هشام الجخ

معاً.. لإلغاء التأشيرات بين الدول العربية

الثلاثاء، 17 يونيو 2014 09:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا هو المقال الثالث الذى أكتبه بنفس العنوان.. مقالان فى «اليوم السابع» ومقال فى جريدة أخرى.. وأتوقع مكالمة من رئيس تحرير «اليوم السابع» الإعلامى والصحفى والصديق «خالد صلاح» يقول لى بأسلوبه المازح المعتاد: يا هشام كفاية بقى.. أنت بتنفخ فى قِربة مقطوعة. اسمحوا لى أن أستمر فى النفخ فى القِرب المقطوعة لأن القِرب المقطوعة لو تم إصلاحها- فى وقتٍ ما- ولم تجد من ينفخ فيها فستضيع علينا فرص مهمة.. ونحن - العرب - تميزنا فى السنوات الأخيرة بجدارة فى إضاعة الفرص. سأبدأ حديثى هذه المرة من منطقة أكثر بُعداً.. من الولايات المتحدة الأمريكية.. ما الذى يميز الولايات المتحدة الأمريكية لتقود العالم؟ العقول والموارد والمساحة الجغرافية المتسعة. أما العقول والموارد فهى ميزات لا تنفرد بها أمريكا- إطلاقا- عن الشعوب العربية.. بالعكس لقد شاركت العقول العربية فى تنمية الولايات المتحدة الأمريكية فى كل المجالات وهذه ليست مبالغة بل حقيقة لا ينكرها الأمريكان أنفسهم.. وبناءً عليه فإن العرب لا يفتقرون إلى العقول المبدعة والخلّاقة والمبتكرة بحكم التاريخ وبحكم الحاضر.. أما الموارد فللدول العربية ميزة أكبر وأعلى «بمراحل» عن الولايات المتحدة الأمريكية فى هذا القطاع بشرط أن يتم حساب الموارد العربية مجمعة وليس كل دولة على حدة.
إذن فالميزة الأمريكية تكمن فى المساحة الجغرافية.. قرابة خمسين ولاية.. كل ولاية فى حجم دولة تفوق أحيانا الكثير من الدول الأوروبية وبعض الدول العربية.. ولايات منظمة.. لها نظام حكم واحد وعملة واحدة ونظام اقتصادى واحد.. إذا تعثرتْ إحدى الولايات ساندتها الولايات الأخرى.. وإذا تعرضت إحداها لكارثة وجدت ولايات أخرى تستوعب معها الكارثة.. هذه هى الولايات المتحدة الأمريكية.. وأيضا هذه هى ميزة الصين.. وهذا هو الاتحاد السوفيتى القديم.. تختلف الأنظمة فى كل هذه الدول ولكن تظل المساحة الجغرافية هى الحامى والواقى والرادع لأى مخاطر تهدد كيان الدولة.. العقول وحدها لا تقيم دولة بدون مساحة جغرافية متسعة والدليل على هذا «اليابان» صاحبة أكثر العقول إبداعاً وأكثر الشعوب مَيلاً للعمل ولكنها لم تستطع أن تصمد فى الحرب أمام قنبلتين فقط بسبب ضيق المساحة الجغرافية. لقد سعت الولايات المتحدة الأمريكية لتفتيت الاتحاد السوفينتى لقرابة العشرين عاما إلى أن نجحت فى النهاية.. ولقد سعت الدول الأوروبية لتفتيت الدولة العثمانية لقرابة المئتى عام إلى أن نجحت فى النهاية.
إن المساحة الجغرافية للدولة هى المقياس الرئيس لقيمة الدولة، حيث تمتد الأنهار ويزداد المحصول الزراعى وتكثر المناجم والموارد المعدنية وتمتد السواحل لخدمة التجارة البحرية والثروات السمكية. والسؤال.. هل لو توحدت الدول العربية «موريتانيا والمغرب وتونس والجزائر وليبيا ومصر والسودان والأردن وفلسطين ولبنان والعراق وسوريا والكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات وعمان واليمن وجيبوتى والصومال» فى وعاء واحد وتم التنسيق بينها جميعا لخدمة ما يسمى بالوطن العربى.. هل لو حدث هذا سيكون هناك قوة فى العالم تفوق هذا الوطن العربي؟ لماذا لا يتم استغلال الميزات النسبية لكل دولة بشكل موحد ومنظم وبالتنسيق مع جهة حاكمة لها طابع الإلزام على كل موارد الوطن العربى؟ لماذا لا نأخذ من مصر العامل البشرى ومن السودان عامل الأرض الخصبة ومن دول الخليج عامل التعدين والثروة المعدنية ومن جيبوتى والمغرب والإمارات عامل الموقع الجغرافى والتحكم فى أهم ثلاثة مضائق بحرية فى العالم ومن كل دولة ميزتها النسبية التى تميزها عن غيرها من الدول؟ وما أكثر ميزات الشعوب العربية!!!
لقد فطن الزعيم جمال عبدالناصر لهذه الفكرة مبكراً وبدأها مع سوريا، ولكنه واجه من التحديات ما لم يستطع أن يقاومها وتكالبت وتداعت عليه الدول الغربية وإسرائيل لتقضى على حلمه. وتعلّمت منه الدول الأوروبية الدرس فأقامت الاتحاد الأوروبى لمواجهة جبروت أمريكا وجبروت الصين والاتحاد السوفيتى- آنذاك- أصحاب المساحات الجغرافية الشاسعة. إن عزوف الحكام العرب عن إقامة هذه الوحدة ينبع من خوفهم على حكمهم وعلى عروشهم وهى نفس المشكلة التى واجهت الاتحاد الأوروبى فى نشأته، ولكن الأوروبيين نجحوا فى صياغة نظام اتحادى يعتمد على التعددية فى أنظمة الحكم ما بين ملكى وجمهورى واستطاعوا أن يعبروا باتحادهم فى ظروف عصيبة بعد خروجهم من حربين التهمتا قرابة خمسين مليون شاب من خيرة شبابهم، واستطاعوا أن يقيموا اتحادهم رغم اختلاف عقائدهم بين «الكاثوليك والأرثوذكس والبروتوستانت» واستطاعوا التغلب على عصبية الأقاليم لديهم والتعصب للغات المحلية. لقد نجحوا فى التغلب على صعاب ليست موجودة فى عالمنا العربى أصلا، وأصبح لهم جيش موحد وعملة موحدة وقرارات استراتيجية عُليا منظمة وملزِمة لجميع الأطراف.
نحن العرب.. عرق واحد ولغة واحدة وديانة واحدة- بأغلبية كبيرة- وبرغم هذا لا نستطيع أن ننشئ نظاما مثل الذى أنشأه المشتتون والمتناحرون! يا للعجب! لقد كتبتُ قصيدتى «التأشيرة».. والتف حولها الناس فى كل أرجاء الوطن العربى.. وقررتْ «رابطة محبى هشام الجخ» التى أفتخر بكل عضو فيها أن يتبنّوا هذه القضية وأن يروّجوا لها فى كل الدول العربية ويحشدوا الرأى العام العربى تجاهها.. وسنظل فى دعم هذه الحملة الشعبية تحت اسم «معا لإلغاء التأشيرات بين الدول العربية» والتى نعتبرها «أقصد إلغاء التأشيرات» خطوة مبدئية ولبنة أولى للسوق العربية المشتركة ولتكوين جيش موحد أو- على الأقل- تفعيل معاهدة الدفاع المشترك بين الدول العربية وتوحيد العملة والتنسيق الاقتصادى الكامل بين موارد الوطن العربى. ربما أحيانى الله إلى هذه اللحظة وربما قضيت نحبى قبلها.. ولكنى أكتب مقالى هذا لكى يقرأه أبنائى أو أحفادى ويعلمون أن الرغد الذى سيعيشونه هم- إن شاء الله- نتاج الوحدة العربية التى ستقام يوما ما كان لجيلنا فيه فضل.. وأن آباءهم من المثقفين والإعلاميين لم يكونوا ليفرطوا فى ضمائرهم ويكتموا ما يمليه عليهم واجبهم. نكرر.. إن الوحدة العربية المتكاملة «الاقتصادية والعسكرية» قادمة لا محالة.. وعلى كل حكام العرب الذين يريدون أن يذكرهم التاريخ وتذكرهم شعوبهم أن يبادروا بهذه الوحدة ولا يخشوا على ملكهم وعروشهم لأن ملكهم لن يتزعزع من جراء الوحدة.. وإنما سيزداد قوة بقوة مجتمعاتهم وارتفاع مستوى معيشة شعوبهم.. ولهم فى الاتحاد الأوروبى مثال حى للوحدة التى قامت على تعددية الأنظمة الحاكمة بين الملكى والجمهورى. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة