د. كرم علام يكتب: امبراطورية الفوضى.. الميكروباص"1"

السيرفيس أو المشروع عربات ميكروباص للنقل الداخلى تفتقد هى ومن يقودها إلى أدنى ضوابط الأمن والأمان، وتستشرى فى مصر بصورة غير موجودة فى أى بلد يحترم حياة وسلامة مواطنيه.

لن أتحدث عن مرات عديدة تعرضت فيها حياتى أنا شخصيا للخطر جراء رعونة وفوضوية سائقى الميكروباص ولا تجارب مماثلة لا حصر لها من أصدقاء وزملاء سواء كانوا من الركاب تعيسى الحظ الراكبين فى الميكروباص أو أصحاب السيارات التى تسير فى نفس الشارع مع هذه المركبات الهمجية وسائقيها الفوضويين، بل يكفى ما يتم استقباله بصورة شبه مستمرة من إصابات نتيجة حوادث طرق كلها بسبب مركبات واضحة الخطورة على سلامة المواطن فى الشارع وعلى رأسها الميكروباص أو السيرفيس.

فى غياب رقابة صارمة من الدولة يقفز إلى مقاعد القيادة فى هذه المركبات البائسة مجموعات من السائقين أكثريتهم لا يلتزمون بضوابط من قانون أو أخلاق أو ذوق فيبدأ سيناريو التفحُّش بالأغانى المبتذلة ويصل الى السير المخالف والهمجى والاصطدام بالمركبات المارّة بالشارع مرورا بعدم الالتزام بالأجرة المقررة أو عدد الركاب المحدد وغيرها.

الظاهرة القبيحة ليس لها سوى علاج واحد هو السعى إلى إلغائها بايجاد البديل على المدى الأبعد نسبيا من خلال مشروعات نقل داخلى كبرى تابعة للدولة أو القطاع الخاص من خلال شركات نقل كبرى تلتزم بالضوابط العلمية ويمكن محاسبتها عن تجاوزات مرؤوسيها تتكفل بدمج المؤهلين من السائقين الحاليين واعادة تأهيل من يمكن تأهيله من غير المؤهلين والتخلص ممن يمثلون خطرا على سلامة السير وحياة المواطنين وفى أثناء ذلك تبدأ رقابة شرطية حقيقية وقوية للحد من المخالفات والتجاوزات مصحوبة بتقليص وجود هذه المركبات المشينة بوقف استصدار تصاريح جديدة لها ولسائقيها وعدم التجديد للمنتهية تصاريحهم.

تعميم النموذج الموجود فى المجتمعات المتمدينة ليس صورة مستحيلة التنفيذ ولكن يتطلب قدرا من الجرأة سرعان ما سيصحبه رضا من الشارع، ففكرة ضم كل مركبات النقل الداخلى لعدد من الشركات الكبرى القابلة للمسائلة والحريصة على متابعة اداء موظفيها لن تحقق فقط شرط السلامة المرورية ولكنها ستنعكس بشكل إيجابى على المظهر الجمالى والحضارى للشارع المصرى وتقلل من التكدسات والاختناقات المرورية وتضع سياسات أكثر انتظاما بخصوص توقيت وتكلفة عمليات النقل.

مصر تنتظر قرارات شجاعة تبنى مستقبلها على أسس سليمة بعد عقود من الفوضى وغياب الرؤية.