هشام الجخ

إن فاتك الميرى..

الأحد، 17 نوفمبر 2013 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتظار الفرص بشكل كسول وإلقاء اللوم على الدهر والنصيب والظروف وما شابه هو آفة المجتمع المصرى وآفة الشباب المصرى.. طبعا ليست الآفة الوحيدة، ولكنها آفة مهمة وقوية ومؤثرة وملفتة فى مجتمعنا، أذكر عندما تخرجت فى جامعة عين شمس سنة 2003 وتم تعيينى فى الجامعة أننى كنت أتعامل مع الحدث على أساس كونى من المحظوظين المعدودين الذين سمحت لهم الأقدار أن يتم تعيينهم فى الحكومة، وكان أترابى ينظرون لى بغبطة وحسد وربما غيرة لحصولى على وظيفة حكومية مرموقة «مشرف على الأنشطة الثقافية بجامعة عين شمس».. وعندما قررت الاستقالة من الجامعة سنة 2009 والتفرغ للشعر ثار علىّ أصدقائى المقربون واتهمونى بالجنون والرعونة وسوء التخطيط واجتهدوا فى تذكيرى بميزات الوظيفة الحكومية وهيبتها واستقرارها وضماناتها ومكافأة نهاية الخدمة والتأمين الصحى والعلاج المجانى.
كنتُ أسمع أصدقائى - المتهافتين على الميرى - ويقترب ضميرى لتصديقهم رويدا رويدا، ولكن شيئا ما فى صدرى كان يردنى إلى المغامرة.. شىء ما فى شخصيتى كان يقنعنى بأن مكانى ليس هنا.. ليس فى الغرف المغلقة وخلف المكاتب وأكوام الملفات والدوسيهات.. شىء ما كان يحركنى نحو الحلم.. نحو هشام الجخ الشاعر النجم الذى سيتقاضى - وهو فى أوائل الثلاثينيات من عمره - فى حفل واحد ما يتقاضاه أساتذته الموظفون عندما يبلغون سن الستين سنة كمكافأة نهاية الخدمة.. هذا توفيق الله ونعمته فى الأول وفى الآخر.. ولكنها حصيلة المغامرة والنظر فى الذات بشكل عميق والبحث عن ميزاتك الحقيقية التى منحك الله عز وجل إياها دونا عن غيرك.. أذكر عندما شاهد علىّ أصدقائى إصرارى على الرحيل من الوظيفة الحكومية ذهب بعضهم إلى الحلول الوسط.. طلبوا منى تقديم إجازة مفتوحة بدون مرتب لأتمكن من العودة وقتما أشاء إلى وظيفتى الحكومية مع الحفاظ على درجتى المالية «الثالثة» فى دفاتر الدولة.. كان عرضا ساذجا وسطحيا بالمقارنة بأحلامى آنذاك.. كنتُ أحلُم بالفنان وبالشاعر، وأضع لهما سعرا أغلى بكثير من الدرجة المالية والمكافآت والحوافز والبدلات.. كنت أثق فى نفسى وفى قدراتى وفى مقدرتى على التغيير وعلى العمل وعلى الاجتهاد والصبر والنحت فى المستحيل.. أكتب مقالى هذا لكل شاب مصرى يعرف قيمة نفسه وقيمة وقته ومدى القدرات التى منحه الله إياها ليتميز بها لينفع بها نفسه ووطنه والمحيطين به.. الفرص لا تأتى على طبق من ذهب.. والطريق لا ينفرج بسهولة.. والناجحون هم من يستيقظون مبكرا وينامون متأخرين.. وسن العشرينيات والثلاثينيات هو سن المخاطرة والمحاولة والفشل والتكرار والإصرار وصولا إلى النجاح فى النهاية.. إذا لم تكن جميلا فى العشرينيات.. قويا فى الثلاثينيات.. غنيا فى الأربعينيات فلن تكون شيئا فى الخمسينيات.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة