هشام الجخ

الإعلام البديل..

السبت، 17 أغسطس 2013 03:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت شيئا لا يطاق. قبل الثورة كان الأمر لا يتخطى الشائعات الخاصة بكرة القدم وانتقال اللاعبين والأجهزة الفنية أو الشائعات الخاصة بالفنانين والمشاهير وزواج الفنانة المشهورة من الممثل المغمور وما شابه. ولكن للأسف بعد الثورة -وأنا هنا أقصد ثورة يناير وأعتبر حركة 30 يونيو تكملة وامتدادا لثورة يناير- بعد الثورة تحول الأمر إلى شائعات مدمرة تقود البلاد للهاوية بسرعة أكبر مما نحتمل. هذا هو ما أطلقوا عليه «الإعلام البديل». لقد برع المصريون فى استخدام برامج الفيديو والجرافيك فجأة بعد الثورة وأصبحوا قادرين على تأليف فيديوهات وصور لا علاقة لها بالواقع، وأصبحوا يوظفون هذه البراعة فى إثبات نظريات هم يعلمون أنها خاطئة ويعلمون أنهم كاذبون ولكنهم يعتبرون هذا الكذب نوعا من الجهاد وإنقاذ مصر من الضياع.
على موقع الفيس بوك سرت شائعة تقول إن عساكر الأمن المركزى يحرقون المتظاهرين أحياءً وهذه الشائعة مدعومة بالطبع بالصور والفيديوهات.. أى جنون هذا؟؟؟ من الجندى الذى سيحرق إنساناً حياً؟؟ ومن الضابط الذى سيصدر أوامر بحرق إنسان حى؟؟ وعلى الجانب الآخر تجد شائعات تقول إن اعتصام رابعة العدوية كان يحتوى على منصات لإطلاق صواريخ بعيدة المدى.. أى هَذْيٍ هذا؟؟ والغريب أن هناك من يصدقون هذه التخاريف ويروجون لها وبقوة لدرجة أن أحد الأصدقاء على الفيس بوك قال لى إنه رأى «بعينيه» جنديا من جنود القوات المسلحة يحرق أحد المعتصمين حياً «مع العلم أن القوات المسلحة لم تشتبك أصلا مع المتظاهرين» ووصل الأمر لدرجة أن أحد أصدقائى -على الفيس بوك ايضا - أقسم لى أنه رأى بعينيه منصة الصواريخ فى رابعة العدوية قبل فض الاعتصام بيومين. لقد زادت درجة الاستقطاب فى مصر ووصلت لمرحلة التخاريف والخزعبلات وصلت لمرحلة شائعات بخصوص هبوط سيدنا جبريل عليه السلام على منصة رابعة العدوية من ناحية ومن ناحية أخرى وصلت لمرحلة شائعات بوجود سيدات يمارسن الجنس الجماعى مع المعتصمين فى رابعة.. وبين هذين الطرفين يقف الشعب المصرى المسكين لا يدرى أين الحقيقة وأين الصواب.
الشائعات ياسادة آفة خطيرة وقادرة على جر البلاد إلى منعطفات فى منتهى الخطورة لو لم يتدارك المصريون أنفسهم ويعوا ضرورة تبين الحقائق قبل الحكم على الأشخاص وقبل التصرف فى المواقف. لن أذكركم بمواقف تاريخية كان للشائعات الدور الأكبر فى صناعتها.. لن أذكركم بأحداث الأمن المركزى فى عام 86 أيام الوزير اللواء أحمد رشدى رحمه الله ولن أذكركم بهزيمة هتلر فى الحرب العالمية الثانية ولن أذكركم بهزيمة المسلمين فى غزوة أحد ولن أذكركم بانتصار المصريين على التتار بقيادة قطز.. الخ. التاريخ مكتظ بالأحداث المهمة التى غيرت مجرى التاريخ ونحتت شكلا آخر لجغرافيا الأرض وحدود الدول وقيام الحضارات أو اضمحلالها وقد كان للشائعات دور كبير جدا فى هذه الأحداث منذ بدايتها وحتى النهاية. ولقد حذرنا المولى عز وجل فى كتابه الحكيم من الشائعات فى قوله تعالى من سورة الحجرات الآية 6 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» صدق الله العظيم. وأذكر حين كنت فى مكتب التجنيد بأسيوط لاستكمال أوراقى شاهدت لافتة كبيرة فى المكتب أثناء وقوفى فى الطابور مكتوب عليها بخط عريض «لا تروّج للشائعات».. لم أفهم وقتها أهمية هذا الأمر ولكنى بعد عشر سنوات أدركت تماما أن الترويج للشائعات قد يهدم ويدمر ما لا يمكن أن تدمره الآلة العسكرية والجيوش الجرارة. أرجو من حضراتكم «جميعا» أن تتوخوا الحذر وتحرصوا على تحرى الدقة فى الأخبار التى تتداولوها على مواقع التواصل الاجتماعى لأننا على شفا كارثة مجتمعية أدعو الله أن يقينا شرها ويحفظ لمصر أمنها وسلامتها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة