هشام الجخ

هكذا أراها..

الإثنين، 25 فبراير 2013 12:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بشكل مفاجئ وغير مخطط وغير منظم قامت ثورة 25 يناير..هكذا أراها أنا.. ربما كان للمؤرخين رأى آخر، وربما ستكشف الأحداث والوقائع شيئا آخر فى المستقبل.. ولكن أهم ما كان فى ثورتنا هو اشتراك جميع فئات الشعب فيها.. كل بحسب عقيدته وطموحاته وآماله ومعاناته التى يعيشها.. وكل عبّر عن ثورته بطريقته الخاصة، فمنهم من غنّى، ومنهم من رسم، ومنهم من كتب شعرا، ومنهم من صوّر الأحداث، ونقلها للناس على مواقع التواصل الاجتماعى ليحفزهم على المشاركة، ومنهم من قاتل فى الميادين أمام بطش رجال الداخلية، ومنهم.. ومنهم.. فى النهاية خرجت الثورة.. وانحاز لها الجيش المصرى وقياداته - الذين شاء القدر أن نعرف قيمتهم سريعا - وتمت الإطاحة بنظام حسنى مبارك ورجاله الفاسدين.. وانتظر الشعب أن يتغير كل شىء.. وتطلعت أحلامه لدولة مشابهة لدول أوروبا والعالم المتقدم.. وتوقعوا أن ينتهى الفساد فتكثر الأموال وتفيض الخزائن ويعم الرخاء على مصر، انتظر الإسلاميون عودة الفاروق «عمر بن الخطاب» بعدله وذكائه وتواضعه وحرصه على حرمات المسلمين ودمائهم حتى يلوم نفسه على تعثر دابة فى العراق.. وانتظر الاشتراكيون عودة «جيفارا» بتواضعه وحلمه وتحيّزه للفقراء وإيمانه بالمساواة بين العامل وبين صاحب المصنع، حتى وجدناه ينزل فى أحد المصانع ويخلع بزته الأنيقة، ليحمل أجولة القمح مع العمال، وقد كان وقتها يتقلد منصب وزير الصناعة.. وانتظر الناصريون عودة «جمال عبدالناصر» الشهم الصعيدى الذى خلق كرامة الإنسان العربى ونادى بوحدة الصف العربى وأدخل الصناعات الثقيلة إلى مصر وقضى على استفحال واستبداد الإقطاعيين وأرسل رجاله إلى كل البلدان العربية لتنال الدول العربية استقلالها من المستعمر الأجنبى.. وانتظر الليبراليون حاكما لا يفرق بين الأبيض والأسود ولا المسلم ولا المسيحى ولا الغنى ولا الفقير ولا الرجل ولا المرأة ويتعامل مع الإنسان بكونه إنسانا دون أى تمييز ولا تفرقة أمام القانون.. وانتظر العلمانيون حاكما يؤمن بأهمية العلم والتطور التكنولوجى والحضارى ويكرّس كل موارده الاقتصادية فى خدمة البحث العلمى والتطور الإنسانى وخدمة رفاهية الإنسان دون الدخول فى معارك أيديولوجية وتعصبات عرقية هدّامة.

كل هؤلاء شاركوا فى ثورة 25 يناير.. وكلهم قدموا شهداء.. وكلهم لهم تاريخ مناضل وثورى ضد الأنظمة الحاكمة المستبدة.. ولكن.. أخطر ما فى الأمر.. أنهم جميعا لهم مطالب وأهداف وطموحات ينتظرون أن يجنوها من هذه الثورة.. وهذه المطالب قد تتقاطع وقد تتوازى، وقد تتنافر مع بعضها البعض.

هنا مكمن الخطورة الحقيقى.. وهنا السؤال الأهم على الإطلاق.. هل هناك بالفعل أهداف مشتركة بين الفصائل السياسية يمكن التركيز عليها - مؤقتا - لرأب الصدع الموجود فى المجتمع المصرى حاليا ثم النظر للأهداف الأخرى لاحقا؟

وإذا كانت موجودة.. فلماذا لا تهرول إليها القيادة المصرية الحالية لنعيش ولو أسبوعين من الهدوء المتواصل الذى اشتقنا إليه؟

المشكلة الأخطر هى ألاّ يكون هناك مناطق دافئة ومشتركة بين الأطراف.. أو أن يكون الأطراف من الجهل والغباء وعدم الخبرة وعدم المرونة بحيث لا يستطيعون أن يصنعوا لأنفسهم أهدافا ومراسى يرسون عليها بشكل آمن، ويكون بها متسع لكل السفن بغض النظر عن توجهاتها السياسية.. فى حالة عدم وجود هذه المراسى.. للأسف.. سنكون قد أوجدنا لنظام «مبارك» تبريرا واضحا لاستخدامه كل وسائل القهر والعنف التى كان يستخدمها رجاله مع المعارضة.

وفى هذه الحالة سنكون آسفين على النظام المصرى الحاكم الحالى لأنه لا يرتقى لمستوى حكم مصر، وآسفين أيضا على كل التيارات المعارضة لأنها لا ترتقى لمستوى الحديث باسم الشعب المصرى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة