محمد بركة

السيسى.. وخطيئة المثقفين!

الجمعة، 28 فبراير 2014 06:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان ذلك قبل أكثر من عشر سنوات حين مسح "محمود أمين العالم" قطرة عرق تسللت إلى جفنيه من وراء عدسة النظارة، وهو يتناول كوبًا صغيرًا من الزبادى وسط قيظ القاهرة المعتاد فى أغسطس.

حكى الرجل لي بشجن عن عبد الناصر الذى دخل فى عصره السجن بتهمة الانتماء إلى تنظيم شيوعى ثم كشف عن ظهره ليرينى آثار التعذيب التى لم يمحها مرور العمر، ومع ذلك فحين عرف قيمة ناصر أصبح يحرص بشدة على قراءة الفاتحة " للزعيم الخالد " فى ضريحه كلما حلت ذكرى رحليه من كل عام . أمين العالم الذى كان أيقونة اليسار العربى من المحيط إلى الخليج كان قادرًا على إعادة النظر فى كثير من المسلمات أبرزها حتمية معاداة المثقف العربى لكل زعامة وطنية تحظى بكاريزما لمجرد التفاف الجماهير حولها! رحل هذا المثقف الكبير وبقيت سلالة تتسكع فى استوديوهات التلفزيون وأعمدة الصحف وهى تكيل سهامها الصدئة على تراث عبد الناصر وتتربص-بالمرة – بزعامة جديدة تتخلق من رحم الأزمة المصرية ممثلة في الفريق عبد الفتاح السيسى، باستعلاء فج على حركة الجموع ومخاصمة طفولية لوجدان الناس، يقذفه هؤلاء بتهم الديكتاتورية ويرمونه بمحاولة إحياء مشروع " ميت جدا"، على حد تعبير أحدهم، أى المشروع الناصرى، المضحك أن السيسى نفسه لم يعلن ترشحه للرئاسة بعد ولم يتحدث عن ناصر من قريب أو من بعيد.

وبينما كان " الزعيم الخالد فى كل قلب" يناوئ الأمريكان، يتعامل السيسى بأقصى درجات الواقعية مع البنتاجون .
إنها المراهقة الفكرية يا عزيزى! هؤلاء حفنة من المثقفين والكتاب أدمنوا أن يخالفوا على أمل أن " يُعرفوا " كما تقول الحكمة الشعبية.

إنهم يصرخون من الفاشية الدينية حين تهدد حريتهم فى احتساء الكحول فى كافيهات وسط البلد ببيروت والقاهرة ودبي، وحين يتدخل الجيش مستجيبا لرغبة شعبية يولولون مرة أخرى محذرين من شبح فاشية عسكرية . مراهقة مثقفينا تجعلهم يسخرون من كلمات مثل الاستقلال الوطني والشعب قائدا ومعلما، ولا يرون فيها إلا بضاعة قديمة كسدت أسواقها في زمن العولمة وما بعد الحداثة.

أفهم أن يقفوا بالمرصاد لرئيس حاد عن جادة الصواب. أن يتحفظوا على سجون ناصر لكن يحترموا دموع الملايين التى سُفحت فى جنازته. لكن ما أراه هو الرفض لمجرد الرفض ..الصراخ بحثا عن دور بطولة فى مسرحية سخيفة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة