هشام الجخ

شكراً يا عمر

الخميس، 21 فبراير 2013 08:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى يوم الاثنين الموافق 22 أكتوبر 2012 كتبتُ مقالا فى جريدة الصباح بعنوان «رخصة الأمير فيليب».. المقال مفاده -باختصار- حادثة شهدتُها -بنفسى- أثناء زيارتى الأخيرة لـ«بروكسل» أن الأمير «فيليب» ابن ملك «بلجيكا» وولى عهدها تم سحب رخصة القيادة الخاصة به من قبل أحد رجال الشرطة لمدة شهر كامل بسبب مخالفته لقواعد المرور وانتشر الخبر فى وسائل الإعلام البلجيكية وأخذ الشعب البلجيكى يعد الأيام يوما يوم بعد فى انتظار اليوم الذى يسترد فيه الأمير «فيليب» -الذى يعشقه الشعب البلجيكى- رخصة القيادة الخاصة به.

كتبتُ هذا المقال -آنذاك- لأوصل رسالة إلى الحاكم المصرى وكل الحكام العرب عن سبب تقدم الغرب وتخلف العرب.. وتذكرت وقتها الجملة الشهيرة لشيخنا «رفاعة الطهطاوى» -التى لطالما نسبت إلى أناس غيره- عندما أرسله «محمد على» إلى فرنسا لدراسة المجتمع الفرنسى ونقل الخبرات الغربية والطرق التعليمية والاجتماعية الفرنسية إلى مصر وكتبَ كتابه المرجع «تخليص الإبريز فى تلخيص باريز».. تذكرت جملته الشهيرة «وجدت فى بلادهم إسلاما بلا مسلمين ووجدت فى بلادنا مسلمين بلا إسلام». كان المقال رسالة صريحة للنظام الحاكم تنهاه عن الوقوع فى أخطاء الأنظمة التى سبقته أو الأنظمة الحالية «الفاسدة» المحيطة به.

كان المقال رسالة للنظام الحاكم لكى يرى كيف يتعامل ملوك الدول المتقدمة وحكامها مع القانون بدون تمييز أو تفرقة أو محاباة.. هذا فيما يخص سحب رخصة القيادة فقط فما بالكم فيما يخص التعيينات وتولى المناصب القيادية والوظائف الحكومية.

خرج علينا الإعلام مؤخرا بخبر تعيين الرئيس مرسى لابنه فى إحدى الوظائف الحكومية.. وخرج علينا مناصرو النظام التقليديون والأبواق الإعلامية المعتادة لتقول لنا إن الرئيس لم يقم بتعيين ابنه، وإنما جاء تعيينه بناء على كفاءته ومهاراته وعلومه ومن خلال مسابقة للتعيين قام هو بالتقدم فيها بمنتهى الشفافية والعدل والمساواة، ولكن اللجنة التى تقوم باختيار الموظفين -للأسف- لم تجد فى شباب مصر -كلهم- ممن يحملون الدراسات العليا من جامعات أجنبية مشهود لها فى العالم وممن تخرجوا منذ سنوات طويلة وعملوا فى سوق العمل الحقيقى لسنوات ولكن للأسف لم يكونوا على قدر ذكاء وموهبة ونبوغ ابن رئيس الجمهورية الذى تخرج العام الماضى فى جامعة الزقازيق.

وبغض النظر عن الأخبار التى تم تداولها عن ارتفاع أجر الوظيفة وسواء كانت هذه الأخبار صادقة أم كاذبة فالقضية لا تكمن فى ارتفاع أجر الوظيفة وإنما فى المبدأ فى حد ذاته.. نحن فى مجتمع يعانى من البطالة.. ونُعتبر أكبر مجتمع عربى طارد للعمالة وخاصةً العمالة الشابة.. وهناك ملايين الشباب فى سن الثلاثينيات مازالوا يبحثون عن فرصة عمل.. ثم يخرج علينا سيادة الوزير فى وسائل الإعلام ليقول للشباب المصرى إنه فوجئ بقبول ابن رئيس الجمهورية لهذه الوظيفة المتواضعة!!. أى استفزاز هذا؟؟

أنا لا ألوم على «عمر».. فهو شاب مثلنا ويريد أن يعمل فى مكان يتناسب مع شهادته أو ربما يطمح لما هو أكبر.. ولا أتهم «عمر» أيضا بأى شىء فأنا أعلم عنه أنه شاب صالح وكفاه ما يتلقاه يوميا من هجوم ومعاداة وربما غيرة وحقد ممن هم فى سنه.. ولكننى أوجه كلامى لبطانة الرئيس «محمد مرسى» وللرئيس «محمد مرسى» نفسه أقول له إن تعيين ابنك بمؤهلاته هذه فى وظيفة كهذه فى توقيت كهذا.. وردود السادة المسؤولين «المستفزة جدا» التى تتحدث عن أيام «مبارك» وما كان سيكون لو أن هذا حدث فى أيام «مبارك».. كل هذه الردود والاستفزازات تزيد من حالة الغضب فى الشارع المصرى والمجتمع المصرى الذى يعانى فى الدرجة الأولى من مشكلة البطالة.

أرجوك يا سيادة الرئيس.. اختر بعناية وحرص شديدين من يتحدثون باسمك فى وسائل الإعلام.. وحذار من استفزاز الناس.. واعلم أن فى مصر -التى ترأسها أنت- ملايين ممن هم فى ظروف ابنك ولديهم الاستعداد لقبول الوظيفة بدون أن يكلفوا السادة المسؤولين عناء المفاجأة. ولا أنسى طبعا أن أوجه الشكر لـ«عمر» لأنه أعلن على صفحته أنه تنازل عن الوظيفة التى أثارت حفيظة الشباب المصرى. واضح جدا أن الشباب يتعلمون بشكل أسرع بكثير من أصحاب «الكرافتات الأنيقة».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة