سهير جودة

لا مكان فى الجنة

الخميس، 09 أكتوبر 2014 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يذهبون فيبتلعهم البحر ويغرقون وأحلامهم فيه، أو يعودون بانكسار الحلم محطمة قلوبهم.. وتبقى الأحلام وتتكاثر الأعداد الحالمة بالوهم تبحث عن فرصة للهرب أو للموت.

فإلى متى الصمت على تجار بيع الوهم.. يبيعون الجنة الموعودة ويلقون بهم فى البحر وفى البحث عن جنة أوروبا وإيطاليا رزق المهومين والطامعين على الشياطين التى لا تهتز ضمائرهم، وهم يسرقون أحلام وأعمار الأطفال والشباب.. والدولة صامتة أو عاجزة.

إلى من يهمه الأمر، الأطفال تذهب أيضا إلى إيطاليا وبعض المدرسين فى قرى ومدن الدلتا، يفضلون مهنه السمسرة ولا يقدمون علما ولا تربية ففاقد الشىء لا يعطيه، يزينون الوهم للأطفال فى المدارس ويقبضون الثمن من الأهالى والمؤسف أن بعض الأهالى يشجعون ويتحمسون لغربة أبنائهم، ويدفعونهم دفعا نحو الهجرة حتى وهم يعلمون أن الأرجح أنهم عائدون فى تابوت.

وكأنهم يحبون المال حبا جما، حتى ولو على حساب التضيحة بأرواح الأبناء، ويستدينون الآلاف ويدفعونها بكامل إرادتهم لسماسرة يلقون بأبنائهم فى البحر والمصير مظلم ومجهول.

والمثير والمؤسف أن إحدى القرى فى الغربية استقبلت 18 من أبنائها فى تابوت الموت، وأقامت حدادا جماعيا، وفى اليوم التالى كانت تودع مجموعة أخرى من شبابها ذاهبة إلى المجهول، وكأن شيئا لم يكن وكأن شبابا لم يمت.

والمذهل أيضا أن هناك شبابا عادوا من الموت بعد أن عاشوه فى كل لحظة وبعد تجربة التخزين فى ثلاجة الأسماك، وفكروا وجربوا أكثر من مرة ومازال لديهم إصرار على التكرار إذا ما جاءت الفرصة، وكأن الحياة أصبحت إما الوصول إلى الجنة الموعودة أو الانتحار.

مؤكد أن البطالة شكل من أشكال الموت البطىء، ولكنهم يتركون الموت إلى الانتحار هربا منها، أو طمعا فى ثراء تحقق مع أعداد قليلة من الشباب، ولكن هذه الأعداد القليلة أصبحت هى الطموح، بينما لا يتعظون من التجارب المريرة لأغلب من تمكن منهم شيطان السفر والهروب من الفقر، وخاصة أن أغلبهم ذهب ولم يعد.

الإدانة هنا لمن؟ لأهالى يعانون شدة وبؤس الفقر، أم لشباب اتسعت أحلامه، وضاقت إمكانياته، أم لدولة عجزت عن تقديم تعليم حقيقى وعجزت عن إقامة صناعات تستوعب فيها أعداد الشباب؟.

وتبقى الأسئلة فى احتياج لتحليلات خبراء النفس والاجتماع، لماذا يكرر الشباب بإصرار المحاولات رغم مخاطرها؟ هل أبواب الأمل موصدة أمامهم بإحكام، أم أن أبواب الطمع مفتوحة على مصراعيها؟.

هل الغرق فى زورق أو الإصابة برصاصة من خفر السواحل الأوروبية أو الاحتجاز فى زنزانة ضيقة أرحم من البقاء والبحث والجد والتعب للتحقق والنجاح فى الوطن؟ وهل البطالة موجودة لانعدام الفرص، أم لعدم الرغبة إلا فى أعمال معينة؟.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مقال رائع كالعاده - للاسف الفقر دفعهم لتابوت الموت وربما الاسوأ الى وكر داعش

عدد الردود 0

بواسطة:

islam saudi

الثقافة

عدد الردود 0

بواسطة:

Osama ouda

النموذج

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة