هشام الجخ

والله ده أنا سامعها فى التليفزيون!!

الثلاثاء، 24 يونيو 2014 09:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظللتُ حتى سن الرابعة والعشرين أحلم بأن أقابل أحد المذيعين المشهورين. كنتُ مبهورا بهم.. كيف يلبسون ملابسهم.. كيف يتحدثون بشكل مرتب ومنمق.. وبدأت أتساءل فى نفسى كيف يتجرأون على الابتسام وهم يعلمون أن ملايين البشر يشاهدونهم؟.. والأهم من كل هذا كيف يتحاورون فى كل القضايا؟ من أين أتَوا بكل هذا العلم الغزير فى كل مناحى الحياة وفى كل مجالات العلوم؟، كان جيلى وقتها يشاهد البرامج الحوارية بالتليفزيون المصرى فقط مثل (صباح الخير يا مصر) وأتابع المذيعين والمذيعات يتحدثون مع ضيوفهم بطلاقة ولباقة ويقارعونهم العلم بالعلم.. نفس المذيع يتحدث مع كل الضيوف باختلاف انتماءاتهم وخبرتهم وتخصصاتهم.. ما هذا الإبهار؟! كيف لشخص واحد أن يلم بكل هذه العلوم بهذه الغزارة؟.. كنتُ مبهورا بشخصية المذيع ومفتونا به لأقصى درجة. ثم مرت الأيام.. وقذف بى قدرى نحو الوسط الإعلامى قذفة مباشرة وبدأت بالتدريج أفهم ما يحدث خلف الكواليس وعرفت أن المذيع – فى حقيقة الأمر – ما إلّا واجهة لفريق الإعداد الخاص.

هذا الصباح.. على إحدى القنوات الفضائية المصرية.. جلست مذيعتان أنيقتان وفى ضيافتهما مجموعة من الخبراء.. يأتى خبير ليتحدث ثم فاصل ثم الخبير الآخر ثم فاصل وهكذا.. فى هذا الفاصل ينادى (حاجب الاستوديو) على اسم الضيف التالى فيأتى الضيف ليسلم نفسه أمام فنّى الصوت ويرتدى الميكروفون حالما ينتهى الفاصل يكون الضيف قد جلس على مقعد الضيف السابق أمام نفس المذيعيتين اللتين استغلتا وقت الفاصل للنظر سريعا على اسم الضيف وتخصصه والقضية التى سيتحاورون فيها.
إلى هذه المرحلة لا توجد مشكلة ولكن المشكلة الكارثية ستظهر عندما يبدأ الحوار.. سيبدأ الحوار بين رجل متخصص أمام مذيعتين تعلمان علم (الطشاش) عن القضية التى يتحدث عنها الرجل وبالتالى يسترسل الضيف (الرجل) فى حديثه بدون مراجعة أو تصحيح.. إن أصاب فخيرا وإن أخطأ فلا رادَّ له. (الفَتْىّ) والحديث فيما نعلم وفيما لا نعلم سلوك مشهور فى مصر.. وهو عيب من عيوب المجتمع المصرى يجب علينا فضحه ووضعه تحت المجهر كبداية لعلاجه. فى الحقيقة إن وجود هذا السلوك على المقاهى وفى الجلسات الخاصة وما شابه لا يستدعى – فى رأيى – كتابة مقال كامل عنه ولكن ظهوره فى التلفاز أمام الملايين من المصريين والعرب وصناعة تيار من المعلومات المغلوطة أحادية الجانب (من طرف الضيف) وعدم وجود مُحاوِر (مذيع) على قدر من الثقافة – غير المؤقتة – ليردّ الضيف إذا ذكر معلومة خاطئة.. هذه هى الكارثة. أكتب مقالى هذا لأطالب التليفزيون المصرى والقنوات الفضائية بأن تختار مذيعيها بحسب ضيوفها لأن لكل مقام مقالا.. وقد سمعت بأذنى معلومات خاطئة تماما ومعلومات أخرى منقوصة وَرَدَتْ على لسان أحد الضيوف بالبرنامج الصباحى ولم تقم أىٌ من المذيعتين بتصحيح المعلومات أو حتى مناقشتها.. وانشغلت كلتاهما فى الاستعداد للسؤال التالى الذى ستلقياه على الضيف. يجب أن يعلم مسؤولو الإعلام فى مصر أن هناك فئة كبيرة من الشعب المصرى يردد المعلومات الخاطئة ويعتبرها حقائق ومسلّمات لمجرد أنه قد سمعها فى التليفزيون وهذا يلقى على عاتق حضراتهم حِملا ومسؤولية كبيرة، أطالبهم بأن يكونوا على قدرها وحجمها. نحن شعب يردد كثيرا كلمة (والله ده أنا سامعها فى التليفزيون).. فاهتموا أرجوكم يا رجال التليفزيون بما يقال فى التليفزيون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة