هناء ثروت تكتب: يا آثارنا يا

فى القاهرة وتحديدا فى منطقة وسط البلد تقبع الكثير من المبانى القديمة ذات الطراز الجميل التى لطالما وقفت أمامها أتأمل جمالها وجمال معمارها، فعندما تتجول فى الشوارع هناك وترفع عينيك إلى المبانى لترى أصابع فنان قد رسمت صورة بديعة لمنزل رائع وفى وسط جولتى فى منطقة وسط القاهرة.

 توقفت أمام مبنى جميل وهو قصر شامبليون .. وقصر شامبليون يا سادة أنشأه سعيد حلمى بن محمد عبد الحليم بن محمد على باشا القصر عام 1897 أى منذ مائة وتسعة عشر عاماً، وهو يقف شامخاً شاهداً على حقبة تاريخية مهمة فى تاريخ مصر الحديث .. ولكن وللأسف هذا القصر يعانى من أشد أنواع الإهمال فقد تحطمت نوافذه وأغلق تماما حتى المنطقة المحيطة به قد اغتالت جماله، فالقهاوى والجراجات والورش أصبحت تحيط به من جميع النواحى .. أمن المعقول أن يكون لدينا مثل هذه التحفة المعمارية والتاريخية ونتركها للإهمال يلتهمها ثم نعود ونبكى عليها؟ .. هل من المعقول أن نترك هذا القصر يتحول إلى خرابه؟ .. وكم من الآثار المهملة فى بلدنا؟ .. بلدنا التى تمتلك ثلث آثار العالم، ولا تستطيع أن تحافظ عليها فنجد أن ذقن توت عنخ آمون يتم لصقها بأحد أنواع المواد اللاصقة غير المطابق للمواصفات، وكأننا نتفنن فى إتلاف ما لدينا من كنوز فى حين أن هناك بلاداً أخرى تفتعل لها تاريخ لتجذب السائحين إليها ..

 "بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم" هذا المثل هو أحد أمثال جدتى والتى كانت تقوله لنا لتحثنا على الاهتمام بما لدينا من خيرات، لأننا لو أهملنا فيها سوف يأتى اليوم الذى لا نجد فيه هذا الخير .. وإذا كانت المسئولية الكبرى تقع على عاتق وزارة الآثار والمحليات فى الاهتمام بآثارنا .. فإن هناك جزءاً من المسئولية يقع على عاتقنا نحن .. فكيف نساهم بشكل مباشر أو غير مباشر فى إهمال هذه الأماكن التى قد تجذب السائحين لها وأيضاً تجذب الشاب المحب للفن والذى من الممكن أن يستغل هذه الأماكن فى إقامة حفلات ومعارض وننعش به السياحة الداخلية كما يفعلون فى شارع المعز ومنطقة المشهد الحسينى ويكون مصدراً للدخل أيضاً .. أنا لا أدرى كيف تحولت عيوننا عن رؤية الجمال والتاريخ وأصبحنا لا نقدر قيمة ما لدينا .. إننى أرى الدهشة والانبهار فى عيون السائحين الذين يأتون إلينا فيروا ما لم نتمكن نحن من رؤيته ويهتموا به ويقدرونه ..

 إن مصر تمتلك من المقومات ما يجعلها من أجمل بلاد العالم ولكن ينقصنا أن نهتم .. إننا نمتلك كنزاً غالياً فدعونا نهتم به .. رسالة إلى كل المسئولين أغيثوا قصر شامبليون .. أغيثوا كل مبانينا الجميلة.. لنترك لأبنائنا وأحفادنا تاريخا ملموسا يفتخرون به ويحافظون عليه أيضا .