عميد ملاح بالمعاش محمد عبدالسميع مراد يكتب: آخر من يعلم

الخميس، 23 أكتوبر 2014 10:08 م
عميد ملاح بالمعاش محمد عبدالسميع مراد يكتب: آخر من يعلم طائرات حربية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوم الاثنين الموافق الأول من أكتوبر 1973 صدرت أوامر بإقلاع جميع الطائرات اليوشن 14 من مطار ألماظة العسكرى والتوجه إلى أكثر من 6 مطارات عسكرية متباعدة.. فى إطار تنفيذ خطة الانتشار ضمانا لعدم هجوم إسرائيل على الطائرات مجمعة فى مكان واحد– كما حدث فى 67.

قبل هذا التاريخ وطوال شهرين متتالين كانت حالة الطوارئ ترفع بصفة متكررة.. وتمنع الإجازات والاتصالات.. والتحركات.. ولا أحد يعرف متى تبدأ ومتى تنتهى.. إلا هذا اليوم.. كان هناك شيء مختلف.. فقد عرفنا قبله بأيام أن يوم 1 أكتوبر القادم سوف ترفع حالة الاستعداد.. ولذا اتفقنا.. أنا والملازم أول طيار أبوبكر شلبى والملازم أول طيار رفعت راغب عوض على تجهيز أنفسنا والاستعداد للسفر إلى الإسكندرية، حيث علمنا أننا سوف نتوجه بطائرتين إلى مطار الدخيلة... ومن هناك يمكننا الاستمتاع بالإسكندرية وخاصة فى هذا الوقت من العام.

هبطت الطائرتان بالمطار.. وكان فى استقبالنا المقدم طيار سمير عبدالسلام.. أعتقد أنه كان قائد القاعدة فى ذلك التوقيت..

يوم العبور.. استيقظنا من النوم متأخرا.. الشمس ساطعة.. وتدخل إلى عمق الشاليه.. والحرارة ترتفع.. نسمع الراديو.. برامج عادية.. مثل أى يوم.. لا جديد.. (النهاردة لازم نشوف طريقة للاتصال بمصر.. حيث تم قطع جميع الاتصالات بخارج القاعدة.. كأوامر قائد القاعدة، حفاظا على السرية) قلتها بعد أن أحسست أن الوقت قد طال بنا ولا أعرف شيئا عن عائلتى.. أمى وأبى وإخوتى.. يسأل الملازم أول طيار أبوبكر شلبى.. (ماتعرفش حد فى سرية الإشارة... ؟ ؟ أظن أنهم لديها وسائل اتصال خاصة.. حاول.. وإذا عرفت قولنا) رفعت راغب (أنا سوف أخرج إلى الشاطئ أتمشى شوية..) هكذا كنا فى الساعات الأولى من الصباح.. وكأننا نسينا ما حدث فى الأيام الثلاثة الماضية.. ونسينا أننا كنا على وشك الحرب من يومين.. سكون الحركة والهدوء فى القاعدة يجعلك تنسى أو تتظاهر أنك ناسى.. على فكرة لازم نشوف حد يغسلنا الملابس.. أو نغسلها احنا.. نتوقع امتداد حالة الطوارئ أكثر من كل مرة.. وليس معنا غيارات كفاية!!

فى طريقى إلى قيادة القاعدة لمعرفة أى جديد.. كانت حركة السيارت غير عادية.. الساعة تقترب من الواحدة ظهرا.. أصوات إقلاع الطائرات يصم الآذان... الكل مشغول ولا أحد يجيبك على شىء.. حتى دفعتك يقول: بعدين حتعرف بعدين.

أعود إلى الشاليه.. وأثناء العودة أرفع رأسى إلى السماء وأرى طائرات الهليكوبتر تغطى سماء القاعدة.. نجتمع نحن أطقم الطائرتين أمام الشاليه.. إحساس.. مجرد إحساس لدينا أن هذا هو اليوم الموعود.. يوم العبور.. وقد كان.

عرفنا بعدها.. أننا لسنا نحن فقط آخر من يعلم.. بل إن الطيارين الذين قاموا بالضربة الأولى.. كانوا أيضا آخر من يعلم..

هل تتذكر.. التدريب.. والتمرين المشهور.. وهو الطيران فى تشكيل قتالى باتجاه الشرق – سيناء – وبمجرد عبور القناة.. يأتى الأمر بالعودة.. إلا هذا اليوم.. لم يأت أمر العودة إلى التشكيلات الطائرة.. حتى أن بعضهم بدأ بالضغط على زر الاتصال اللاسلكى فتح وغلق.. عدة مرات.. يمكن حد نسى إعطاء الأمر.. وبمجرد العبور حدث حالة من الحماس وروح معنوية مرتفعة إلى عنان السماء.. دخلنا الحرب.. وكل طائرة من كل تشكيل تعرف هدفها.. ومعها الذخيرة والقنابل والصواريخ المخصصة للمهمة.. وكانت الضربة الجوية.. التى أذهلت العالم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة