هشام الجخ

أى قضاء هذا؟

الجمعة، 05 أبريل 2013 02:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عهد «الرئيس محمد حسنى مبارك»، وهذه أول مرة أستخدم فيها كلمة «الرئيس مبارك» منذ قيام الثورة، لكن يبدو أن تصرفات جماعة الإخوان المسلمين وسياسات الحكومة الحالية قد أجبرت فئة كبيرة من الشعب المصرى– أنا لا أنتمى إليها– لاحترام وتقدير نظام «مبارك» رغم أن هذه الفئة كانت من أوائل الثوار الذين انتفضوا فى ثورة يناير.

فى عهد «مبارك» كان القضاء المصرى عادلا، لكنه كان بطيئا جدا جدا جدا، لدرجة توصمه بالظلم، وتميط عنه أى صفة من صفات العدل.

فى عهد «مبارك» إذا أردتَ أن تقاضى شخصا آخر قد اقترض منك مبلغا من المال، وقد أخذت عليه صكا يثبت حقك فى المال «شيك – كمبيالة – إيصال أمانة» فعليك أن تنتظر فى المحاكم قرابة السنوات الثلاث حتى تحصل على مالك، أو على حكم قضائى «نهائى» يثبت لك حقك.. وستمرّ فى هذه السنوات الثلاث بمراحل التقاضى البطيئة جدا، ما بين الاستشكال والمعارضة والنقض والتصالح و......، وما إلى كل هذا من مسميات قانونية لمراحل التقاضى التى تصيب صاحب الحق بالملل والإحباط، وتكلفه أموالا أكثر بكثير من قيمة المبلغ محل النزاع.

فى عهد «مبارك» كانت المحكمة تأمر باستدعاء ضابط المباحث المنوط به القضية لسؤاله عن تفاصيل قضية ما قرابة أربع أو خمس مرات، ليتكرم سيادته أخيرا بالمثول أمام القضاء بعد أن يكون المتهم قد قضى فى محبسه ما قضى.

ناهيك طبعا عن القضايا السياسية التى قد يستمر الحبس الاحتياطى فيها لمدة عشر سنوات أو أكثر، جراء تكرار الحبس لمدة «45 يوما»، ثم الخروج واحتجازه فى قسم الشرطة، وعودته مرة أخرى لمدة «45 يوما» أخرى، وهكذا.

كان هذا أيام حكم «مبارك».. وقامت الثورة، وانتظرنا قضاء مصريا عادلا وسريعا ونافذا.

انتظرنا جميعا حصنا يحمينا من بطش العتاة وتزوير الحقائق.. انتظرنا أن ننعم بالطمأنينة، وأن نحترم القانون لأنه يحترمنا ويُطبق على أكبرنا قبل أصغرنا.. انتظرنا نشاطا ملحوظا فى مؤسسة القضاء، وسعيا حثيثا نحو تقصّى الحقائق وإظهار براءة البرىء، وإدانة المدان.

انتظرنا فصل سلطة القضاء فصلا نهائيا عن سلطة رئيس الجمهورية التنفيذية، وإعلاء شأن القضاء المصرى، وإلزام كل الجهات والأشخاص والمؤسسات بالأحكام القضائية، بما فيها مؤسسة الرئاسة ذاتها.
ولكن للأسف أفقنا من الحلم الكبير على مأساة قضائية جديدة، وانقسام داخلى بين شخوص القضاة أنفسهم، وانشغال بالمؤامرات وتصفية الحسابات الشخصية بين القضاء، ورجال الدولة الجدد، وتعدٍ من قيادات الدولة أنفسهم على هيبة القضاء وأحكامه.

كل هذا يحدث بينما مازال المواطن المصرى – صاحب الثورة – يعانى مما كان يعانى منه بدون أدنى تغيير، وكأن ثورته التى قام بها كانت مجرد محاولة من فئة معينة للقفز على السلطة، وقد نجحت المحاولة، واندثر نظام ليأتى لنا نظام آخر بنفس الآليات والتقنيات وأسلوب التعامل مع اختلاف طفيف فى الوجوه والأشكال، ولنستيقظ على قضائنا– الذى كنا نقول عليه رغم عيوبه إنه شامخ– وقد تم تشويهه تماما، والاعتداء عليه من قبل الدولة التى تحاول أن تستغل سمعته السيئة– طيلة الأعوام المنصرمة– فى القضاء عليه تماما، وإهدار دمه أمام المواطن لكى لا يبقى لنا أى ملاذ يمكن اللجوء إليه.

ويظل السؤال: إذا قام النظام الحالى بتتفيه وتهميش أحكام القضاء، وعدم الانصياع لها وتنفيذها.. فلمن نشكو؟ وبمن نستنجد إذا بطش بنا باطش، أو إذا بطش بنا النظام نفسه؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة