بالصور.. "اليوم السابع" يقتحم أروقة الإهمال بمستشفى الهلال الأحمر بالجيزة.. "خالية من المرضى.. مليئة بالقمامة والأجهزة الطبية المعطلة".. مشرفة الحضانات "حاصلة على دبلوم تجارة".. والأطباء غياب

فى طريقك داخل أروقة مستشفى سوزان مبارك، أو كما أُطلِق عليه بعد الثورة، الهلال الأحمر بالجيزة، فى رحلة البحث عن طبيب، قلَّما تجد مريضًا ينتظر، ولا تجد سوى أضواءً مغلقة، وكأنه مكان مهجور تنبعث منه روائح عدم الاهتمام بالمكان، مع انتشار القمامة والنفايات التى تنبعث منها الروائح الكريهة فى ممرات خلفية للمستشفى.





زجاج مكسور متناثر على الأرض، وآثار دماء، حيث قام أهالى طفل بالاعتداء على الطاقم الطبى فى المستشفى، بسبب إهمال كان من الممكن أن يودى بحياة طفل صغير بحضانة، حسبما أكد بعض العاملون، والتى تتولى مسئوليتها حضانة سيدة تدعى "حنان.ح"، وهى مشرفة الحضانات، حاصلة على دبلوم تجارة، والتى تتقاضى مرتب مشرفة مرضى، بإشراف مدير المستشفى، بقرار صادر منذ 3 أكتوبر لعام 2015، حسبما جاء فى مستندات رسمية حصل عليها "اليوم السابع".



ولم تحصل مشرفة الحضانات سوى على دبلومة للتمريض بجمعية تدعى "مهارات لمحبى الإدارة وتكنولوجيا المعلومات"، وهو مركز غير معتمد لدى وزارة الصحة، لتصبح بذلك مشرفة التمريض بالمستشفى.

فيما أكد بعض من العاملين، أن طاقم الأطباء والإدارة يتركون المستشفى بعد الساعة الرابعة عصرًا، ويتركونه خالى أمام المرضى، فى غياب تام من أطباء الطوارئ لاستقبال الحالات الحرجة، ما جعل مكان العلاج هو سبب رئيسى للإصابة بالأمراض الخطيرة، والموت بسبب الإهمال.

"ممنوع الدخول لغرفة الكهرباء قطعيًا، ومن يخالف ذلك سيتعرض للجزاء"، لافتة قامت إدارة المستشفى بتعليقها على مولد كهرباء المستشفى الرئيسى، ذات بوابة مفتوحة على مصراعيها، محاطًا بالأجهزة الكهربائية المعطلة، ومكانًا لم يهتم أحد به منذ زمن، حسبما أكد أحد العاملين، الذى رفض ذكر اسمه.



وعلى سطح المستشفى، رصد اليوم السابع، عددًا كبيرًا من الأجهزة الطبية والكهربائية المعطلة تمامًا، منها جهاز التكييف المركزى، وعدد كبير من الأجهزة الكهربائية، بالإضافة إلى المقاعد والطاولات الخشبية المحطمة، فيما ظهر الإهمال على حمامات المستشفى، التى امتلأت بالقاذورات، فى غياب تام من إدارة المستشفى.

فيما تحول معمل التحاليل داخل المستشفى، إلى مكتب روتينى يملؤه التراب، لا يوجد به سوى موظفان اثنان، بعدما أكدا أن عددهم كان ثمانية أشخاص، يرأسهم مدير للمعمل، إلا أن إدارة المستشفى الحالية، رفضت إعطاءه مرتبه، وقامت بتسريح عدد من زملائهم، ما أدى إلى أن المعمل أصبح بدون مدير منذ أكثر من عامين، على حد قولهما.



كما أوضحا أنهما يواجهان متاعب فى الحصول على مرتبهما من المستشفى، لأنهما ليس لهما إدارة مالية خاصة بالعمل، ولا يقوم أحد بمتابعة عملهما نهائيًا، لافتين إلى أن الإدارة تريد إغلاق المعمل لتأجيره، كما قامت بتأجير بعض الأقسام لبنك الدم، لتحقيق الفائدة المالية، دون الاهتمام بصحة المرضى.



وتبدأ أزمة مستشفى "الهلال الأحمر"، حينما صدر قرارًا بالموافقة من الهيئة العامة للطيران المدنى، على تخصيص قطعة أرض بمنطقة مطار إمبابة، والتابعة للهيئة، فى 6 سبتمبر عام 1997، برقم 677، لإنشاء مركز طبى مطور، حمل اسم سوزان مبارك زوجة الرئيس الأسبق، حسنى مبارك.



فيما أصدرت محافظة الجيزة قرارًا، رقم 2368 لعام 99، بتخصيص قطعة الأرض المقام عليها المركز الطبى، لإقامة مستشفى سوزان مبارك التخصصى للأطفال، كما أصدرت قرارًا رقم 2626 لسنة 99 لتصبح تبعية المستشفى لجمعية الهلال الأحمر، وهو ما يُعَد مخالفًا للقانون، حسبما أكد عاملون بالمستشفى.


ومنذ ذلك الوقت، أصبحت المستشفى خارج نطاق إشراف وزارة الصحة، ويرأس مجلس إدارتها محافظ الجيزة مباشرةً.

وفى عام 2013، أثبت تقرير مرور أصدرته مديرية الصحة بالجيزة، فى مارس 2013، بمخالفات عديدة داخل المستشفى، منها عيادة جراحة ملحق بها حجرة عمليات صغرى، غير مرخصة، وعيادة أسنان غير مرخصة بالمخالفة للمادة رقم 2 من القانون 153 لسنة 2002، وحجرة لعمليات العظام غير مجهزة، حسبما جاء فى التقرير الرسمى للمديرية، والتى حصل عليه اليوم السابع.



فيما أوضح عاملون بالمستشفى، أنه صدر قرار من الدكتور على عبد الرحمن، محافظ الجيزة الأسبق، بإسناد إدارة المستشفى لوزارة الصحة، لتكون تابعة بالكامل للوزارة، ولتُبعِد إدارتها عن جمعية الهلال الأحمر، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ويظل المستشفى تابع للجمعية، فى غياب من وزارة الصحة.



وأكد العاملون، أن هناك العديد من الأجهزة الطبية المعطلة والمقدرة بالآلاف، اعتراها التراب، بينما يوجد بالمستشفى عدد من الأجهزة الطبية المتقدمة، والتى لا توجد سوى فى هذا المستشفى، دون استغلال أى منها، إلا فى بعض الاستخدامات البسيطة.



ومن جهة أخرى، كشف بعض العاملين، عن أزمة فى صرف رواتبهم، وأخذ حقوقهم بسبب تعسف الجميعة ضدهم، حسبما أوضحوا، حيث قامت إدارة المستشفى بتسريح عدد كبير من العاملين، والذين كانوا على وشك التعاقد، لتوفير النفقات، مؤكدين استغلال المستشفى لصالح جمعية الهلال الأحمر.



كما لفتوا إلى أنهم لا يستطيعون الحصول على حقوقهم الأخرى، من تأمين صحى واجتماعى، مشيرين إلى أن الجمعية يجعلهم يدفعون مقابل الخدمات المجانية التى يحصلون عليها، معللة ذلك أن العاملين بالمستشفى ليسوا تابعين للجمعية، على حد قولهم.



وينتظر العاملون، تدخل وزارة الصحة لتنفيذ قرار المحافظ الأسبق، الدكتور على عبد الرحمن، ومديرية الصحة بالجيزة، لتطبيق قرار ضمها لوزارة الصحة، والذى مر أكثر من عام على القرار دون تطبيقه حتى الآن.