محمد جاد الله

إنهم أناس لا يتعلمون

السبت، 13 يوليو 2013 03:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد عشرات الملايين الذين احتشدوا فى الثلاثين من يونيو الماضى أن كرسى الحكم فى مصر بات ممسوساً بعد الثورة بلعنة سوف تصيب أى حاكم يستبد هو وفصيله بالسلطة.
ومفاد ما حدث أن القادم للحكم، إن لم يتقن ألف باء التعددية فى السياسة والمجتمع، ويضع تحقيق العدالة الانتقالية على رأس قائمة اهتماماته، فسوف يكون مصيره السقوط المدوى كسابقه.. ولو بعد حين.

فقد عايشنا فشل إدارة اليمين الدينى وعلى رأسها جماعة الإخوان فى حماية مكتسبات ثورة ٢٥ يناير الملهمة، وأخفقوا بغشم وضيق أفق مسيطر فى اكتساب ثقة رموز المجتمع التعددى، إضافة إلى الملايين من "عاصرى الليمون"، الذين توسموا فيهم خيراً، وانتخبوهم أملاً فى حكم رشيد لرئيس مدنى منتخب من خارج المؤسسة العسكرية.
لكن الأمل تبخر تدريجياً خلال عام من الحكم، حينما مورس الالتواء من الجماعة وحزبها مع الجميع ممن شارك فى الثورة عدا أهل الثقة والولاء، واقترن الالتواء بفشل فى حلحلة طبقات الفساد فى بنية الدولة العميقة.
كما اصطبغ كل ذلك بإصرار مخيف على الغفلة، وذلك بفتح عشرات الجبهات فى صراع غير متكافئ مع قوى النظام القديم، فى صراع أفقد الرئيس السابق مرسى ومن معه بقايا شرعية ديموقراطية.
ويوم أن انشغل المجتمع بشجب تكفير المعارضين فى "مؤتمر نصرة سوريا الهزلى"، انشغلت قيادة الجيش تلقائياً، بكارثة تغيير الدور الاستراتيجى لمصر فى الشرق الأوسط، وإكساب مصر على لسان رئيسها صبغة طائفية فى صراع يجب نخوضه كأمة من إجل الإنسانية ضد الطاغية الأسد المجرم، وليس فى محور سنة ضد شيعة.
هذا التوجه (بعيداً عن أى نعرة أو مزايدة زائفة) يُعَدُ تقزيماً صارخاً لمصر ودورها التاريخى المحورى.
وفى القادم علينا، وعلى الرغم من حالة الجنون المجتمعى التى دفعنا وسندفع ثمنها من الدماء الزكية، أرى أن الزمن لن يعود للوراء ليخرج مرسى علينا رئيساً مرة أخرى، وأن المطبلين وحملة المباخر الساعين لإعادة استنساخ بقايا حكم مبارك، وقتل حلم التيار الرئيسى المصرى وشبابه الواعين فى مستقبل لائق للأمة المصرية، لن يكون لهم صدىً تاريخياً فى صياغة الجمل الوطنية القادمة.

وأناشد أصحاب الضمائر اليقظة ألا تخفت أصواتهم فى إدانة القمع والقتل الغاشم والاعتقال بين الجموع دون قرينة معلنة من لجان تحقيق محايدة، استقواء بشعارات الخصومة السياسية أو باسم حق حماية المنشآت العامة والعسكرية.
وأحذر من أن إعادة تدوير الخصومة وإفراز الحقد والتشفى من إعلاميين يمارسون دور "نبطشى الفرح" فى جمع أموال النقوط، ووجوه تحمل أقنعة زيف قديم، تقف اليوم مطالبة بعضهم باجتثاث جذور فصيل اليمين الدينى "مجتمعياً"، وتصفهم بالرعاع والخونة فى تعميم قاصر مخل، لا يختلف عن تحريض بعض تجار الدين ضد الآخر فى القنوات المسماة بالدينية، فهؤلاء جميعاً يجب أن يتم التحقيق معهم بتهمة تكدير السلم العام ونشر الفتن المجتمعية، هذا إذا كنا نريد فى المستقبل أن نرسخ لدولة القانون.
مصر دولة أزلية ذات مجتمع تعددى.. ولم تُنحَت كغيرها على خريطة الشرق الأوسط باتفاقيات للقوى المحتلة، كاتفاقية سايكس - بيكو فى مطلع القرن الماضى.
مصر تمتلك هوية وطنية جامعة موغلة فى القدم.. ولن تصلح فاشية لا دينية ولا عسكرية مرة أخرى فى قيادة أمة تعيد صياغة تاريخها الأقدم فى العالم، وذلك حين أسقطت ثلاثة رؤوس لنظام الحكم فى عامين ونصف. وأى جماعة سياسية أو مؤسسة سوف تتجاهل تلك المبادئ، ولا تعمل على استغلالها إيجابياً للدخول إلى مستقبل يليق بنا.. فلا يلومن القائمون عليها إلا أنفسهم ففى التاريخ.. لا مكان لأناس لا يتعلمون.

وسيبقى السؤال مفتوحاً:
هل دفعنا بعد ثمن الرضا بالحوار والمصالحة الوطنية بآلياتهما المُتجاهَلة، وهل أدركنا قيمة التزام الشفافية؟ أم أن كل ما قدمه الشعب حتى الآن لم يف بعد بالغرض؟
حمى الله مصر وشعبها، وأعاد علينا رمضان بكرمه وتجلياته.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل

لم نتعلم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة