هشام الجخ

سنتخطّاها بإذن الله

السبت، 03 أغسطس 2013 11:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى فترة الاحتلال الإنجليزى لمصر وفى فترة حكم الملك فاروق كانت مصر تعيش حالة انفلات أمنى من نوع خاص.

فى الأقاليم كان الوضع تحت السيطرة من قبل (الباشوات) وكبار العائلات والإقطاعيين الذين كانوا يملكون جيوشا صغيرة خاصة بهم ويفرضون على الفلاحين البسطاء كل أنواع القهر والاستبداد.

وكان الملك أو المندوب السامى فى مصر يعتمد على بث الفتنة باستمرار بين هؤلاء الإقطاعيين الكبار من خلال توزيع الألقاب والوظائف العامة فى المملكة وتقسيم الأراضى الزراعية بشكل غير عادل لخلق حالة من التناحر بين كبار الإقطاعيين فى الأقاليم لضمان استقرار حكمه وعدم تفرغ الشعب للمطالبة بحقوقه.

أما فى العاصمة (القاهرة العظيمة) فكان الوضع مختلفا بعض الشىء.. فقد كانت السيطرة لنظام (الفتوات).. وكان الاحتلال أو النظام الملكى يدب الفتنة بين الفتوات عن طريق فكرة (الصعايدة والفلاحين).. ليستمر التناحر بين الفتوات بعضهم البعض فلا يتفرغون لما هو أهم.. مثل مقاومة الإنجليز مثلا.

تطورت الأمور فى فترة الخمسينيات.. فقد سيطر الجيش وانتشرت الثقافة بين أفراد الشعب.. وفرض الجيش سطوته على كل أرض مصر واختفت فتوات الشوارع وألغى الإقطاع وتم تأميم ممتلكات الإقطاعيين وتم تنظيم جهاز الشرطة بشكل قوى بحيث يخدم الشعب.. حيث كان قبل ذلك قاصرا على خدمة الذات الملكية والمنشآت الملكية والبطانة الملكية فقط.

وهنا ظهرت الحاجة إلى إلهاء الشعب.. واستمرار التناحر بين أفراده وإلا تفرغ الشعب لحقوقه وأصبح يشكل ضغطا كبيرا على عاتق الحاكم.

هنا ظهرت كرة القدم.. (أفيون الشعوب).. وظهرت التعصبات والانتماءات المفرطة والمبالِغة.. وتحول التعصب من (صعايدة وفلاحين) إلى (أهلاوية وزملكاوية).. وبدأنا نسمع عن رجل يطلق زوجته يوم هزيمة الزمالك.. ورجل يرفض تزويج ابنته لعريس مثالى فقط لأنه زملكاوى.. وهكذا.

الملفت فى الأمر أن مجالس إدارة الأندية الكروية ولاعبيها وإدارييها هم فى الأصل أصدقاء.. ويسخرون – فيما بينهم– بشدة من هذا التعصب الكروى غير المفهوم.. ولكنهم يزكّونه فى وسائل الإعلام ويحرصون على استمرار حالة الانتماء والتعصب المتزايد لدى الجمهور لأن هذا هو منجم الذهب الذى يقتاتون منه ولو قل هذا التعصب أو فَتُر فلن يجدوا ما يعيلهم وسيضطرون إلى البحث عن مهن أخرى.

أنا أرى الآن أن المناورات السياسية التى يقوم بها قيادات الإخوان المسلمين (الذين خارج السجن) لتحقيق مكاسب سياسية وحماية القيادات التى دخلت السجن.

ومحاولات قيادات جماعة الإخوان لتقسيم الشعب المصرى بهذا الشكل هى محاولات شبيهة بمحاولات المستعمر حين قسم الشعب إلى (صعايدة وفلاحين) أو حين قسموا البلد إلى (أهلاوية وزملكاوية).

إن الحوارات السياسية الآن فى الشارع المصرى قد تحولت إلى مسرحيات هزلية تعتمد على الشائعات والمعلومات المغلوطة بشكل يثير العجب.. والتناقضات لدى الناس أصبحت تثير الضحك والدهشة والبكاء فى ذات الوقت. شيئان فقط هما اللذان يؤلمانى فى كل ما يحدث.. الشباب المصرى الذى يموت وهو يحسب أنه يحسن صنعا.. والوقت الذى يمر على مصر يستنفد من طاقاتها لصالح العدو.

أرى–وأنا أكتب هذا المقال الآن – عدوا خسيسا ينظر لمصر بخبث ويبتسم ابتسامة عريضة كلما طالت الفتنة وكلما زادت العصبية بين الشعب المصرى.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة