هشام الجخ

سلاطين الزبادى!!

الثلاثاء، 20 مايو 2014 06:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحياء المصرى العربى المسلم يفرض على مجتمعنا سلوكيات معينة نكنّ لها الاحترام والتقدير ونتعامل من خلالها. هذه السلوكيات والعادات لو انسلخنا منها لفقدنا هويتنا، وأصبحنا مجتمعاً هشّاً ضعيفاً لا قيمة له ولا معنى لوجوده، وكان من المفروض أن تراعى شركات الدعاية والإعلان هذه القيم الأخلاقية فى المجتمع المصرى، فلا تخرج علينا بإعلان يتحدث عن امرأة تتمنى رجلا غير زوجها وتحلم به ثم تفيق فتجد زوجها بجوارها لتكفهر ملامحها وتشعر بالحزن على ما أصابها وتعود لتحلم مرة أخرى بالرجل الآخر.
دعونا لا نبتعد عن الواقع.. إن النجوم والمشاهير فى عالم الفن والإعلام والرياضة هم فتيان الأحلام لكل المراهقات.. وهذا طبيعى ومنطقى ويحدث فى السر، سواء قبلنا أو رفضنا.. ولكن خروج إحدى السيدات المتزوجات فى إعلان تليفزيونى يُعاد على مسامع الأطفال والمراهقات بشكل مستمر، وتكون فكرة الإعلان أن هذه السيدة عندما تتناول «الزبادى» تقابل فتى أحلامها فى المنام وهو أحد الشخصيات العامة المشهورة، وتركب معه سيارته الفارهة وتخرج بصحبته لتناول العشاء ويسمعها ما لذّ وطاب من العبارات التى تدغدغ المشاعر والأحاسيس وتشعر - وهى برفقته - بسعادة بالغة ثم تفيق من نومها فجأة لتجد نفسها بجوار زوجها البسيط «غير المشهور» الذى أغرقته متاعبه فى النوم والشخير فتنظر له نظرة اشمئزاز.. هذا إعلان مستفز جدا.. ومخزٍ جدا.. ورسالة غير محتشمة وغير وقورة وغير هادفة ولا علاقة لها بالزبادى موضوع الإعلان. أكتب مقالى هذا وأنا غاضب.. رغم انتظارى قرابة يومين كاملين لكى أهدأ ولكنى ما زلتُ غاضبا.. ليست هذه هى القيم التى نريد أن ننشئ أبناءنا عليها.. كان من الممكن أن يخرج علينا النجم المشهور ليحفزنا على أكل الزبادى بشكل آخر، وبدون أن يشعرنا بأن نساءنا يتمنَينه هو بدلا منّا. ملحوظة، أنا من يكتب هذا المقال.. أنا هشام الجخ الذى يأتينى العديد من المعجبات مع أزواجهن ليلتقطن معى الصور.. ولكنى لا أنسى أن أضع يدى خلف ظهرى عندما تُلتقط لى الصور مع النساء، ولا أتجاهل زوج السيدة التى تريد التصوير معى، وأحرص على أن يقف زوجها بينى وبينها.. هذا ما نشأنا عليه من عادات وتقاليد سأظل أحترمها حتى آخر دفقة هواء تخرج من صدرى.. أعلم أن مقالى هذا سيثير بلبلةً كبيرة وسيتهمنى البعض بالرجعية والإمعان فى الفكر الذكورى وعقلية «سى السيد» وما شابه.. ولكن ضميرى يملينى ما أقول.. لقد أساءنى الإعلان.. ولا أعرف كم من الرجال أساءهم غيرى.. كنتُ - ربما - سأقبله لو أن بطلة الإعلان كانت فتاة صغيرة مراهقة تحلم بالفارس ذى الحصان الأبيض، وترى هذا الفارس فى شخص مشهور كبطل الإعلان، ولكن أن تكون سيدة متزوجة تنام فى كنف وحرمة زوجها وتنظر إليه بهذا الاستخفاف وتتمنى غيره بهذا الأسلوب الذى يخلو من حياء المرأة الذى يميز مجتمعنا، فهذا أمر دخيل على مجتمعنا أثار حفيظتى إلى أقصى حد.
رحمك الله يا أمى.. كانت سيدة مجتمع من الدرجة الأولى، وكانت رئيسة قطاع بإدارة سوهاج التعليمية.. ولكنها لم تقابل أحدا من أقاربنا الرجال إلا مرتدية الحجاب ولم يأتِ ضيف إلى البيت - رجلا كان أو امرأة - إلا واستأذنت والدى فى التليفون قبل أن تسمح له بالدخول.. ولم تأتِ سيرة والدى فى غيابه إلا وتحدثّتْ عنه وكأنه نجم الشباك الأول فى العالم، وكأن الإنسانية لم تعرف رجلا غيره. هذا ما أعرفه وهذا ما عوّدتُ عليه زوجتى وهذا ما أربى عليه بنتى، وما دون ذلك لن أقبله فى بيتى حتى لو أكلنا يوميا سبعين «سلطانية» زبادى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة