابات وقبل توليه الرئاسة، لم تتجاوز نصف شعبية الرئيس السابق أوباما، وهو ما أكدته استطلاعات الرأى لمعهد "جالوب" الأمريكى الذى شكك خبراؤه فى احتمال إكمال الرئيس ترامب مدة رئاسته الأولى، سواء بالاستقالة تحت ضغط الرأى العام أو بأى وسيلة أخرى، كما ذكر تقرير "جالوب". 
 
كل هذه الأمور تشير إلى أنه ربما يكون ترامب بالفعل رئيسا من نوع جديد تماماً فى الولايات المتحدة، وأن موسكو بالفعل أيضاً تعول كثيراً عليه فى إصلاح السياسة الخارجية الأمريكية، ولهذا دعمته بشكل غير معلن فى حملته الانتخابية، والرئيس بوتين هو الوحيد فى العالم الذى أشار مبكراً إلى احتمال فوز ترامب بالرئاسة، فى حين لم يكن هناك أحد يتوقع فوزه حتى آخر لحظة قبل إعلان النتائج، وأن الغضب لدى الجهات المتنفذة فى واشنطن ولدى الحزبين الديمقراطى والجمهورى على روسيا والرئيس بوتين، واتهامهم له بالتدخل بشكل مباشر فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة له ما يبرره، حتى وإن لم يستطيعوا فى واشنطن إثبات ذلك. 
 
العقيدة السائدة بأن السياسة الخارجية الأمريكية لا تتغير بتغيير الرئيس، وأن هناك مراكز خفية تصنع القرار السياسى الأمريكى، أمر شبه متفق عليه، وأكده الرئيس السابق أوباما الذى وعد فى بداية رئاسته بأشياء كثيرة، على رأسها إصلاح العلاقات مع روسيا، وانتهى به الأمر إلى إفساد هذه العلاقات والوصول بها، فى رأى البعض، إلى مستوى أدنى مما كانت عليه فى زمن الحرب الباردة بين المعسكرين الأمريكى والسوفييتى، لكن المؤكد أيضاً أن الأمور على الساحة الدولية وداخل الولايات المتحدة تتغير بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وربما يدل على ذلك التواجد الروسى القوى على الساحة الدولية وفى الشرق الأوسط، وكذلك تواجدها القوى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، وغير المسبوق فى تاريخ الولايات المتحدة التى دأبت على التدخل فى كل انتخابات العالم ولكم يجرؤ أحد من قبل على التدخل فى انتخاباتها، رغم أن موسكو تنفى تماماً هذا التدخل، لكنها لم تنفِ دعمها لدونالد ترامب، فى الوقت الذى لم تكن هناك أية جهة فى العالم كله تدعمه، ولا حتى حزبه الجمهورى، ولم يكن أحد سوى موسكو، يتوقع فوزه بالرئاسة، الأمر الذى يعنى أن هناك تغييرات داخل الولايات المتحدة وأيضا فى موازين القوى العالمية، والأمر أيضاً الذى يبرر خوف وقلق الرئيس بوتين من مصير الرئيس ترامب. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة