هشام الجخ

كان هذا فى عام 2006 تقريبا

السبت، 28 يونيو 2014 06:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى فترة من فترات حياتى بعد تخرجى فى جامعة عين شمس وتعيينى فيها كمشرف على الأنشطة الثقافية بالجامعة تم انتدابى لتدريب الموهوبين من طلاب كلية الشرطة فى مجال الشعر.. كانت فترة مهمة فى حياتى.. اقتربت فيها من رجال الشرطة بشكل مهنى وتعلمتُ الكثير من ثقافتهم وطبيعة رؤيتهم للأحداث التى تختلف تماماً عن رؤيتنا نحن المدنيين.
أكثر ما أذهلنى – آنذاك – هو اختيارى أنا (بالاسم) دون كل مشرفى النشاط الثقافى فى جامعة عين شمس رغم شهرتى بقصائدى المعارضة للنظام، التى تنتقد بطش الحكومة واستخدامها للعنف المفرط وغير المبرر أيام (مبارك).
لا أخفى عنكم سراً، كنتُ سعيداً بهذا الانتداب حيث كنتُ أسكن وقتها فى التجمع الأول بالقاهرة الجديدة وكانت سيارتى (فيات 127) لا تقوى على (مشوار العباسية) يومياً، فكان هذا الانتداب بالنسبة لى (لُقطة).. حيث إن الطريق من منزلى إلى كلية الشرطة كان لا يستغرق أكثر من 4 دقائق وغالبا ما كانوا يرسلون لى سيارة شرطة لتوصيلى مما أضفى على نوعا من الهيبة بين سكان العمارة التى أقطن فيها.
كان هذا فى عام 2006 تقريباً.
فى هذه الفترة لم يكن هناك أية إرهاصات تدل على أن ثورةً ما ستحدث ضد نظام (مبارك)، وكنا – نحن التيار المعارض – عبارة عن اجتهادات شخصية فردية ندفع ثمنها كل حين وآخر ببعض المضايقات الأمنية.. وكنتُ أستغل علاقاتى ومعارفى (الذين يحبون قصائدى) من كبار الشخصيات لتقريب وجهات النظر وغض البصر عنى وعن قصائدى، وكان – آنذاك – جهاز أمن الدولة فى مصر لا يعادى إلّا التنظيمات والجماعات الساعية للحكم، أما الأشخاص الذين تحركهم وطنيتهم ولا يسعون لخراب أو لقَلب نظام الحكم بشكل ممنهج ومنظم ومسلح فكان الجهاز الأمنى لا يعير لهم بالاً، ومن حسن الحظ أننى كنتُ أحد الذين لم يعر لهم النظام بالاً.
أنا الآن أتحدث كشاهد عيان من داخل كلية الشرطة، الطلبة فى كلية الشرطة يتعلمون الانتظام والالتزام والطاعة أولا.. ثم يتعلمون ما يتعلمونه من مناهج دراسية.. ولكن المتفوق منهم هو أكثرهم التزاما وطاعة.. أما الشائعات التى يتم تداولها عن الكلية وأنها تعلم الطلبة البذاءة والتعالى وسوء الخلق وما شابه.. فأنا – كشاهد عيان – أنفيها تماما وأؤكد لحضراتكم أن كل السلوكيات (غير المرضية) التى نراها فى رجال الشرطة يتعلمها رجل الشرطة بعد التخرج فى أقسام الشرطة، وليس للكلية أى دخل فى هذه السلوكيات.. وقد كتبتُ مقالاً – آنفاً – عن كيفية علاج هذه المشكلة.
قال لى العقيد الدكتور (المقدم آنذاك) أحمد يوسف الذى كان مسؤولا عن النشاط الثقافى فى الأكاديمية وقتها – وأحسبه ما زال – إنه يريد تحسين صورة ضابط الشرطة لدى المواطن.. وطلب منى طرح مجموعة من الاقتراحات والآليات للوصول إلى هذا الهدف.. وأذكر أننى سهرتُ فى بيته – وهو رجل غير معتاد على السهر – لوضع خطة وآليات للتنفيذ وصولاً لهذا الهدف.
من ضمن الاقتراحات التى تم طرحها فى هذه السهرة كان استدعاء بعض من طلبة الجامعات المصرية للتواصل مع طلبة كلية الشرطة.. وبدأنا بطلبة جامعات العاصمة (القاهرة – عين شمس – حلوان – الأزهر – الجامعة الأمريكية – أكاديمية السادات – وغيرها من جامعات العاصمة).. وخططنا لإقامة مؤتمرات طلابية ومهرجانات ثقافية وفنية يشارك فيها طلبة الأكاديمية مع طلبة وطالبات الجامعات الأخرى لنذيب ذلك الثلج الموروث والذى يحيط طلبة الكليات العسكرية دون بقية الطلبة فى الجامعات الأخرى.
فى الحقيقة أن هذه المهرجانات لم تكن بدعة ابتدعناها فقد كانت موجودة من قبل ولكن كانت فكرتنا توسيع هذه المهرجانات (رأسيا) بزيادة الفعاليات فى المهرجان الواحد و(أفقيا) بزيادة عدد المهرجانات نفسها.
كنا نعلم أن دخول الشباب من غير طلبة كلية الشرطة إلى الكلية والاطلاع على حياة طلبة كلية الشرطة عن قرب والتدريبات التى يتدربونها والعرق والمجهود المبذول من قبل رجال الشرطة لحمايتهم سيذيب الكثير من الثلج وسينفض الكثير من الأتربة التى تراكمت بسبب الشائعات التى يتم إطلاقها للنَيل من سمعة رجل الشرطة المصرى.
أكتب مقالى هذا لا لأمدح رجال الشرطة ولا لأمدح كليتهم، فكلنا يعرف ما يعانيه المواطن المصرى من سوء معاملة ومن عنف وتعال من قِبَل (معظم) رجال الشرطة.. ولكن أكتب مقالى هذا بعد أن أعجبنى ما فعله الرئيس (السيسى) فى حفل تخرج طلبة الكلية الشرطة هذا العام عندما أتى ببعض طلبة وطالبات الجامعات المدنية ليصافحوا طلبة الشرطة، مؤكدا على التواصل والتلاحم الذى كنا نسعى له منذ قرابة العشر السنوات.
سأظل أكتب ما لا يعجبنى فى سلوكيات النظام.. ولكن من الأمانة أن أكتب أيضا ما أعجبنى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة