هشام الجخ

المعارضة المصرية تعتمد على نظرية «الكسل المصرى»

الأحد، 19 يناير 2014 05:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عادت النتائج الاستفتائية مرة أخرى للأرقام الغريبة.. والأغرب من الأرقام هو رضاء الناس وارتياحهم لنتيجة الاستفتاء، وكأنما عبّرت النتيجة عن موافقة إجماعية من المجتمع المصرى عن مواد الدستور.
لقد أغفل المرتاحون أن هناك فئة كبيرة جدا من الشعب لم تذهب للتصويت.. وأن عدم ذهابهم هذا تعبير عن رفضهم للدستور.. وهى بالطبع وسيلة فاشلة وغبية للتعبير عن الرفض، ولكنها مقبولة من جيل لم يعتد على الحرية ولم ينشأ عليها.
أكتب مقالى هذا لأشرح الفارق بين المعارضين لدستور الإخوان - وأنا منهم - والمعارضين للدستور الجديد.. سنبدأ من البداية.. من لحظة إعلان الرئيس المخلوع «محمد مرسى» موعد الاستفتاء على الدستور فى عجالة من أمره.. بعد أن شعر بالضغوط التى تمارسها عليه المعارضةُ نتيجة الإعلان الدستورى «الفلَوْزَعى» الذى أعلنه فى نوفمبر 2012.. منذ هذه اللحظة بدأت المعارضة فى حشد الناس ضد الدستور.. وبدأ الإعلام الدينى فى الترويج للدستور من خلال منابر المساجد ومن خلال الفضائيات الدينية.. وأذكر وقتها دخولنا فى شهر رجب بدون أن تلتفت الفضائيات الدينية لذلك، وبدون أن يتحدث برنامج دينى واحد عن فضل شهر رجب العظيم نظرا لانشغالهم الكامل فى الحديث عن السياسة والدستور والترويج للتصويت بـ«نعم» التى ستأخذك إلى الجنة.
فى هذه الآونة ظهرت بعض الأصوات - من المعارضين للدستور طبعا - تنادى بمقاطعة الدستور.. وكنتُ أنا واحدا من الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية الترويج لعدم المقاطعة، وإنما رفض الدستور من خلال الصندوق.. والذهاب إلى مقر الاستفتاء والإدلاء بصوتى والتصويت بـ«لا».
ثم جاءت الطامة الكبرى عندما رفض نادى قضاة مصر الإشراف على الاستفتاء.. وقام المستشار «أحمد الزند» بإعلان أسماء القضاة الذين رفضوا الإشراف على الاستفتاء.. أعلنها على الهواء ولمدة ساعات طويلة وكان برفقته رؤساء المحاكم الرئيسية والفرعية فى كل المحافظات وتحملوا عبء المواجهة وأعلنوا اعتصاما مفتوحا بنادى القضاة ووجهوا لطمة موجعة لنظام الإخوان فى مصر.
الطامة الأكبر كانت تجاهل «مرسى» للقضاة.. وإصراره على السير فى عملية الاستفتاء على الدستور بدون إشراف قضائى كامل، فزادت حدة المعارضة مع زيادة عناد الإخوان.. وانسحب عدد كبير من أعضاء اللجنة التأسيسية لشعورهم بتهميش آرائهم، واستقال العديد من مستشارى الرئيس نفسه وأعلنت قوى معارِضة كثيرة مقاطعتها للاستفتاء.. وبرغم كل هذا كنتُ أنا مصرّا على عدم مقاطعة الاستفتاء ولكن رفضه من خلال الصندوق.
وتم الاستفتاء.. وقاطعته معظم القوى المعارضة.. واستفتت عليه بعض القوى المعارضة بالرفض.. وخرج علينا بنسبة تفوق الستين من المئة.. وتساءلتُ بعدها ماذا كان سيحدث لو اجتمعت كل القوى المعارضة لرفض الدستور فى الصندوق بدلا من مقاطعته التى لم تُجدِ نفعا؟ خاصةً أن أى نظام حاكم له مؤيدون سيذهبون إلى الاستفتاء وسيدلون بأصواتهم وستُرضى هذه الأصوات غرورَ أى نظام حاكم وسيعتبرها موافقةً على نظام حكمه.
لقد وقعتْ القوى المعارضة فى فخ المقاطعة فى عام الإخوان.. واليوم يقع الإخوان فى نفس الفخ.. ويعتمد كلاهما على نظرية «الكسل المصرى».. وأن الدعوة للمقاطعة هى أكثر الوسائل إيجابية مع مجتمع كسول يحتاج لأى سبب تافه، لكى لا يذهب إلى عمله، فما بالكم بالذهاب لصندوق الاستفتاء والانتظار ساعات طويلة فى الصفوف؟.
والخلاصة أن صندوق استفتاء الإخوان الموافق لم يعبر عن كل الشعب المصرى نتيجة مقاطعة المعارضين وكسل المتحمسين.. وأيضا صندوق استفتاء 2014 الموافق لم يعبر عن كل الشعب المصرى لنفس الأسباب.. ولكن كليهما واجِهةٌ أنيقة «غير حقيقية» للنظام الحاكم ليستمر فى حكمه.. ونظل نحن - المؤمنين بالصندوق - فى انتظار شعب غير كسول لدخول عصر الديمقراطية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة