هشام الجخ

ما هو السبب الحقيقى وراء تأجيل الدراسة؟

الأحد، 02 مارس 2014 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الثمانينيات.. عندما كنتُ تلميذا فى المرحلة الابتدائية.. كنا نأخذ إجازة من المدرسة فى فترة «جنى محصول القطن».. وكان اسمها «إجازة القطن».. لم أكن أعلم وقتها لماذا نأخذ للقطن إجازة.. وكنتُ أتساءل -بطفولية- لماذا لا نأخذ إجازات لبقية الأشياء «كالإسفنج مثلا»؟.. علمتُ -طبعا بعدما كبرتُ- أن الأقاليم التى تنتشر فيها زراعة القطن يعتمدون فى الأساس على الأطفال فى عملية جنى القطن.. وأن الأطفال سيتغيبون عن المدرسة فى هذه الفترة سواء قبلت المدرَسة أو رفضت ولهذا كانوا يصرحون للأطفال بهذه الإجازة كنوع من أنواع حفظ ماء الوجه.. لستُ واثقا - فى الحقيقة - إذا كانت هذه العادة ما زالت موجودة فى صعيد مصر حتى الآن أم أنها اختفت، ولكنى أذكر هذه الإجازة جيدا، وأذكر سعادتى بها رغم أننى كنتُ من سكان المدينة، ولا أقوم بجنى القطن مع الأطفال من أهل القرى، ولكننى كنتُ أحد المحرومين من الغياب عن المدرسة -مهما كانت الظروف- لطبيعة عمل والدتى -رحمها الله- التى كانت «ناظرة المدرسة» وكنتُ أنا التلميذ الوحيد الذى لا يمكنه الغياب بسبب اصطحابى المستمر لوالدتى، وبالتالى كانت هذه الإجازة مرتعا رائعا يقينى من الاستيقاظ مبكرا، والخروج إلى الشارع فى الصقيع لمدة أسبوعين كاملين.
عندما كبرتُ.. أورثتُ أولادى هذه العادة «عدم الغياب عن المدرسة» واعتبرتُها خطا أحمر لا نقاش فيه ولا تهاون مهما كانت الظروف حتى فى حالات الأمراض الشتوية التقليدية وارتفاع درجة الحرارة - بشكل غير خطير - كنتُ أصر على ذهاب أولادى إلى المدرسة، وأتحمل أنا وزوجتى معاناة المتابعة طيلة اليوم مع مشرفى المدرسة للاطمئنان عليهم.
أنا أؤمن أن الذهاب إلى المدرسة إفادة كبيرة.. ليس على مستوى تحصيل العلوم فحسب وإنما على المستوى المجتمعى أيضا، واكتساب الأطفال خبرات ومهارات مجتمعية لا يمكن أبدا أن يكتسبوها فى المنزل مهما حرص الوالدان على إكسابهم كل ما يملكان من خبرات.. وطبعا إيمانى هذا يكلفنى استيقاظا مبكرا خمسة أيام فى الأسبوع والعمل كسائق تاكسى لمدة ستة شهور فى العام. فى هذه الأيام يجلس أطفالى بجوارى فى المنزل ويتم تمديد إجازتهم لأجل غير مسمى وغير معلوم ويتم حذف أجزاء كبيرة من المنهج الدراسى الذى كان من المفروض أن يدرسوه.. ولا أحد يعرف سبباً وجيها وحقيقيا لهذا التمديد فى الإجازة، وطبعا فى مجتمع عاشق للشائعات كالمجتمع المصرى تكثر الأقاويل والتحاليل والإفتاءات و«الهرى» وتسييس كل القرارات والاتهام المستمر للحكومة بالتقصير.
والسؤال.. ما هو السبب الحقيقى خلف تمديد الإجازة المدرسية؟ هل هو مرض الأنفلوانزا فعلا؟ أم هو خشية الحكومة من عودة الدراسة وتجمهر الطلاب بأعداد كبيرة مما يؤدى إلى استغلال بعض التيارات لهذه التجمعات الطلابية وإثارة بعض الفتن والقلاقل؟ أم أنه سبب ثالث لا نعرفه؟
على أية حال نحن نعلم حساسية المرحلة التى تمر بها مصر هذه الأيام.. ونتقبل -على مضض- بعض الإجراءات الاستثنائية التى تتناسب مع المرحلة الاستثنائية، ولكن نطالب الحكومة بالمزيد من الشفافية، فيما يخص الأسباب الحقيقية وراء القرارات التى تتخذها لأن الوباء الذى تحجّجت به الحكومة لتأجيل الدراسة ليس جديدا وقد تمت السيطرة عليه من قبل فى بداية الألفية الثالثة، وإذا كانت وزارة الصحة عاجزة عن التعامل مع الفيروس لدرجة تأجيل الدراسة، فماذا ستفعل فى بقية التجمعات كوسائل المواصلات مثلا أو المكاتب الحكومية والشركات وقطاع الأعمال وعنابر المجندين وجميع الأماكن التى يتجمع فيها المواطنون ويكونون عرضة للعدوى؟ ما زلنا نطالب الحكومة الحالية وأى حكومة تأتى بعدها بالمزيد من الشفافية واحترام عقول المواطنين لتحظَى بالمصداقية اللازمة فى الشارع، ولتحصل على الدعم والمساندة من الشعب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة