وعد الدكتور مرسى – ببساطة – أنه سيتنحى عن حكم مصر – بسرعة – إذا ما خرج عليه ملايين أو آلاف أو مئات الشباب المصرى يرفضون حكمه.. وعد بهذا قبل أن يجلس على الكرسى.. وكانت ألفاظه التى استخدمها فى وعده هذا ألفاظاً واضحة وقاطعة، ولا تقبل (التعريض) أو الأخذ بمأخذين. ووعد سيادته أنه لن يسمح بإراقة قطرة دماء واحدة فى صراعات تخص السياسة والحكم، وعد بهذا – أيضاً – قبل أن يجلس على الكرسى.
والسؤال.. لماذا يصر الدكتور مرسى على الحكم إلى هذا الحد؟ ماذا يرى سيادته فى نفسه وفى شخصيته المبهرة من مواهب، تجعله يرى أن شخصاً آخر لن يستطيع أن يحكم مصر؟ ما هى الصفات والمواهب الفذة التى يراها الدكتور مرسى فى نفسه تجعله لا يترك الحكم خوفاً على مصر من الضياع والانهيار؟ وإذا كان الرئيس مرسى وأنصاره، يحتجّون ويعتذرون لأخطائه وسياساته، بعُذر عدم الخبرة والمحاولة والتجريب.. فلماذا لا يترك المجال لغيره من أصحاب الخبرة أو من غير أصحاب الخبرة لإدارة مصر؟
لقد وعد بالتنحى إذا خرج عليه الناس.. ولما خرج عليه الناس، اعتبرهم خونة وقِلّة.. وجيّش أتباعه للتصدى لهم وإراقة دمائهم.
يا سيادة الرئيس مرسى.. اعلم وأنت فى مكتبك أن (مبارك) الطاغية الذى خرج عليه المصريون منذ عامين ونصف، لم يفعل فعلتك هذه.. ولم يجيّش أنصاره ضد معارضيه.. ولم يكفّر من خرجوا ضده. واعلم يا سيادة الرئيس.. أن (مبارك) لا يدين للشعب مثلما تدين أنت.. فالشعب لم يختر (مبارك)، ولم يدعمه للوصول إلى الحكم.. أما أنت فقد انتخبك الناس بناءً على وعودك، وأنت مدان لهم بتنفيذ وعودك.. وإذا نقضتَ وعدك اليوم، فلا أمان لك غداً. أراك شجاعاً وأحسبك تقيا للحد الذى يُخرجك على الناس لتعلن لهم أنك تتخلى عن حكم مصر، وتطلق لهم أيديهم فى اختيار رئيس غيرك.. رئيس لديه القدرة على وضع خطة واضحة ومحددة ومفهومة وشفافة لنهضة مصر الحقيقية. رئيس يعصم دماء المصريين – سواء – لا يفرق بين مسلم ومسيحى، ولا ذكر ولا أنثى، رئيس لا يختبئ وراء الشعارات الدينية، ثم يأتى رجالُه بما يخالف الدين من إهمال وكسل وتخبّط وتكفير للآخر. أنتظرك يا رئيس مصر أن تكون على حجم المسؤولية، وأن تفعل ما وعدتَ المصريين به لكى لا تكون أنت – وربما بدون قصد – قد شكّلتَ إساءة فى حق جماعة الإخوان المسلمين، الذين يعملون فى المجال الخدمى والدعوى والمجتمعى منذ سنوات طويلة، ولم تطل يدُهم المجال السياسى إلا على يديك أنت.. فلا تلقِ بخيرة شباب مصر فى مواجهات دامية – فقط – من أجل حمايتك، وحماية عرشك الذى وصلت إليه بمجهود ودماء هؤلاء الشباب.
