محمد جاد الله

أزمة السياحة فى صيف "ساخن جداً"

الأربعاء، 10 أبريل 2013 10:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن يتم إنقاذ الأوضاع المتردية فى قطاعات السياحة، والعمل على إنقاذ أقوات العاملين بها بالتمنى أو العمل التقليدى الروتينى..

حتى وإن اجتمعت قيادات تلك الصناعة، ومسئولو الدولة، ورجالات الأحزاب، والقيادات الشعبية والنقابية من فورهم فى مؤتمر كبير، يهدف لمناقشة سبل الخروج من الأزمة، فسوف ينتهى اللقاء بلقاءات وتصريحات إعلامية، يتقاذف الجميع فيها كرة المسئولية المشتعلة، مكتفين بالتمثيل "المشرف"، والتقاط الصور.

يعقب ذلك الزحف فى أوقات الاستراحة إلى بوفيهات الطعام "السياحية" الفاخرة، وتبادل أحاديث جانبية لا علاقة لها بهدف المؤتمر.

هكذا جرى العرف عامة فى المؤتمرات المصرية على كافة الأصعدة، لا داعى لأن تصيبنا تلك الكلمات بالإحباط المسبق، فهكذا كان الحال، وهكذا سوف يكون إن لم نكافح فى رفض التعامل مع قوالب تطوير "المظهر والكم" المتكلسة التى نشأنا فيها، وشرعنا فى وضع خطط تطوير "الجوهر والكيف".

فالاهتمام بتطوير السياحة فى العقود الأخيرة، جسده "التطوير الكمى" المتمثل فى زيادة عدد الفنادق والمنتجعات السياحية، وزيادة عدد السائحين الوافدين، وفتح أسواق سياحية جديدة، وجذب وتشجيع المستثمرين، وتخريج وتوظيف الآلاف سنوياً من العمالة المدربة فى مجالات تلك الصناعة.

إضافة إلى "التطوير المظهرى" المتمثل فى تجميل الأماكن والشوارع التى يرتادها السائحون، وإنفاق الملايين من الدولارات على مظاهر الأبهة والترف فى الفنادق، وتطوير الأماكن السياحية والأثرية من خلال مناقصات ومزايدات حكومية شيمتها الفساد المركب.

أما الجوهر وهو "حال الإنسان" الذى يعمل فى مجال صناعة خدمية كتلك، وكيفية تطوير وضعه والمحافظة على حقوقه، فلا يجد من الدولة والمستثمرين دعماً فى وقت الأزمة.

إتباع ما أترفنا فيه مجتمعياً من "التطوير المادى الزائف" على كافة الأصعدة فى هذا المجال، لم يأت بخير فى العقود الأخيرة المليئة بالأزمات والكوارث الخارجية والداخلية على رأس القطاع والعاملين به، فتحولت السياحة بذلك إلى قنبلة إنسانية تراكمية، تنفجر فى وجه من يحاول أن يقترب منها كى يتعامل بجدية مع أزماتها.. وهذا ما نحيا الآن فى عواقبه..

ونحذر من أن الاستمرار فى تجاهل البحث عن حلول لأزمات "الناس" لن يأتى بخير، فى هذا الصيف "الساخن جداً"، فالأخذ بنفس المسببات يؤدى إلى نفس النتائج.

وفى أوقات الكوارث لا تجدى محاولات الإنقاذ مهما عظمت دون فهم للمسئوليات المنوطة بكل جهة معنية، ودون تنسيق فعال بين تلك الجهات.

فعلى المدى القصير والمتوسط يجدر بوزارة السياحة وضع خطة إنقاذ غير تقليدية فى مجال الترويج السياحى، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، تفعيل مبدأ اختيار الكفاءات الأمثل لشغل مناصب الملحقين السياحيين المسئولين عن خطط الترويج السياحى للمنتج السياحى المصرى، وذلك بنظام المسابقات الخالية من الوساطة والمحسوبية والحسابات البيروقراطية العقيمة.

ومن المكاسب المتوقعة لذلك تقويض دائرة الفساد التى تشوب اختيار وتعيين موظفين يتقاضون آلاف الدولارات واليوروهات لسنوات يقضونها فى الخارج فى أداء عمل روتينى لا يؤتى ثماره المرجوة.

ويجدر بوزارة التعليم العالى بنفس المعيار، أن تختار لمنصب الملحق الثقافى فى السفارات المصرية، شخصيات أكاديمية ذات سمات ثقافية فوق العادة، يجعلون لمسماهم الوظيفى معنى حقيقياً، ولا تكون إقامة حفلات الكوكتيل والإشراف على ميزانيات منح الدارسين المصريين فى الخارج أكبر همهم، أو مبلغ علمهم عن دور الثقافة بقوتها الناعمة فى دعم الترويج السياحى.

ويجدر بالقائمين على نقابة المرشدين السياحيين، أن يجتهدوا فى إعادة "ترتيب البيت من الداخل"، والضغط المستمر على صناع القرار فى الحكومة من أجل التعجيل بمناقشة حزمة مشاريع القوانين الفعالة، التى تهدف لتحسين أوضاع المرشدين المنتمين لها، فهم سفراء لقوة مصر الحضارية الناعمة، ثم الكفاح من أجل عرضها على البرلمان القادم للمصادقة عليها فور انعقاده.

ويتحتم على كل النقابات المهنية للعاملين بالمجالات السياحية دون استثناء، أن تعمد أولاً للتنسيق الجاد فيما بينها، ثم تكوين لجنة منسقين دائمة الانعقاد، تهدف لتشكيل جبهة إيجابية للتواصل المثمر مع مجالس إدارة الغرف المختصة بالوزارة، وأصحاب الشركات والاستثمارات السياحية، فآفة العاملين بقطاعات السياحة هى الفرقة التى بينهم.

وأهيب بلجان السياحة فى الأحزاب المصرية، أن تدرك دورها فى مرحلة التأسيس الدقيقة التى تمر بها مصر، بأن تنشط باستماتة للمساعدة الفعالة، ليس لخدمة حسابات سياسية وانتخابية ضيقة، وإنما من أجل خدمة الهدف القومى الأسمى.

المشكلة لا تكمن فى "إرادة سوء" تمنع من سبق ذكرهم من تفعيل حملات مدروسة لإنقاذ أقوات الملايين من العاملين فى قطاعات السياحة..

المشكلة تكمن فى "سوء الإرادة" ونقص العزيمة، وغياب الرؤية الشاملة، الواجب توافرها فى من يتصدون لإدارة الأزمات الكبرى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

هشام الشطوري

نقابة المرشدين السياحيين

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد جادالله

اضم صوتي الي صوتك

عدد الردود 0

بواسطة:

نجوى العريقي ناشطة حقوقية

معاك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة