محمد بركة

امرأة هزت عرش باسم يوسف!

الأحد، 17 فبراير 2013 06:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعود إلى كتاب «سياسة بالمكسرات» للساخرة هبة عبدالعزيز كما يعود الظمآن إلى نبع يفيض بالماء العذب وسط تلال من الصخور القاحلة! هذه كاتبة قررت أن تمشى على الأشواك، وتقول وهى بنت الأهرام المحافظ الوقور للأعور إنه أعور وفى عينه!! فى كلمة الغلاف الخلفى للكتاب الصادر عن دار «بيت الياسمين» تقول هبة: حين دخلت المطبخ هذه المرة، وقررت أن تكون الوليمة العامرة بما لذ وطاب من النوع السياسى الحراق، كان لابد أن أهتف: استعنا ع الشقا بالله.. ارتديت المريلة وشمرت عن ساعدى وبدأت فى تجهيز طواجن السلف وصوانى الإخوان وسلاطات الليبراليين ومشروبات العسكر و«حلو» الثوار.. وحين انتقلت إلى مائدة الطعام فوجئت بغياب كرسى حواء وهتفت بصوت بديع: إحنا آسفين يا وديع، ويبدو أن هتافى وصل إلى مسامع د. حمزاوى، فرد قائلا: ليس هكذا يُسلق الدستور.. بينما أومأ «حمدين» برأسه وتساءل مستنكرا: هل هذا هو مفهومكم للعدالة؟ أما شيخنا الجليل فأشهر إصبعه السبابة فى وجهى محذرا: عيب.. احتشمى!

وبصرف النظر عن تداعيات ما حدث بعد ذلك، أتمنى لكم كتاباً مقبولاً وقراءة شهية.. بهذا الأسلوب الذى يفيض دفئاً وسخرية وبساطة تبدو «هبة» على الورق كما هى فى الواقع: عفوية، تلقائية، جريئة، تهوى الصدام وترفع شعار: «طُز» فى وجه السلطة والمتسلطين، وإذا كانت على استعداد بأن تستمع لمن يؤكد أن الشياطين تحوم حول القصر الجمهورى، فإنها ترفض بالتأكيد أن تصدق أن جبهة الإنقاذ تقودها مجموعة من الملائكة!!

تقول هبة عبدالعزيز فى الأسطر الأولى لمقدمة الكتاب: كما خلقنى الله كائنًا ليليًا لا تستيقظ ملكات التأمل والتفكير لديه إلا بعد أن ينام الآخرون، خلقنى أيضاً كائناً معادياً بطبيعته لكتابة المقدمات وينفر لله فى لله من الديباجات المُملة والتمهيدات السخيفة.. نعم!

بطلة إحسان عبدالقدوس صرخت فى زمن الليبرالية: لا أستطيع أن أُفكر وأنا أرقص، وهأنذا فى زمن السلفية أهمس: لا أستطيع أن أُفكر وأنا أُقدم.. سواء كان التقديم لكتاب يحمل رائحة أعصابى المحترقة أو لبرنامج توك أحصد من ورائه الملايين رغم سخافته، مما يثبت أن ثورة 25 يناير لم تقض على النظام السابق الذى كان يرفع شعار: رزق الهبل على المجانين.. وحتى لا أُطيل عليكم قولوا: لأ، طوّلى بين يدى حضرة مولانا القارئ شهادتى المتواضعة على السنوات القليلة الساخنة التى ارتبطت بالثورة «قبل وبعد» فى عمر وطن مكتوب عليه أن يخرج من «نُقرة» الحزب الواحد ليقع فى «دحديرة» التنظيم الواحد، لا تنس من فضلك أن من تقول هذه الكلمات هى كاتبة صحفية منبرها هو مقال أسبوعى بأهرام الجمعة يحمل عنوانًا ثابتًا شديد الدلالة هو «كيد النسا»، وبالتالى إذا كان باسم يوسف الذى يعاونه فريق محترف من المعدين والباحثين يبلغ عدده 46 فرداً «فى عين العدو»، فضلا على قناة معارضة توفر له إمكانيات خرافية، ومع ذلك يضحك المصريين حلقة ويخذلهم حلقات، وبناءً عليه فإن ما يسترعى التأمل والتحية، هو قدرة جيل جديد من الكاتبات الساخرات على وضع أياديهن الناعمة المثقلة بطلاء الأظافر الأنيق فى عش الدبابير لينتزعن حقهن فى التعبير الحر الجسور عن الرأى من براثن الفكر القديم فى المؤسسات القومية التى لم تملك سوى أن تستجيب ولو بدرجات متفاوتة لنداء التغيير.

ومرة أخرى يتأكد لنا أن حواء هى بطلة المشهد الثورى حقًا وصدقًا، ليس فقط لأنها أم الشهداء وزوجة من فقدوا أعينهم وأخت من تعذبوا فى معسكرات الأمن المركزى ومستشفيات الصحة، بل أيضاً لأنها مشعلة الحرائق فى رداء الطغيان ومثيرة الحماس فى نفوس انطفأت يأسًا واستسلامًا.. وليس غريبًا أن ميليشيا التحرش تترصد حرائر التحرير، فتكون النتيجة أن ينزلن الجمعة التالية وهن أكثر عدداً وتسليحاً، تمامًا كما أنه ليس غريباً أن تصل هبة عبدالعزيز رسائل تحمل تهديداً بالقتل وتكفيراً مباشراً، فتكون النتيجة أن تزداد نبرة الحق سطوعًا فى المقال التالى!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة