هشام الجخ

عندما يتحول الحب إلى مشكلة

الأحد، 01 ديسمبر 2013 11:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحب هو كل المشاعر.. الغيرة والغضب والخوف والصبر والسعادة والتملك والشغف والفرحة والحزن واللهفة والفخر والنشوى والعطش والرغبة والاحتواء والتفرد.. و.. أصعب ما فى الحب هو الشعور بأن الشىء الذى تحبه قد تغير.. حتى ولو كان قد تغير للأفضل يظل فى ذاكرتك هذا المشهد القديم.. ويظل شعورك بالحنين لهذا المشهد يؤرقك رغما عنك. أنا أرى فى الشارع المصرى وجوها كثيرة تحب مصر وتشعر بالحنين لها على هيئتها قبل ثورة 25 يناير.. هذه الوجوه - للأسف - تحاول إعادة مصر بشكلها المجتمعى لفترة ما قبل الثورة.. وهذه المحاولات لا تنبع من كُره هذه الفئة للثورة أو لمصر وإنما أستطيع أن أرى فى محاولاتهم العودة بمصر لما قبل ثورة يناير نوعا من أنواع الحنين والحب الجمّ والفياض الذى أحبوه لبلادهم فى هذه الفترة التى يراها معظم الشعب المصرى من أكبر فترات الفساد والتجبر.هناك العديد من المصريين ما زالوا يشعرون بالحنين والتقدير والاحترام والإجلال لفترة حكم أسرة «محمد على» وينظرون لـ«جمال عبدالناصر» وكأنه خائن وانقلابى، وأنه أفسد الأراضى الزراعية وفتّتها وسلّم كل مقاليد الاقتصاد المصرى إلى العسكر وأدخلنا فى حروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل ولم يعد العدة للحرب كما ينبغى.. هؤلاء «العديد» لا يكرهون مصر ولا شعبها ولكنهم يميلون بقلوبهم وبوجهات نظرهم التى يؤمنون بها إلى دعم فكرة التوريث لأن التوريث يجعل من الحاكم رجلا حريصا على بلده وشعبه لكى يترك من بعده إرثا قويا لأبنائه وأحفاده الذين سيصبحون ملوكا لهذا البلد.. وبالتالى يفنى عمره فى خدمة الوطن حرصا على تسليم أبنائه لعرش حكمهم قويا وثابتا.. هذه وجهة نظر موجودة ومنتشرة بين فئة كبيرة ممن لم يعانوا بطش الحكم الملكى وجبروته وفساده، ولا يمكننا أن نتهمهم بالخيانة أو العمالة أو كره مصر.. وكذلك الفئة التى لم تعانِ من مساوئ حكم «مبارك» ستجدها تحب مصر.. ولكن مصر «مبارك».. مصر خاصة بهم.. عاشوها هم ونعموا بخيرها وأحبوها وما زالوا يشعرون بالحنين لها ويودّون لو تعود مرة أخرى ويستيقظون من نومهم فيكتشفون أن ثورة يناير والسنوات الثلاث التى تلتها لم تكن إلا كابوسا طويلا واستيقظوا منه وانتهى الأمر.. طبعا سنجد هذا مع أنصار ومستفيدى نظام «مرسى» أيضا.

الخلاصة.. أن كلاً منا يحب بلده.. بلده هو.. بلده الكامنة بداخله والتى نشأ عليها من وجهة نظره ورسمها فى قلبه بناءً على تربيته وخبراته المتقادمة ولا يمكن أبدا أن نتهم أحدا بأنه لا يحب بلده، ولكن المعضلة تظهر فى رفض التغيير.. وفى إصرار المحب أن تكون محبوبته دائما أبدا كما أحبها أول مرة.. وإذا تغير شكلها وسلوكها الاجتماعى أسقط عنها هذا الحب وكرهها.. هذه هى أكبر مشكلة فى الحب.. الحنين إلى الماضى الذى لن يعود أبدا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة