صابر حسين خليل يكتب: زكى نجيب محمود وثورتا 25 يناير و30 يونيو

الإثنين، 26 يناير 2015 10:19 ص
صابر حسين خليل يكتب: زكى نجيب محمود وثورتا 25 يناير و30 يونيو د. زكى نجيب محمود فيلسوف الأدباء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لعل المطالع لعنوان هذا الجزء من الكتاب تملؤه الدهشة وتسكنه الريبة حول ما علاقة زكى نجيب محمود وثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو وقد توفاه الله قبلهما بسنوات طويلة. ولكى نجيب على ذلك لابد من الحديث عن زكى نجيب فى سطور قليلة.

زكى نجيب محمود هو فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، ذلك المفكر الذى قدم عشرات الكتب للمكتبة العربية فى معظمها تحدث عن مشكلات مجتمعنا وكيفية حلها، ووضع يده فى كثير من الأوقات على مفاتيح مشكلات مجتمعنا ولكن كتبه بل هو نفسه كان حكرًا على المثقفين فقط، لم يعرفه الكثيرون.

تميز أسلوبه بميزات تجمع بين الأسلوب الأدبى والأسلوب الفلسفى، واتخذ أسلوب الإقناع ليقرب الفكرة للقارئ. وبعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو تخبطت الأقدام وتاهت، فأى الطرق نسلك وأى الأفكار نعتنق نمشى فى درب ما يطلق عليهم "الإسلاميون" أم نختار طرق الليبراليين أم نسلك طرق ما يطلق عليهم "الفلول"، أم نختار طريقًا آخر.

تهت أنا مع كثير غيرى فى هذه الطرق لمدة طويلة حتى هدانى تفكيرى أن أراجع بعض كتب د. زكى نجيب محمود وقد قرأت الكثير منها منذ سنوات طويلة ووجدت فيها ضالتى فقد أجابنى عن كل تساؤلاتى! نعم لقد أجابنى هو والذى قد مات قبل الثورة بسنوات.

وفيما يلى نموذجًا لهذه الإجابات:

"مجتمع جديد أو الكارثة" هذا هو عنوان أحد مؤلفات د. زكى نجيب محمود ألفه 1978.

ولعل عنوان الكتاب هو ناقوس أحوج ما نكون إليه الآن ونحن فى مفترق الطرق، فلعل المجتمع الجديد الذى أراده المؤلف يكون الملاذ الذى يحتوينا بين جدرانه ويحتويه هو الوطن الكبير. فالمجتمع الجديد هو ما نبحث عنه كلٌ بطريقته الخاصة كل واحد يبحث عن مجتمعه هو لا مجتمع غيره لكننا نريد مجتمعا يحتوى كل أفراده لا طائفة بعينها وإلا كانت الكارثة.

وتحمل المقالة الأولى فى الكتاب عنوان "سلطان العقل" وتحدث فيها عن أهمية الاحتكام للعقل دون العاطفة فيقول: "إنه لمن أعجب ما يلفت النظر فى طبيعة الإنسان، أن الناس إذا اختلف بعضهم مع بعض على شىء تولاه العقل بالتحليل والحساب، لم يغضب أحد منهم من أحد، بل إنهم ليراجعون تحليلهم وحسابهم مرة أخرى حتى يذعن المخطئ للمصيب، أما إذا اختلفوا على شىء فى غير ميدان العقل، شىء تولته العواطف والأهواء، فلا أمل عندئذ فى الإقناع أو اقتناع، وقد تحتد بينهم الخصومة إلى حد القتال، فكأنما يسهل عليهم أن يتنازلوا عن الرأى الذى يرونه بعقولهم ولا يسهل عليهم أن يفرطوا فى ميل مالت بهم إليه عواطفهم".

انظر كيف لخص لنا المؤلف وضعنا الحالى فى اختلافنا الذى تزكيه العواطف والأهواء لا العقل والحكمة وكيف أن كل منا متشبث بأهواءه لا أفكاره. الفرد منا متمسك بحزبه وكأنه هو الحق المطلق وما عداه هو الضلال بعينه. وأنه لا سبيل لأن يذعن كل منا للآخر وكما يقول د. زكى نجيب "مع أن رؤية العقل هى مجال اليقين، وأما ميل العاطفة فطريق معبأ بالضباب" هل كتب علينا أن ندع طريق اليقين ونسلك طريق الضباب؟

وفى المقال الثانى: "نريدها ثورة فكرية" هو عنوان المقال، وتحدث فيه عن أن الثورة لابد أن تشمل أربعة جوانب السياسية، والاقتصادية والاجتماعية ولابد أن يرافق الثلاثة ثورة فكرية لتكون الثورة شاملة ثم استطرد ليوضح لنا أن طبع الكتب وزيادة عددها وزيادة المدارس والجامعات ليست هى الثورة الفكرية فقط بل الثورة الفكرية كما تصورها كاتبنا هى ثورة شاملة ثم ضرب لنا مثلاً " قد تكون لدينا أنوال قديمة لنسج القماش ، فهل التطور فى صناعة النسيج إذا نحن أبقينا على الأنوال القديمة كما هى ، ثم زدنا من كمية القماش المنسوج ، وغيرنا من ألوانه ... أيجوز لنا فى مثل هذه الحالة أن نقول أن ثورة حدثت فى صناعة النسيج ؟ أم أن الثورة فى هذه الصناعة لا تحدث بهذه الأمور وحدها . إنما تحدث بأن تتغير الأنوال نفسها بما هو أحدث..".

هذه هى رؤية كاتبنا لثورة عامة وللثورة الفكرية خاصة. فماذا حققنا نحن فى ثورتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ؟ هل نحن غيرنا نوع القماش وجعلناه أكثر ألواناً وزخرفة وجعلنا القماش يجذب الناظرين بجماله ورونقه وأبقينا على أنوالنا البالية؟. هل نحن نغير أشخاصًا لا نظامًا؟ هل نحن نتمسك بأنوالنا القديمة التى لن تقدم لنا الجديد الذى نرجوه؟ من منا يأتينا بأنوال جديدة ننسج عليها ثورتنا لكى نرى الفارق بين ما هو قديم بالٍ وما هو جديد بما تعنيه الكلمة؟ نريدها ثورة سياسية فتغير سياسية الضعف والخنوع والخضوع للغير، نريدها ثورة اقتصادية فنبنى مجتمعًا اقتصاديًا أقوى نطرق أبواب الدول العظمى ونصبح أعظمها، نحتضن علماء بلدنا ونقدم لهم المناخ الملائم. نريدها ثورة اجتماعية يتساوى فيها ذلك الفقير القابع فى كوخ- هو أقرب للحظيرة منه للبيت- فى أفقر قرى صعيدنا يتساوى مع أغنى أغنياء العاصمة. نريد العدل الاجتماعى لنرفع نير الفقر والجهل والمرض الذى أضنى كاهل المواطن المصرى.
نريدها ثورة فكرية فننشر الثقافة فى نجوع مصر وقراها تحتضن المبدعين ليقدموا لنا فكرًا جديدًا يناسب المرحلة المقبلة.












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال فتحي أحمد

مطلوب: الأمن والهدوء والاستقرار.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة