هشام الجخ

أتمنى أن تكون مسألة وقت..

الإثنين، 11 فبراير 2013 09:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكثر ما يؤلم الإنسان أن يطعنه شخص آخر فى صلب عقيدته..
كثرت الخلافات السياسية فى الآونة الأخيرة..وظهرت مسميات جديدة على المجتمع المصرى وتصنيفات سياسية متعددة.. بالتدريج تحولت هذه التصنيفات إلى تعصبات أيديولوجية وعرقية وظهرت حالة من التصنيف والتبويب للأشخاص غير منطقية وغير حقيقية ودخلت على الأسرة الواحدة حالة من التقسيم السياسى بلغت من الحدة والتعصب أن أصبح مذهبا ومنهجا يستحق الجدال والنزاع والصراع والتعصب.

هذه الظاهرة الجديدة على المجتمع المصرى بدأت فى النمو والتضخم حتى وصلت إلى الدين والعقيدة.. وأصبح من يدافع عن وجهة نظره السياسية يتعامل مع الآخر وكأنما يدافع عن دينه وعقيدته بينما فى الحقيقة هى خلافات سياسية تقبل النقد والخلاف ولا ترتقى أبدا للصراع العَقَدى..

فى المقاهى أجلس وأستمع إلى النقاشات السياسية وأراقب البسطاء من الناس وهم يتحدثون فى أمور سياسية ويدافعون عن وجهة نظرهم بحدة.. وأرى منهم صبرا وكفاحا ومثابرة لا توصف فى محاولة إثبات وجهة نظرهم.. ولا يمانع أى شخص أن يقحم الدين وما تيسر له من آيات القرآن الكريم أو ما يحفظ من الأحاديث والسنة النبوية لإثبات وجهة نظره وتدعيمها..

الغريب فى الأمر أن أحدا من المتجادلين لا يغير وجهة نظره فى نهاية الحوار..حتى لو استمر النقاش لساعات طويلة.. فإن كلا من المتحاورين ينهى حواره على نفس اقتناعه ونفس إيمانه.. هذا طبعا إن لم يسفر الحوار عن مشادات ومشاحنات بين الأطراف.

لقد أصبح الحوار السياسى المصرى شيئا مملا وعقيما.. وأصبح المصريون -كلهم- خبراء ومحللين سياسيين.. وتحولت حوارات المصريين من كرة القدم إلى السياسة ومن الأهلى والزمالك إلى الإخوان والليبراليين.. وللأسف اعتنق الناس نفس الأسلوب المصبوغ بلهجة مشجعى كرة القدم فى الحوار.. فلا الأهلوية أصبحوا يشجعون الزمالك ولا العكس.

الحوار السياسى فى الشارع المصرى أصبح حوارا بليدا عقيما يدور حول نفسه ولا ينتهى إلى شىء.

ربما كانت هذه الظاهرة صحية.. ستأخذ وقتها ثم يعتاد الشعب المصرى على الحوار المثمر.. وربما كان هذا النسق من السمات المميزة للشعب المصرى الذى عبد حكامه على مدى عقود طويلة.. لا أحد يعلم.

ولكن الحقيقة الوحيدة التى لا ينكرها أحد -حتى الآن- أن الشعب المصرى من الشعوب القلائل جدا التى تستطيع أن تحقق المعجزات -وقد حققت بالفعل معجزات شهد لها التاريخ- ولكنها تعجز تماما -حتى الآن- عن خلق حوار ينتهى بإقناع الآخر.

سنظل ننتظر اليوم الذى يتعلم فيه المصريون كيف يديرون حواراتهم بدون تعصب وبدون تطرف وبدون إقحام الدين الحنيف فى نزاعات سياسية تكفّر الآخر وتلجم لسان المعارضة خوفا من اتهامها بالكفر والزندقة.
وقتها فقط سنكون قد وصلنا إلى الفكر الراقى والمدينة الفاضلة التى نحلم بها جميعا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة